-يشجعون على الختان ويحرّمون المثلية الجنسية-... أطباء مصريون بأقنعة رجال دين



بلال همام
2020 / 2 / 7

ماذا يحدث عندما يرتدي رجل الدين رداء الطب؟ يهلك الناس في معظم الحالات. وماذا يحدث عندما يرتدي الطبيب عباءة رجل الدين؟ لابد أن يهلك الناس أيضاً.

إذا أمكننا اعتبار الدين – أي دين- مرجعاً علمياً يثق بكلماته العلماء، فلم لا نغلق جامعاتنا وندرس فقط مادة الدين، وسوف يحق لنا هنا أن نسأل بعضنا: لم احتاج المسيح إلى معجزة لشفاء المرضى ولم يستعن بالطب؟!

طبيب مصري نشر على صفحته صورة من رسالة مجهولة الهوية يقول إن صاحبها "شُفي" من المثلية الجنسية، ثم برر الهوية المجهولة بأن صاحب الرسالة -المثلي سابقاً، وفقاً لادعاء الطبيب النفسي، ثم أكد أن هذه ليست الحالة الأولى التي تُشفى من المثلية، وإنما سبقتها حالات أخرى استغرقت رحلتها من المثلية إلى المغايرة نحو سنتين.

هذا الطبيب الذي يرى أن الاستسلام لله والخضوع له هو سبيل الشفاء من الأمراض، وهو ما يمكن أن يقوله أي رجل دين، دون الحاجة لأي شهادات علمية في مجال الطب النفسي
في الوقت الذي تؤكد فيه منظمتا الصحة العالمية والصحة النفسية على حد سواء، أن لا دخل للمرض النفسي بالميول الجنسية المثلية، وحذفتا المثلية من قائمة الأمراض المتعارف عليها علمياً، يقف هذا الطبيب ويعلن أن المثلية مرض نفسي يُمكن الشفاء منه، والمشكلة هنا ليست أن يخرج أحدهم عن سياق المجتمع العلمي، ولكن أن يطرح اختلافه هذا على غير المتخصصين ويجني نتيجته، وفقاً لتعليقات متابعيه، 500 أو 1000 جنيه مصري للجلسة الواحدة، للحالات التي تذهب إليه طالبة بعض معجزات الطبيب، بدافع من ضغوطات الأهل أو المجتمع كما اعتدنا في مجتمعاتنا، بدلاً من الذهاب إلى منظمة الصحة العالمية ليضع بين أيديهم العلاج الذي يدعي أنه يملكه، وهكذا يستطيع الاستفادة من كل النواحي، من الشهرة والمال ويحقق المنفعة العامة أيضاً، ويغير المفاهيم العلمية المتفق عليها بين العاملين في مجال العلوم السلوكية والاجتماعية، والمهن الصحية والنفسية على صعيد عالمي، بأن المثلية الجنسية هي شكل طبيعي من أشكال التوجه الجنسي عند البشر، والتي جعلت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين تلغي تصنيف المثلية الجنسية كاضطراب نفسي منذ عام 1973، وحذا حذوها مجلس ممثلي جمعية علم النفس الأمريكية بعد ذلك بعامين فقط، ثم أزالت مؤسسات الصحة النفسية الكبرى حول العالم تصنيف المثلية كاضطراب نفسي، وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عام 1990.

هذا الطبيب الذي يرى في كتاب له أن الاستسلام لله والخضوع له هو سبيل الشفاء من الأمراض، وهو ما يمكن أن يقوله أي رجل دين، دون الحاجة لأي شهادات علمية في مجال الطب النفسي.

لم يكن الاختلاف الوحيد داخل الأروقة العلمية في مصر، والاستعانة بالدين فيما يخص الطب ليس بأمر غريب في مجتمعنا، فكم من طبيب سيؤكد لك أن الصيام الانقطاعي هو فعل صحي يشفي الجسد، ويمنح الإنسان النقاء الداخلي، ويطرد الأمراض، فقط لأنه يعتقد بصحة حديث منسوب لنبي الإسلام يقول فيه: "صوموا تصحوا"، ولن يتطرق للعديد من الآيات التي طالبت المريض بعدم الصيام مثلاً، حتى أن مثل تلك النماذج من الأطباء برتبة رجال دين سوف يغيرون من تعاليمهم التي ينصحون بها المرضى طوال الوقت، مثل شرب الماء على فترات خلال اليوم بما لا يقل عن 3 لتر، لتناسب نصائحهم إيمانهم وتتحول إلى فوائد انقطاع الماء عن الجسد ربما.

وهذا تحديداً ما دفع العالم الياباني، يوشينوري أوسومي، الحاصل على جائزة نوبل عن بحثه الخاص بالالتهام الذاتي، أن ينفي في حوار له أي علاقة بين بحثه العلمي وبين الصيام الانقطاعي كما روج العديد من الأطباء، بل وأكثر من ذلك إذ قال نصاً: "قرأت بعض الدراسات عن أهمية الصوم وأثره على الصحة، أستطيع القول إن معظم تلك الأبحاث لا تستحق الأوراق التي طبعت عليها، إلى الآن لم يُثبت وجود علاقة بين الصوم وتعزيز الالتهام الذاتي، ولا أملك رفض الفكرة ولا تأييدها، ولا أستطيع معارضة آراء الداعين للصوم المتقطع أو الدائم، هذه ليست فكرة علمية من الأساس حتى نناقشها"، والمطلعين على المقالات العلمية يعرفون بلا شك أن جملة "لا يمكن رفض أو تأييد الفكرة لأنها ليست فكرة علمية" تقال عندما يتعلق الأمر بشيء لا يمت للعلم بصلة، مثل الانتقال بالأرواح والتحدث إلى الأشباح تماماً.