لن تثنينا التهديدات بالحرب والحصار نحن مستمرات في انتفاضتنا



نساء الانتفاضة
2020 / 1 / 16

اعتدنا على الاعيب الحُكام وخدعهم التي يختلقونها عندما يرون ان لا محالة لاستمرار طغيانهم وفسادهم. وهذه الألاعيب تشمل طغاة بغداد كما وتشمل الطغاة من برجوازية امريكا
فإن حكّام بغداد وصلوا نهاية الطريق في مقاومتهم للانتفاضة، مما جعلهم يبحثون وبيأسٍ عن سبيل لاستمرارهم في الحكم.
كما وان الرئيس الامريكي دونالد ترامب وصل الى نهاية حبل كذبه وفساده وعنصريته وذكوريته، مما جعل جمهرة كبيرة من السياسيين الامريكيين يقفوا ضده ويبدأوا اجراءات عزله عن الرئاسة ؛ ولذلك فهو كان يائساً في البحث عن طريقة لصرف نظر الجمهور عن هذه المسألة، وكذلك طريقته لتبييض صفحته ومحاولة ان يبرز بمثابة "بطل قومي" يحارب الارهابيين. ومن هنا كان قراره باغتيال قاسم سليماني قبل أيام، وبضربة عسكرية عن بعد، تجاوزت كل الاعراف الدولية باحترام سيادة البلدان، وبوقاحة تجاوزت حتى الاعراف المثبتة في المجالس البرجوازية في الامم المتحدة وغيرها من التحالفات.
وقامت الجمهورية الاسلامية في ايران بتهديد ووعيد، وخلقت ذعرا في العالم حول البطش الذي سوف توجهه لدولة امريكا وحلفائها، في الدفاع عن جنرالها الذي كان في الحقيقة مديرا لكل عمليات ميليشياتهم الدموية في المنطقة. ورمت عشرات الصواريخ على الصحاري، متجنبة ان تقتل اي امريكي، لكي لا تغرق في حرب هي غير قادرة على خوضها، ومن ثم اكتفت بجريمة ايقاع طائرة مدنية عليها 176 شخص من المدنيين الابرياء، معظمهم من الكنديين، كونهم هدفا رخواً لا يستطيع الدفاع عن نفسه. وتلك الجرائم ليست صعبة او مستبعدة من قبل نظام يرتكز على خرافات القرون الوسطى، ويستغلها لسرقة واضطهاد شعبه والشعوب الاخرى.
وهذه من اهم الاستنتاجات التي توصلنا لها خلال الضربتين الامريكية والعراقية:
أولا، بان العراق ليس دولة ذات سيادة وليست لديه حكومة قادرة على اي قرار، وان العراق سيظل ساحة معركة بين قوى الطغيان والامبريالية العالمية والاقليمية. وان الحكومة العراقية مهمتها الوحيدة هي قمع عشرات الملايين من العراقيين وسرقة اموالهم وتقسيمهم على اساس الدين والطائفة والقومية والجندر، محولين نصف المجتمع من النساء الى عبيد وجواري، وشريحة الشباب الى مادة للاقتتال الميليشياتي، وتتقاضى الحكومة على ذلك اموال طائلة كان يجب ان تكون مخصصة لسكن وطعام ورفاه الجماهير في العراق.
ثانيا، بان حكومة العراق تبيع النفط الى العالم وتذهب الاموال التي يجنيها هذا البيع الى البنك الفيدرالي الامريكي، حيث تقرر الحكومة الامريكية المجالات التي سوف يتم صرف هذه الاموال عليها؛ اي بكلمات اخرى، ان اموال ومقدرات المجتمع العراقي بيد الحكومة الامريكية والتي نصّبت حكومة عراقية لكي تقمع الجماهير في العراق عن ان تداعي باموالها من المستعمِر الامريكي. وان هذه الظروف لا تختلف كثيرا عن ظروف المستعمرات في بداية القرن السابق.
ثالثا، بان الحكومة العراقية شكلية لا تملك القرار لا بأجوائها ولا بأمنها ولا بأموال النفط، ولكنها فقط حكومة تصريف اعمال ومصالح المحتل الامريكي والمحتل الايراني الاسلامي الى حد ما.
رابعا، بان سيطرة الجمهورية الاسلامية في ايران على الحكومة العراقية لم يكن بالضد من رغبة وارادة الاحتلال الامريكي، بل ان هناك بروتوكولات تعاون اقتصادية وسياسية حساسة، وتحتاج الى التعديل من وقت لآخر.
ويبدو ان الاحتلال الامريكي قد قرر ان يطلق يد الميليشيات الاسلامية في قمع واضطهاد النساء والشباب على مر 16 عاما لكي يتسنى له الاستمرار بضخ اموال النفط الى البنك الفيدرالي الامريكي. ويظل السؤال الرئيسي هو: كيف نتخلص كنساء وكمجتمع من ظلم القرون الوسطى الذي حلّ على رؤوسنا؟ وكيف تتحرر المرأة من قيود قالب (الودود الولود) المفروض عليها وكيف نتخلص من كافة انواع الحجابات المفروضة علينا، وكذلك كل انواع التهم الاخلاقية الموجهة ضدنا بسبب ومن دون سبب.
لن نستطيع نحن النساء ان نتحرر ضمن مجتمع مستعبد، بل وتترافق حريتنا مع حرية المجتمع بأكمله من قيد الفقر والطعام والسكن وانعدام الاحترام وانعدام الثقافة. والسبيل الوحيد لذلك كله هو الانتفاضة على كل ما هو قائم في الدولة، ولغرض بناء دولة المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وان تنظيم ذلك بحيث يجلب نتائج يمكننا الحفاظ عليها لا يمكن ان نضمنه من دون حركة سياسية تنظم نفسها في جماعات واحزاب، ولذا فان شعار "كلا كلا للأحزاب" هو سلاح ذو حدين، والحد الاكثر خطرا يتوجه ضد الجماهير.