8 مارس 2020 عندما تُضرب الفتيات والنساء



امال قرامي
2020 / 3 / 10

بقلم امال 09/03/2020 122 عدد المشاهدات
اقترن تاريخ 8 مارس 2020 منذ البدء، بالاحتجاج والمطالبة بالحقوق، والتنديد والتعبير عن الغضب والاستياء..، وإن نُظر، بعد ذلك، إلى هذا اليوم على أنّه مناسبة للاحتفاء بالنساء والثناء على انجازاتهنّ ونضالهنّ، وتكريم الناشطات والمبدعات وغيرهنّ. وانطلاقا من هذا الرجوع إلى الوراء للتذكير برمزيّة 8 مارس ودلالاته الأصليّة ارتأت الحركات الاجتماعيّة العالميّة أن يكون شعار هذه السنة «الإضراب النسائي العالمي:عندما تضرب النساء يتوقف العالم» ولذلك دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مختلف مكونّات المجتمع المدنيّ إلى حمل الشارة الحمراء يوم 8 مارس 2020 وكذلك خلال كلّ الأنشطة المزمع تنظيمها في هذا الشهر.
وليس حمل الشارة الحمراء إلاّ تعبيرا عن رفض كلّ أشكال التمييز والعنف الممارس ضد النساء بما في ذلك عنف تأويل القوانين والنصوص الدينيّة، وعنف السياسات النيوليبرالية وتفكيك قوانين الحماية الاجتماعية المفضية إلى تكريس الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي وحرمان النساء من حقوقهن في فرص الشغل والتعليم والصحة... فضلا عن الأشكال الجديدة للعنف كاستهداف القاصرات، وجرائم التحرّش الجنسي الجماعيّ والاغتصاب الجماعيّ، والعنف السيبرنيّ الموجّه ضدّ الفتيات والنساء ومغايري الجنس وذوي الهويات الجندرية المختلفة على وجه الخصوص.

ولا مناص، في اعتقادنا، من رفع التونسيات ومناصري حقوق النساء الصوت عاليا ورفع الورقة الحمراء بوجه عدّة أطراف:
1 - إلى رؤساء الحكومات المتعاقبة، بما في ذلك السيّد الفخفاخ، والقيادات الحزبية الّذين خيّبوا آمال التونسيات وكبحوا جماح تطلعهنّ إلى أن يكنّ في مناصب صنع القرار مثلهنّ مثل زملائهم فكانت الحصيلة مخجلة تُعبّر عنها الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الوطنية والعالمية في بلد يفتخر بأنّ سياساته تناصر حقوق النساء ... وهي صور تثبت أنّ السياسة مجال للتنافس الذكوري... وهكذا كرّمنا أهل اليمين فعطلّوا مسار المساواة الفعليّة ووظّفوا فئات من النساء لخدمة مشاريعهم السلطويّة ولسان حالهم: لقد كرّمكنّ الإسلام من زمان. أمّا أهل اليسار والحداثة.... فقد أزاحونا من المشهد عندما رفضوا التناصف العمودي والأفقي، ومارسوا أشكالا من العنف حتى نولّي أدبارنا، ولسان حالهم: لا يتسّع المجال لمنافستنا على السلطة ففي الوقت الحاضر ثمّة أولويات وموازين قوى... تقتضي الاستغناء عن الكفاءات النسائية عندما تحضر المحاصصة ومنطق الغنيمة.
2 - إلى أغلب وسائل الإعلام الّتي ما فتئت تُغيّب الفتيات والنساء الممثّلات للقدوة والريادة وتُسيّج تدّخلات بعضهنّ إمّا: وفق تمثّل خاصّ لا يرى المرأة «خبيرة» في الاقتصاد أو السياسة أو العلوم التكنولوجية وغيرها ويجد أنّها ‹تفيد› عندما تتحدّث عن المشاكل الاجتماعيّة والإبداع... أو وفق مصالح «لوبيات» سياسية أو أيديولوجية أو شخصيّة تتعمّد صناعة «الكروكونيات» وفرضهنّ على حساب من هنّ أكثر كفاءة... أو وفق مُخطّط ممنهج يُسلعن الفتيات ذوات الجمال الصناعيّ› ويسعى إلى الترويج للتفاهة والبلادة و«نقصان العقل» في محاولة لتغييب الفتيات والنساء المعبّرات عن وعي ذاتي ومجتمعيّ مختلفين. ومع ذلك تظلّ المغيّبات من منابر الحوار موجودات بالقوّة نراهنّ في الفلاحة والصناعة وفي التعليم وغيرها من المجالات. وهكذا نتبيّن أنّ أشكال العنف لا تتمظهر في الفضاء العموميّ أو المنزليّ فحسب بل إنّها حاضرة في إعلام لم يعدّل ذاته بالقدر الكافي، ولم يدرك التضارب الهيكليّ بين المادة التي يقدّمها والشعارات التي يرفعها.
- إلى «المشرّعين الجدد» الذّين حوّلوا مجلس الشعب إلى ساحة وغى ‹يتناطح› فيها الرجال والنساء من أجل فرض الذات والتموقع وتحقيق المصالح. ولكن كيف يُحترم الدستور «الرياديّ» ويُردف بقوانين تعضده والحال أنّ المشرّع لا يرى حرجا في وجود قوانين تمييزية وكيف ‹يفعّل› قانون 58 الخاص بالحد من العنف ضد النساء والتوقي منه و«المشرّع» يعنّف زميله/ته، ويفلت من العقاب؟ وكيف نقضي على «التفقير» الممنهج والتهميش والمشرّع يهتمّ بامتيازاته؟ وأنّى لنا أن نطمئنّ على مستقبل التونسيات والحال أنّ مطالب تحقيق العدالة الاجتماعية والجندرية ، وسدّ الفجوات في مجالات العمل وفرص التشغيل والتعلم وغيرها تؤجل لأنّها ببساطة لا تمثّل أوليات المشرّعين/ات؟
هذه الورقات الحمر ترفع للتحذير حتى لا نضطر إلى الانخراط في الإضراب الشامل الذي قرّرته صديقاتنا في المكسيك تنديدا بكلّ أشكال العنف الممارس عليهنّ ... نرفض سياسات المنّ أو التأجيل أو المراوغة لقد طفح الكيل وعيل الصبر فإمّا عيش بكرامة واحترام لذواتنا وإمّا ...