خدعة المشاركة السياسية للمرأة



نساء الانتفاضة
2020 / 3 / 29

((ان الخطاب ليس فقط ما يترجم الصراعات او بنى الهيمنة، بل هو ما يتصارع من اجله وما يتصارع به، وهو السلطة التي يراد افتكاكها)) ميشيل فوكو.
بعد احداث 2003 وتنصيب قوى الإسلام السياسي كسلطة في العراق، وبرعاية أمريكية مطلقة، ونشر فكرة "الديمقراطية" في الحكم، واشراك كل "المكونات والطوائف"، وارغام القوى الإسلامية على إدخال المرأة في المجال السياسي، بغض النظر عن مسلماتهم من انهن "ناقصات عقل" و "لا يفلح قوم ولوا امرهم امرأة" الخ، كانت هذه الخدع التي قدمها الامريكيون لمن قدموا معهم او الذين جاءوا بعد ذلك، هي التي يجب ان تسير عليها السلطة، ولا يمكن، او لا يٌسمح لهم بأن يغيروا منها شيء، وهكذا كان الامر.
تم كتابة دستور افضى الى انتخابات انبثق عنها برلمان طائفي وعشائري وقومي وعرقي وذكوري، وقد أعطيت للمرأة مقاعد بعدد معين بما يسمى "كوتا"، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فكان على كل كتلة "طائفية او قومية" ان تقدم عددا من الأسماء لنساء كيفما اتفق، حتى يكون الشكل البرلماني متطابق للشروط الامريكية، لتظهر في الصورة "صورة البرلمان" مجموعة من النسوة وهن جالسات على مقاعدهن داخل قبة البرلمان، صورة كاريكاتورية مضحكة جدا، لم تكن مقنعة للسلطة فكيف بها مع المجتمع.
كان خطاب قوى الإسلام السياسي وما زال تجاه المرأة خطاب ذكوري فج وقبيح، وقد اقنع الكثير من فئات وشرائح المجتمع، لأنه يستند على الدين، الذي هو سلطة بالمحصلة النهائية؛ فشكلية تواجد المرأة في السلطة ما هو الا خديعة، لا يمكن الشك في ذلك، فوجودها لم يحدث أي تأثير يذكر على واقعها، بل لقد اٌسيء لوجودها أكثر، فعندما تخرج احدى "نساء البرلمان" في لقاء تلفزيوني، كانت هذه المرأة خاضعة تماما لمنطق الكتلة التي تمثلها، حتى انها لا تدافع عن حقوق النساء، بل انها تجاري منطق القوى التي أتت بها، والتي هي إسلامية او قومية؛ لا شيء في خطابها اسمه المساواة، فهي مفردة غريبة او غربية.
ان مشاركة المرأة في العمل السياسي حسب الخطاب الديني هو الخروج عن طاعة الله، ولم يغيب هذا الخطاب عندهم، فقد عملت هذه القوى على تحجيم وتحديد دورها، وقد توضح هذا الخطاب بشكل جلي بانتفاضة أكتوبر المظفرة، ومشاركة النساء بشكل فاعل، وهو ما أصاب القوى الإسلامية بصدمة كبيرة، فلم تترك الامر يمر مرور الكرام كما يقال، بل ان هذه القوى عملت هي وميليشياتها وعصاباتها على وأد هذه الممارسة وقامت بقتل واختطاف وترهيب وتعذيب النساء المشاركات بهذه الانتفاضة، فكانت ساره وزهراء وغيرهن الثمن الذي دفعته تلك النسوة للمطالبة بمساواة حقيقية ومشاركة فعلية وليست شكلية او خدعة في العمل السياسي.