كيف ينظر اليعربي العلج إلى المرأة ؟



جهاد نصره
2006 / 5 / 27

بعيداً عن السيوف والمحظورات التي تستجلب المواجهات، والمجابهات.. نستجم قليلاً فنلقي نظرة ناعمة على موضوع ناعم.. وكيف لا يكون الحديث عن المرأة محطة استجمام والعرب مشهود لهم في هذا الميدان الفسيح بالفحولة الصحراوية التي بزَّت فحولة الإفرنج، ودوخَّت صناديدهم.. وإلا لماذا جمع الأعراب بلا استثناء عدداً كبيراً من النساء ما بين زوجات، وخليلات، وأسيرات وهدايا من كافة الأعمار..؟ فاليعربي السيد، والمالك، والبعل.. هو إبن البيئة القفر التي تتسم بالقساوة، والحر الشديد، والبرودة القارسة.. وتتميز بالضخامة، والفلاة الوسيعة، والحيوانات المكتنزة.. فكيف وقد فتح عينيه على هذه المظاهر لا يرى في كبر الحجم مثلاً هو النموذج المرتجى في كلِّ شيء..! لذلك ليس غريباً أن يرى في ضخامة، واكتناز، وامتلاء المرأة شروط الجمال والحلاوة التي تبهره.. قال عمرو بن كلثوم : ومأكمة يضيق الباب بها وكشحاً قد جننت به جنوناً (المأكمة = العجز)

وهكذا كانت عجيزة المرأة هدف لليعربي أينما حلَّ ومن غيرها لم تكن المرأة تحوز على رضاه..! وقد عرف عن اليعربيين محبتهم للارتفاع، والامتلاء، والغلظ، والسمن، والثقل في كل أعضاء المرأة بلا استثناء حتى العيون.. وقد حثّوا نسوا نهم على وضع الكحل لأنه يوهم بسعة العين وكبر حجمها.. وقد كانت الأعرابية يصيبها الخوف على مستقبلها إذا اكتشفت أنَّ عجيزتها ليست بالحجم المطلوب لدى اليعاربة..! ومن لا يذكر ما قاله الشاعر عمر بن أبي ربيعة : إذا ما دعت أترابها فاكتنفنها تمايلن أو مالت بهن المآكم (جمع مأكمة : مآكم = العجز ومعنى البيت : مالت بهن العجيزة لثقلها)

وبسبب من أن الناقة كانت من أهم الضرورات في حياة العرب فقد تداخلت في معيشتهم، وتماهت فيها إلى درجة أنهم كانوا ينظرون إلى المرأة من خلالها، ويأتي في المرتبة الثانية الفرس.. وقد نقل الأعراب نفس الألفاظ - أسماء كانت أم صفات - التي كانوا يستخدمونها في دنيا البعير والخيول إلى فضاء تعاملهم مع المرأة.. فعلى سبيل المثال نذكر من أوصاف عيون الخيل : نجلاء، وكحلاء، وغائرة.. فمثلما كان الأعرابي يستملح في فرسته العيون الكحلاء، والنجلاء، والشجراء.. فقد كان يعتبرها ميزةً لا بد من توفرها عند المرأة.. فإذا وجدت المرأة حاجبيها كثيفين، عمدت إلى نتفهما ليصيرا دقيقين وذلك لأن العربي يفضِّل دقة الحاجبين في الفرس.. لقد حاولت المرأة العربية دائماً أن تعيد تشكيل جسدها ليشبه بدن الناقة أو الفرس كما يرغبها اليعربي، فإذا كانت عجيزتها صغيرة، عملت على تكبيرها.. وإذا كانت ممسوحة الصدر، أسرعت إلى وضع عظَّامة لتبدو ذات ثديين ناهدين.. وإن لم ترزق بعيون كحلاء فإنها تعِّوض ذلك بالكحل.. والطريف أن العربي كان يكره العيون الزرقاء ويعتبرها مدعاة لسوء الطالع، وجلب النحس، لكنه عندما غزا الأندلس فتن بفتيات الفرنجة لزرقة عيونهن فانصرف مع أسياده للتمتع بهن إلى أن تمَّ طردهم منها شرَّ طردة..!

لقد أطلق العربي مئات النعوت، والأسماء، والصفات على المرأة وأعضاء بدنها.. وكلها نابعة من حياته في بيئة جغرافية قاسية، ومعاشرته لمختلف أنواع الحيوانات التي ملكت عليه جميع حواسه.. لذلك، عندما التفت إلى المرأة فإن حازت على المزايا التي يستملحها في الناقة، والفرس، غدت عنده أثيرة.. أما إن باينت صفاتها، وخالفت نعوتها، فإنها تغدو كريهة منبوذة.. وكما أن الإبل ترعى كل شيء نابت في البراري مما لا يرعاه سائر البهائم، كذلك كان اليعربي يأكل ما يأنف غيره أكله مثل الجراد، والضب، واليربوع، والخنافس، والجعلان.. لقد وصلت المعاشرة إلى التأثير المتبادل، فإذا اغترب البعير عن موطنه سُمع له رُغاء، وحنين يماثله في ذلك اليعربي في تحنانه لموطنه، ومسقط رأسه.. نعم لقد امتزج اليعربي مع بعيره امتزاجاً مذهلاً حتى يمكن أن يقال : إن هناك عملة واحدة لها وجهان..! ومع ذلك فقد أطلق اليعربي على شعوب البلدان التي أنتجت الحضارة قبل آلاف السنين كالفينيقيين، والآشوريين، والمصريين، والبابليين : العلوج وذلك استعلاء واستكباراً وهي مقلوب : العجول..! لذلك يمكن القول : إن السيد الوزير الصحاف هو علج من علوج صدام حسين وليس العكس.. وللحديث بقية