أفلام المرأة وقضايا الناس في أسوان



ماجدة موريس
2020 / 2 / 20


بسرعة ورشاقة وملابس رياضية قفزت( لينديتا زيتشراي) الي منصة القاعة الفخيمة لتتلقي جائزتها كأفضل مخرجة في المسابقة الرسمية لمهرجان أسوان لسينما المرأة في ختام دورته الرابعة،وبعد دقيقتين قفزت من جديد،ثم قفزة ثالثة أكملت بها فوز الفيلم بجائزة افضل افلام المهرجان وسط حفاوة الجمهور الكبير وهو يري هذه المخرجة الشابة البشوشة تقفز،وتحييه،قبل ان تقفز للمرة الرابعة لتحصل علي جائزة نقاد السينما عن( منزل آجا )الفيلم الذي يأتي من منطقة دول البلقان ليطرح علينا قصص النساء مع الحرب التي دارت هناك قبل عقدين واي تشوهات تركتها في النفوس وربما لهذا شاركت أربع دول في انتاج الفيلم هي

كوسوفو والبانيا وكرواتيا وفرنسا،اما الفيلم الصيني،(الحلم الكونفوشيوسي)للمخرجة ميجي لي،فقد حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة وهو يناقش قضية مهمة هي تركيز النظام التعليمي الصيني الان علي تعليم الطلاب الاقتصاد التنافسي تمشيا مع النظام العالمي الجديد،وهو ما ترفضه بطلة الفيلم التي أحست بفراغ روحي كبير رافضة ما يفعله غيرها،وتقرر (تشاويان )ان تدرس كتابات الفيلسوف كونفوشيوس،وان تنقل الأسس الأخلاقية والفلسفية لها الي ابنها الصغير،وان تجد في حياتهما الأمثلة علي ضرورة وجود القيم الانسانية بجانب العلمية ومن الغريب انه فيلم تسجيلي،ولكنك كمشاهد لا تشعر بهذا احد عشر فيلما في هذه المسابقة بينها واحد تسجيلي،وآخر من افلام التحريك هو الفيلم الهندي (زهرة بومباي)سيناريو وإخراج جيتانجالي راو، الذي فاز بجائزة افضل سيناريو وتدور احداثه حول ثلاث قصص حب مستحيلة ومن الملاحظ هنا ان تسعة افلام من الافلام الاحدي عشر قام المخرج او المخرجة بكتابته ايضا،وبينها الفيلم المصري(بعلم الوصول )اخراج هشام صقر والذي يدور حول أمرأة سجن زوجها لخطأ غير مقصود وتركها تواجه ابنتها الصغيرة وعائلتها،ومجتمع لا يساعد ولا يسامح امرأة مكتئبة



