المساواة في الميراث



زياد ملكوش
2020 / 1 / 24

ما ان تقول ان الاسلام يساوي بين حصة الرجل والمراة في الميراث حتى يستنكروا ذلك ويكرروا آيةَ "للذكر مثل حظ الانثنيين " بدون ذكر باقي الآيات المتعلقة بذلك وبتكرار نفس التفسير الخاطئ القديم 1400 عام والذي مافتأ من يسمون علماء الدين يرددونه ولا زالت المناهج المدرسية والاهالي تعلٍمه ويؤيده الازهر وكل مايُسمى كليات الفقه والشريعة يتبعهم قوانين الانظمة بما فيها المحاكم الشرعية وبالطبع المجتمع الذكوري المهيمن والمستفيد مع نساء خاضعات ، كذلك لا ياخذون بعين الاعتبار تغير الظروف وان حال العلاقات بين الجنسين وطبيعة المجتمع والعمل قد تغيرث كثيرا وان ماكان مقبولا في القرن السابع لا يمكن ان يظل مقبولا في القرن 21.

جميع الآيات التي وردت عن قسمة الميراث في المصحف/سورة النساء حسب ترتيب نزولها :

لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)


نرى ان الآية الاولى 7 التي نزلت بخصوص الميراث تقول ان للرجال نصيب (1) وللنساء نصيب (1) ونصيب تعني حصة، هذا يعني بشكل واضح وصريح ان للرجال والنساء حصص متساوية، وهذه الآية يتم كثيرا تجاهلها والقفز للنص الشهير من الآية 11 "للذكر مثل حظ الانثنيين" واعتبار ان معنى "حظ" هو حصة بينما المعنى الصحيح لحظ هو "احتمال" وهذا يعني انه من الممكن ( وليس المفروض ) ان تاخذ الانثى نصف حصة الذكر، وبعد ذكر تفاصيل القسمة في هذه الآية والتي تليها (12) يقول الله في الآية (13) "تلك حدود الله" و(حدود) تعني فواصل او كما تعني حرفيا: (حدود ) بينما حولها المفسرون والمفتيين الى مصطلح شرعي يعني عقوبات لكي يحًرفوا المعنى الصحيح ولكي لا تؤكد وتوضح هذه الكلمة لماذا قال الله نصيب (حصة) في الآية 7 ثم حظ (احتمال) في الآية 11. المعنى الصحيح واضح / وليس بحاجة الى تفسير مثل جميع الآيات التي تبين الفروض والمحظورات والموجهة لجميع الناس/ وهو ان للرجال والنساء حصص متساوية في الميراث ولكن من الممكن ان تاخذ الانثى نصف حصة الذكر كحد ادنى، اي انه مسموح بهذا الحد الادنى مخالفة القاعدة الاساسية بان للرجال حصة مما... وللنساء حصة مما... ومتى؟ المنطق السليم يقول ان هذا لظروف معينة كان يكون الرجل الوارث فقيرا والمراة الوارثة غنية مثلا ، وهذا متروك للدولة ان تنظمه ضمن قانون مدني. وهنا لا نريد الخوض في الرواية التي تقول ان عمربن الخطاب قال للرسول بعد نزول الآية 7 ان العرب غير معتادين ان ترث المراة فنزلت بعد ايام الآية 11، لانه لوصحت هذه الرواية فهي تعني ان الله بغير رايه ويستجيب للمحتجين لرسوله او ان النبي محمد هو مؤلف القرآن ويغير في احكامه حسب ردود فعل الناس (هذا مع اعتبارالتفسير الساري صحيح ) وبالطبع ليس هذا وذاك صحيحا. ومما يتوجب ذكره هنا بالرغم انه لا يتعلق بالموضوع انه قد الغاء حق الموروث بالوصية متجاهلين تماما النص تم الصريح لله الوارد مرتين في الآيات المذكورة (من بعد وصية) ناسخين ذلك بحديث منسوب للرسول.


قبل ظهور الاسلام وبعده كان الرجل هو المعيل فهو الذي يشارك في الغزوات/الفتوحات ويجلب الغنائم او/و يمارس مهناً اخرى ، وقلما كانت المراة تعمل إلا بما يخص الامور المنزلية او الزراعية وبناء عليه كانت تُعتبر مواطنة من الدرجة الثانية او حتى الثالثة بعد الاولاد الذكور. هذا الوضع بدأ في التغير في القرن الماضي بعد ان حصلت المرأة على الحق في التعلم والدراسة التي كانت حكرا للذكور ودخلت سوق العمل واصبحت تجني دخلا يوازي او يزيد احيانا عن دخل الرجل. لم يعد من داع لان يتمتع الرجل باي امتياز عنها.


بدات النساء بطلب المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والعمالية ومنها الحقوق المدنية خاصة مايتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الابناء، لكن ذلك جوبه بسياسة المجتمع الذكورية وبرجال الدين، هؤلاء الذين لازالوا متمسكين بتفاسير الاوليين التي انتهت صلاحيتها، وليس فقط بحقوق المراة وانما بكامل المفهوم المتكلس وكان يتم مهاجمة وتجريم وحتى تكفير اي فكر جديد متنور بداً من المعتزلة ( الذين قُمعوا) الى محمد شحرور الذي توفي مؤخرا مرورا بمحمود محمد طه ( أُعدم بتهمة الردة) ومحمد اركون ونصر حامد ابو زيد ( تم تكفيره وفسخ عقد زواجه) وغيرهم.


تبنى رئيس تونس الراحل مشروع المساواة في الميراث، وبدون اعتبار دوافعه الانتخابية اوغيرها وعن كونه من الطبقة السياسية البرجوازية القديمة فمبادرته شجاعة ومحقة ولو تحققت في تونس للحقت بها المغرب ثم الجزائر فالمشرق العربي. على اية حال عاجلا ام آجلا، رضي رجال الدين والذكور عموما ام ابوا فالتغيير قادم وستاخذ المراة العرببة حقوقها كاملة في دولة/دول مدنية علمانية ديمقراطية يكون فيهاالجميع متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجنس والعرق والدين .


شيكاغو 21 كانون ثاني 2020