المرآة التالسينتية



رشيد اغويان
2020 / 3 / 11

هي المرأة التي ستقطع غدا الشارع فيمزقها الرجال بعيونهم فأشهى ما تملك في عيونهم جسدها، مؤخرتها ووجهها أو طول قامتها أو ربما لون أحمر شفاهها...

هي التي ستستيقظ غدا كالمعتاد .. سيصرخ في وجهها مديرها لأنها تأخرت بضع دقائق بسبب ابنتها التي يجب أن توصلها لمدرستها ..
وستعود من عملها لتطبخ.. وتتابع دراسة أطفالها وتنظيف المنزل وتستحم وتتعطر قبل أن يعود الرجل من عمله الطويل..!!

هي التي ستفتح عينيها ككل يوم أمام جثة رجل هامدة، لا دليل على حياتها سوى السرير وبعض الأصوات التي تخرج من أنفه والصفعات من يده، وستذهب في الغد دون أن تخبر أحدا إلى الطبيب.. لتعالج وجهها من ضربة زوجها السكير الذي عاد متأخرا من السهرة..!

هي التي ستمشي غدا إلى منزل صديقتها وحيدة دون مرافق لأن ما من أحد يشعر بالمرأة سوى المرأة...

هي التي يقولون لها خسئت من أنثى كالرجال.. في الحدود يغتالون أحلامها وبين الأفران يسرقون رغيفها وعلى طاولات المقاهي يقنعون ٱمالها ويرددون هذه امرأة متمردة..غبية..غبية..
فتفاخر هي بنفسها بكل ما أوتيت من نقص وكمال.. من وجع وصمود وخيال.. لأنها لا تريد من صوتها سوى صوتها.. ولا من قلمها سوى قلمها ..

هي التالسينتية العارية في بلادها من المطر والغيم.. هي الغربة في بلاد العجائب واللعبة في بلاد الحرب وفي بلاد الموت قطبة منسية.. هي المحاربة المقاومة وصانعة الحياة والبهجة.. هي الأمومة التي تعانقهم كالطيور في الجبال.. فتكتبهم.. وتبكيهم.. وتقاتل الظلام بسيوف الحبر في زمن الخبث والجاهلية..!!