كلنا منظمة حرية المرأة !



عبدالله صالح
2020 / 2 / 12

وسط غابة من التوحش الرأسمالي، وسط قيم ذكورية عشائرية بالية، وسط تكالب الأفكار القومية والإسلامية، وسط أجواء قاتمة تدفع بالمرأة وتجبرها على الخضوع لكل ما تفرضه هذه التقاليد والا فالقتل ينتظرها بدواعي ما يسمونه " الشرف "! وسط ازدراء الكرامة الإنسانية للمرأة وفرض الدونية عليها، سطع نجم لامع ينادي بأعلى صوته: المرأة انسانة كباقي البشر، نجم شعاره الحرية والمساواة لنصف المجتمع وبالتالي للمجتمع بأسره.
نجم تلألأ شيئا فشيئا ليصبح نبراسا وخيمة تمد يد النضال والعون لكل من يطلبه من النساء وتأوي الهاربات من جحيم هذا التوحش والرافضات لعادات تمس كيانهن الإنساني فيتم ايوائهن وانضمامهن الى صفوف المناضلات من أجل تغيير واقع رجعي ظالم لا يليق بالإنسان والنضال من أجل الكرامة الإنسانية للمرأة والوقوف بوجه كل من يريد إهانتها وبالاخص من قبل هذه الوحوش البشرية.
سطوع هذا النجم لن يقتصر على العراق فحسب، بل وازداد بريقه ليكسب اسما وشهرة وشخصية يشار اليها بالبنان حين يتم الحديث عن (منظمة حرية المرأة في العراق) وعن تحرر المرأة في المنطقة الشرق بأسرها وحتى على صعيد العالم.
مجموعة من المناضلات اللواتي قررن خوض غمار هذا النضال الشاق والسير في طريق وعرة مليئة بالقنابل الموقوتة المزروعة من هذا الطرف أو ذاك، وازدياد عدد المتربصين بها للنيل منها بوسيلة أو بأخرى، الا ان ايمانهن بمشروعية هذا النضال وقناعتهن بأن النصر سيكون في النهاية حليفهن وإنهن لسن وحيدات في معترك هذا النضال بل ان جميع الاحرار ودعاة الحرية والمساواة، أحزابا أو شخصيات يؤازرنهن في نضالهن الإنساني هذا، زاد من اصرارهن وثباتهن.
هذه المنظمة نمت وتوسعت بحيث لم تترك مجالا أو فرصة إلا وترفع فيها صوت المرأة مناديه بالحرية والمساواة، بنضالها الدؤوب هذا، فرضت نفسها وأصبحت رأس الرمح في معركة الدفاع عن إنسانية المرأة. هذا الدور الريادي في معترك هذا النضال ووسط هذه الغابة جعل منها بركانا يهدد القيم الذكورية الرجعية لذا نراها تنال دوما، وعلى مدى عمرها البالغ سبعة عشر عاما، النصيب الأكبر من العداء من قبل الطغمة الحاكمة وسلطة احزابها وميليشياتها، هؤلاء وفي اول وهلة يفتحون فيها اعينهم يرون هذه المنظمة الواقفة بكل شموخ وتحدي أمام سياساتهم الرجعية.
ان المشاركة الفاعلة والمؤثرة لمناضلات هذه المنظمة في انتفاضة أكتوبر الباسلة ودورهن المؤثر فيها واصدارهن جريدة شبه يومية باسم ( نساء الانتفاضة )، عدى عن الدور الذي تلعبه إذاعة المنظمة (راديو المساواة ) في بث روح الثبات والمثابرة والإصرار لدى الشبان والشبات المشاركات في هذه الانتفاضة، جعل منها واجهة قابلة للتعرض من قبل هذه القوى الظلامية كون هذه القوى بانَ لها بأن الحلقة الأضعف الواجب التصدي له هي منظمة حرية المرأة وشخص رئيستها المناضلة ( ينار محمد ) ومن هنا جاءت الدعوى القضائية الأخيرة للسلطة الحاكمة ضدها وضد شخص رئيستها .
لقد خاب ظنهم لأن منظمة حرية المرأة اليوم لم تعد وحدها في الميدان بل هناك عشرات الألوف من مناصري الحرية في العراق والعالم يقفون جنبها في هذا النضال الإنساني ويدركون بأن استهداف هذه المنظمة هي البداية لاستهداف كل ما هو تحرري داخل المجتمع كون المجتمع المتحرر يقاس بمدى تحرر المرأة فيه.
ان هذه المنازلة قطعت اشواطا بعيدة من أجل حرية ومساواة المرأة في العراق وهي في طريقها الى دحر هذه القوى الرجعية، لذا ليس من باب المجاملة بل من باب الحقائق الموجودة على واقع الساحة السياسية في العراق نقول : كلما اشتدت المنازلة زادت من نبرة التحدي .