رسالة الى الدكتورات الفاضلات نهى الدرويش ومنى يوخنا ياقو وأميرة عيدان الذهب



ربيع عيسى الربيعي
2019 / 12 / 22

رسالة مفتوحة الى الأستاذات الفاضلات
د. نهى الدرويش أستاذة علم النفس وحقوق الإنسان -جامعة بغداد
د. منى يوخنا ياقو أستاذة القانون- جامعة صلاح الدين
د. أميرة عيدان الذهب - مدير عام المتاحف العراقية

تحية طيبة وبعد

أبتدي رسالتي بالتذكير بأحد أبرز شعارات ثورة أكتوبر المجيدة التي إنتشرت في معظم ميادين وسوح الإعتصامات (المرأة ثورة وليست عورة).
هذا الشعار لم يطلق إعتباطا، وإنما نالته المرأة العراقية عن جدارة وإستحقاق نظير ما قدمته ولازالت تقدمه من عطاءات سخية ومواقف بطولية ودور ريادي في ثورة شعبنا المناضل وأضافت لها رونقا حضاريا بيها.
حيث وقفت جنبا الى جنب مع الرجل في مواجهة القمع السلطوي وفي أحيان كثيرة كانت تتقدم الى السواتر الأمامية وتقود التظاهرات وتسعف وتطبخ وتنظف وتساهم بنشاطات فنية وأدبية ومحاضرات علمية وتوعوية رائعة وكسرت حواجز الخوف والأعراف والتقاليد الرجعية التي عملت على مدى عقود من الزمن على تهميش دورها في المجتمع.
لكنها أبت على نفسها أن ترضخ لهذا الظلم، فإنتفضت وثارت وأثبتت جدارتها وآهليتها لتكون جزء رئيسي وفاعل في المجتمع رغم كل الضغوطات التي واجهتها والتضحيات التي بذلتها من ملاحقة وتسقيط وإعتقال وإغتيال لكن هذا كله لن يثنيها أو يحبط من عزيمتها، بل زادها إصرار على مواصلة النضال.

المرأة العراقية لم تأخذ إستحقاها الطبيعي في قيادة البلد منذ إستقلاله الى الآن ، وحتى توزير بعض النساء في الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق كان الغرض منه دعائي ليس إلا.
والمفارقة الغريبة إن مفهوم المجتمع الأمومي قد إنبثق من بلاد الرافدين وحتى الإنقلاب الذكوري بدأ في هذه الأرض. كما إن المرأة الرافدينية قد تبوأت أعلى المناصب القيادية في العراق القديم وبرزت ملكات وأميرات وكاهنات وشاعرات خلدهن التأريخ لما تركنه من إرث حضاري ومنجزات تأريخية وثقافية عظيمة، كالملكة بوآبي (شبعاد) وسميراميس ونقية زوجة الماك سنحاريب وأداد گوبّي والدة الملك نبونئيد والأميرة الكاهنة والشاعرة والفيلسوفة أنخيدونا والامثلة كثيرة.

98 سنة حُكم العراق من قبل الذكور ولم ننل منهم سوى الإنقلابات الدموية والحروب الطاحنة والمؤامرات الدنيئة والدمار والخراب والتبعية والعمالة للأجنبي ولم ينجحوا في تأسيس بنى تحتية متينة للبلد او يوفروا الخدمات للمواطن او ينهضوا بإقتصادنا أو ينموا صناعتنا او زراعتنا أو ان يشرعوا دستور وطني يضمن للمواطن حقوقه ويحفظ كرامته الخ.

آن الأوان لأن تأخذ المرأة حقها ودورها في قيادة البلاد وكل المعطيات التي ظهرت في الثورة تشير على انها قادرة ومؤهلة تماما للتصدي لهذه المسؤولية.

الأسابيع الماضية أثبتت ان الاحزاب الحاكمة متشبثة بالسلطة ولن تستجيب لطلبات الشعب بإحداث تغيير جذري لمنظومة الحكم او للدستور أو حتى تعديل بعض مواده المتعلقة بقوانين الانتخابات والاحزاب ، مما جعل الثورة وكأنها تراوح في مكانها حيث لا يملك الثوار وسائل ضغط سوى الإضراب والتظاهر والإعتصام السلمي وهو خيار ينم عن وعي وحرص وثقافة الثوار لكن لابد من طرح خارطة طريق واضحة وتقديم مرشح لمنصب رئاسة الحكومة لتطوير نشاط الثورة وتصعيد وتيرتها.

طبعا ترشيح شخصية نسوية لقيادة البلاد لن يتم عن طريق الأحزاب الحاكمة لأسباب عدة، منها الطمع بالسلطة أو النزعة الذكورية المهيمنة على التنظيمات السياسية وعلى المجتمع بصورة عامة أو لأسباب أيديولوجية وعقائدية.

لذا لابد من تأسيس حزب جديد يولد من رحم الثورة ليتبنى مطالب الثوار ويعمل على تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم في بناء دولة مدنية مستقلة تحترم حقوق المواطن وتوفر له العيش الكريم وتثبت ركائزه الثقافية والعلمية والإجتماعية وتنمي إقتصاده وتحافظ على موارده الطبيعية وتحمي حدوده ووحدته.
وأرى إن الشخصيات المذكورة تملك المؤهلات الكافية لقيادة البلد، إستناداً الى سيرهن الذاتية الحافلة بالمواقف الوطنية ومكانتهن العلمية والإجتماعية وشخصياتهم القيادية اونزاهتهن ومهنيتهن وإستقلاليتهن.
لا أدعو لتكوين حزب نسوي لأن في ذلك تمييز جنسي لكن على الاقل ان تكون هذه الشخصيات نواة الحزب ومرشحاته لمنصب رئاسة الوزراء.
أتمنى أن تصل الرسالة الى الشخصيات المذكورة وأن يلقى المقترح إهتمامهن وقبولهن.