چيڤارا لا زال حيا

كلنا نتذكر الثائر تشي چيفارا ومصرعه المأساوي في احد مناطق امريكا اللاتينية،لكن فيلم(أسماء الزهور)الذي حمل جنسية بوليڤيا وأمريكا وكندا الإنتاجية،واسم المخرج (بهمن تافوسي)الإيراني الاصل يقدم لنا قصة اخري عن مصرعه،وربما تفسيرا لما تعرض له چيڤارا من غدر من خلال قصة المعلمة الريفية(چوليا) التي تقدمت للجنة الاحتفال بالذكري الخمسين لرحيله طالبة مشاركتها لانها قدمت له-اي لچيڤارا-طبق حساء فقبله بسعادة،وأعطاها زهرة،وألقي عليها قصيدة عن الزهور،ثم تم اغتياله ولكن اللجنة لا تحقق طلب چوليا،بعد ادعاء نساء أخريات،كثيرات،ان قصة الحساء والزهرة هي قصتهن الخاصة لينتهي الفيلم بها اي المعلمة في حالة شيخوخة كاملة تسير وسط الجبال حاملة الزهرة في إناء فخاري متجهة الي المجهول بعد ان تسبب عشقها لچيڤارا في جذب ابنها الي قصته وإصابته بالجنون ولعل اهم ما يقدمه الفيلم هو تلك الاماكن التي عاش فيها چيڤارا في بوليڤيا وكيف تمت متابعته والتجسس عليه من قبل السلطات هناك ومن المؤكد ان وجود الترجمة العربية علي كل افلام المسابقة كان جزءا مهما من تفاعل جمهور المهرجان معها،ومن الجدير بالذكر ايضا ان لجان تحكيم المهرجان الأربعة (الفيلم الطويل والقصير،ولجنة تحكيم الفيلم المصري ولجنة النقاد)أضيفت اليها لجنة خامسة لتقديم جائزة باسم الاتحاد الأوروبي اختارت فيلم المخرجة ماريان خوري(أحكيلي) الذي يقدم ويوثق قصة عائلة مصرية لها أصول شامية هي عائلة يوسف شاهين كأفضل فيلم،والذي حصل ايضا علي جائزة افضل فيلم مصري بالمناصفة مع فيلم (تأتون من بعيد) للمخرجة أمل رمسيس والذي يدور حول حياة عائلة فلسطينية تشتت واصبح كل فرد فيها في بلد بعد نكبة ١٩٤٨وهجوم العصابات الصهيونية علي فلسطين.

صانعات السينما وصانعات الحياة

واحدة من صانعات الحياة كرمها المهرجان في ختامه،ومن خلال منتدي(نوت)أحد أجنحته الذي ترأسه د.عزة كامل،ويمزج العمل الثقافي بالاجتماعي، وحيث صعدت علي مسرح الاحتفال امرأة عملاقة،اسمها مكة،من كوم امبو تساهم في عدد كبير من الاعمال تطوعا،وتلقي كلمة قصيرة،بليغة،عن رغبتها في مساعدة كل من تحتاجها في مجتمعها،حتي النفس الاخير لتلهب القاعة بالتصفيق والاعجاب وتقدم للحضور مثلا رائعا للعمل الانساني بعيدا عن الكاميرات وبعدها تم تكريم النصف الثاني من صانعات السينما المصرية لهذا العام،وهن مونتيرة النيجاتيف( ليلي السايس)-وهي مهنة توقفت الان بعد حلول عصر الديچيتال وتقنياته، وأستاذة المونتاچ بمعهد السينما المونتيرة رحمة منتصر،والمنتجة ناهد فريد شوقي،واللواتي كانت ندوة تكريمهن أكثر من رائعة بما كتب عن انجازاتهن وبما أضافوه أثناء الحوار والحقيقة ان وجود ندوات للحوار مع المكرمين هو امر شديد الاهمية قد يصحح أمورا كثيرة في علاقة المشاهد والمراقب بالعاملين في الفن،وهو ما بدا واضحا في ندوات تكريم المهرجان مع صاحبات هذه المهن التي ساهمت في شروق السينما المصرية واستمرارها،والندوات الأسبق في بداية الدورة مع الفنانات الممثلات المكرمات رجاء الجداوي،ونيللي كريم،والممثلة الإسبانية ڤيكتوريا أبريل إضافة الي الندوات الموازية الاخري التي يشارك فيها مع صناع السينما ونقادها،سيدات ورجال المجتمع المدني،وبينهم نساء اسوانيات،وحيث كان النقاش الأساسي خلال المنتدي هو زواج الاطفال وكيفية مقاومته،والمسئولية الاجتماعية لصناع الافلام تجاه قضايا المرأة وكيف قدمت السينما العربية المرأة،والمعوقات التي تقابل المرأة المصرية والعربية في العمل بالسينما والحقيقة ان تلك الندوات المهمة كانت تحتاج لوقت اكبر لأهميتها وقدرتها علي تقديم شخصيات مختلفة ووجهات نظر جديدة فيما يخص قضايا المرأة والسينما وعلاقة هذا بالمجتمع.