رائحة الجوافة العطنة!!



عبله عبدالرحمن
2020 / 2 / 2

كانت جميلة حين وصلت متأخرة الى مكان عملها بشعر مسترسل غير مهذب بفرشاة شعر، وبملابس ارتديت على عجلة. تقول: امي لم تقم بإيقاظي مثل كل صباح، لأنني واياها وصلنا الى طريق مسدود في اقناع احدانا للأخرى بقبول من تقدم لخطبتي. حين سألت: هل رفضت الزواج لأنك مرتبطة بأحد ما؟ اجابت: انها غير مقتنعة بالزواج برمته والى الابد. تخاف من موضوع الشراكة وتريد ان تكمل حياتها من غير ارتباط. اخذت تقص علينا ما حصل معها اثناء دراستها لطب الاسنان وعن عدد المرات التي تلقت فيها طلب الزواج اثناء مرحلة التطبيق العملي في احدى المراكز الطبية التابعة للجامعة. ضحكت وهي تتذكر احداهن حين سألتها هل تمانع اذا طلب منها ارتداء الحجاب ؟ لم تخبرها انها مسيحية بل اكتفت بأنها تريد ان تكمل دراستها قبل الارتباط. الحقيقة انها اصابت الحقيقة حين قالت: ان مشروع الزواج القائم على الغاء حق المرأة باختيار شريكها على اسس صحيحة وبشروط مفروضة مسبقا سيكون مصيره الطلاق. واخبرتني عن عدد من صديقاتها اللواتي فشلن في بناء حياة سعيدة تحت عباءة الزواج الذي يتم بصورة عشوائية من غير مراعاة للمعايير الاجتماعية والادبية.
يقول غارسيا ماركيز في كتابه الذي يحمل عنوان (رائحة الجوافة )" الزواج مثل الحياة ذاتها، صعب للغاية للدرجة التي يتعين على المرء ان يبدأه منتعشا كل يوم، وان يواصل هذا الاحساس طوال الحياة".
الحقيقة ان وصف منتعشا! قد يصيب الطبيبة الشابة بحالة ذهول! وربما تتبرم بشفتيها، وهذا ليس تشكيك بما قالة الكاتب العظيم غارسيا ماركيز لاننا سنكون في حالة يقين مما قال، وهو يخبرنا انه اختار زوجته حين كانت في عمر الثالثة عشرة وانتظرا عشرة اعوام حتى يعلنا خطوبتهما، ويضيف: في تلك الفترة كنا مجرد شخصين ينتظران! دون تسرع وبرباطة جأش الامر المحتم، وربما يفسر للطبيبة الشابة قوله من دون ان تعترض حين يعترف بانه لم يدخل مع زوجته في شجار خطير طوال سنوات الزواج التي جمعتهما.
لا نسعى لتنهي الطبيبة مشكلتها مع والدتها على حساب قناعاتها بقدر ما نتمنى وصولهن الى حل، ولكننا نسعى للمساعدة بتغيير وجهة نظرها بقبول الزواج كفكرة بعيدا عن تأثرها بتجارب صديقاتها اللواتي فشلن لاسباب متعددة تتعلق بهن او بمن اخترنه شريكا لحياتهن. جميع الشرائع السماوية اقرت على اهمية الزواج في تحقيق التوازن النفسي والصحي انعكاسا لفطرة الانسان بميله للتشارك والتفاعل وذلك لاضفاء الطمأنينة والسلام على حياة الرجل والمرأة معا من خلال هذه المؤسسة المقدسة.
يقول غارسيا ماركيز في كتابة (رائحة الجوافة) "بإمكان المرء ان يحول كامل غموض المدارات الاستوائية الى رائحة جوافة عطنة".
ونقول: بامكان المرء ان يحول مشروعية الزواج واسراره الى رائحة جوافة عطنة اذا لم يعي ما له من حقوق وما عليه من واجبات في مؤسسة الزواج التي هي اصل المودة وبناء المجتمعات الصالحة.