تحرير الرجل العربي من الرجولية الوهمية



دلال الاهوازي
2006 / 5 / 31

ان عملية تحرير المجتمع وبناء مجتمع حر وديمقراطي لن تتم الا من خلال تحرير افراد المجتمع وتنزيه وتطهير عقول نساءه ورجاله من اي مفروض غير عقلي وغير منطقي . اذن السئوال الجوهري هنا هو هل يمكن تحرير رجل المجتمع التقليدي بصورة عامة والرجل العربي بصورة خاصة بنفس الاسلوب الذي نتخذه لتحرير المراة ام يختلف الامر بالنسبة للرجل؟



عملية تحرير الرجل تختلف تماما عن تحرير المرأة. ويمكن القول انها اصعب لان الفرق بين الرجل والمرأة يكمن في هذا الامر بان المرأة مقتنعة تماما بانها لا تتتمتع بحريتها كانسان ويمكن القول ان جميع النساء متفقات القول بانهن لا يملكن الحرية التامة والشاملة في اتخاذ القرار واداره شئون حياتهن . وفي كل الاحوال رغم اننا كنساء مازلنا بعيدات جدا عن الحرية المنشودة ومازلنا نعاني من المفروضات العرفية والعنصرية والشرعية الا ان نفس ادراكنا بان هذا الوضع ليس طبيعيا واننا لا نقبل ولا نخضع لهذا الواقع المؤلم والمهين هو وحدة يضمن لنا النجاح والنصر في المستقبل.



اما الوضع بالنسبة للرجل يختلف تماما، فلوضع هنا اكثرمولما قیاسا مع المرأة. فهنا الرجل يعتقد بانه يتمتع بالحرية التامة في اداره حياته وحياة نساء حريمه كما يشاء،الرجل يظن انه يملك قدره طبيعية ونزلت عليه كتحفه من الله باسم القدره الرجولية التي تجعله ان يكون افضل واقوي واكمل من اي امراة حتي ولو كان هو اضعف الرجال و في اضعف حاله وامامه امراة من جنس الصمود والتحدي،نعم الرجل يعتقد بانه انسان حر ويتحكم كاملا باعماله وقراراته ورجوليته اعطيت له حقوقا واختيارات التي لا يريد ولا يحب التنازل عنهن لانهن يضمنن له صيانه رجوليته .



لكن نتسائل هل حقا الرجولية والاعمال والبطولات والهيمنة التي الرجل باسم الحرية يمارسها هي اعمال تنشاء من الحريه وهل صحيحا ان نسمي هذه الثقافة وهذا الوضع للرجل بانه وضع مريح.



اني شخصيا لا اري اي شيء باسم الحرية والاختيار في هذا الوضع وبرأيي اذ انت القاريء ايضا تتأمل بصورة عميقة في حياة الرجال تتفقون تماما معي بأنهم سجينين ورهينين ما تسمي بالرجولية. الرجل ابدا لا يتمتع بالحرية الحقيقية كانسان بل انه سجين حرية تقليدية التي كل ما هو فيها هو اجبار الرجل علي تنفيذ وتلبية هذه القيم.وفي الحقيقه يمكن القول ان نسبة عالية من الرجال اذ لا نقول كلهم في المجتمعات العربية مازالو سجينين هذه الحرية الخيالية. وهذا السجن يمنعهم من ان يكونوا احرار حقيقيين او يتعاملوا مع قضيه المراه بصوره عقلانية ومنفتحة. بل التناقض بين الاقوال والافعال والاغتشاش في الافكار هو حال كثير من رجال مجتمعنا. لكن ما هو سر هذا التعامل وما هو سر عدم استطاعه الرجل باحترام حقوق المراة تماما؟

برأيي سر هذا التعامل يرجع الي التحلیل الخاطي الذي علی اساسه الرجل يحترم بعض حقوق المرأة. فكثير من الافراد يعتقدون ان تطور المرأة هو السبب والدلیل الوحید لاحترام حقوق المراة وحریتها . وفي الحقيقة هؤلاء يعتقدون بان بسبب تطور المرأة وتقدمها، انهم تنازلوا عن بعض حقوقهم لصالحها. لهذا وبما ان عملية احترام حرية المرأة، تعني لهؤلاء الرجال بالتنازل عن حقوقهم والتخلي عن رجوليتهم ! يريدون منا ان نتفهم صعوبة عملية التنازل او الاستسلام (كما يتصورون هم) ولا نطلب مزيدا من التنازلات. اذن المشكله تكمن في الفهم الخاطيء من الوضع القائم فی حین برأيي الدليل الوحيد لاحترام حقوق المرأة هو انسانيتها وليس تطورها فحسب..



لهذا يجب علي الرجل بصورة عامة والرجل العربي بصورة خاصة (الذي هو محور هذا المقال) ان يدرك بأن الحرية الحقيقية ليست تنفيذ الرجولية المفروضة عليكم منذ العهود والقرون الماضية بل الحرية تعني ان يتمتع الانسان بما يفعل ويقول. ففي الحقيقة انزعاج الرجل وعدم تحمله او بالاحري عدم استطاعته علي تقبل الوضع التي تكون فيها المرأة حرة وتفعل كما يحلو لها يعني شيئاً واحدا و هو ان الرجل مازال رهينة الثقافة التقليدية المفروضة. انه مازال محروما من حقوقه كانسان.انه لا يملک الشجاعة والقدرة للتشكيك فی التقالید والاعراف التی هي مسيطرة عليه. بل یبقی من الصعب عليه قبول مقولة التطور والتغيير . لهذا وللذين يعتقدون ان الثقافة القائمة اليوم فی مجتمعنا العربي والمجتمعات الاخری إنما هي مبنية علی حرية الرجل وتعطی للرجل الحرية والادوات اللازمة لفعل اي شيء، اقول لهم بانکم مخطئون تماما وهذه الثقافة ليست مبنية علی حریتکم بل باسم الحرية والرجولية انتم مازلتم سجبنبن هذه الثقافة والتقاليد. کما أننا کنساء باسم الشرف والنظرة التقلیدیة للمرأة نعانی من مضايقات عدة ومحرومات من ابسط حقوقنا الانسانية والفردبة. لکن الفرق الموجود ببنی انا كإمرأة وبينك انت الرجل هو أنني مقتنعة تماما بان هذه الثقافة والعقلية القائمة فی مجتمعي إنما هی ثقافة مريضة وهي لاتصلح بان تکون اساسا لقراراتی وحياتی وانت تظن ان هذه الثقافة قائمة علی حريتک واحترام رجوليتک ولهذا تقدرها وتحترمها کثيرا وتخاف من التشکک فيها.



فی حين أن الحرية الحقيقية تعنی ان تکون حرا فی فعل أي شيء. لکن هل يستطيع الرجل العربي ان يفعل ويعيش کما يحلو له ؟. هل تستطيع ان تتخلی عن الرجولية الوهمیة ؟، بالطبع لا . بل بکلام واحد استطيع القول ان الرجل اکثر من المرأة يعانی من الحرمان والاضطهاد واکثر منها محتاج للاصلاح والتوعية .لهذا لابد من اصلاح وتحرير الرجل .



فهيا بنا لنعمل معا وبصدق واخلاص وشجاعة لتحریر الرجل العربي من الرجولية الوهمية وبث رائحة التحرير الحقيقية فی جسمه وفکره ليکون انسانا قبل ان يکون رجلا، فما قتل الانسانية سوی خضوعنا واستسلامنا للرجولية الوهمية والانوثة التقليدية.