بمناسبة يوم المرأة العالمي



حسن نبو
2020 / 4 / 8

في يوم المرأة لابد من التذكير بأن المطالبة بحضور المرأة اسوة بالرجل في كل مجالات الحياة لاتعني الاهتمام بالمرأة فحسب، بل تعني من باب اوسع الاهتمام بالحياة والمجتمع والعمل على جعلهما اكثر رقيا وازدهارا، لأن العمل من اجل مشاركة المرأة الى جانب الرجل في كل مجالات الحياة هو ضرورة حضارية واقتصادية وانسانية، بمعنى ان المجتمعات البشرية لايمكن أن تتطور حضاريا وتزدهر اقتصاديا وترتقي انسانيا اذا بقيت المرأة التي تشكل اكثر من نصف المجتمع في الكثير من المجتمعات مهمشة وغير حاضرة وفاعلة في مختلف مجالات الحياة اسوة بالرجل أو وفق قوانين تساوي بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات وتجرم كل وسيلة تمنع المرأة من ممارسة حقوقها باي شكل من الاشكال .
واذا كان الثامن من اذار هو اليوم الذي يتم فيه التأكيد على حقوق وانسانية المرأة التي لازالت محرومة من غالبية حقوقها الانسانية في الكثير من المجتمعات وخاصة مجتمعات العالم الثالث، فهذا لايعني اسدال الستار على هذا الأمر في بقية أيام السنة ، فلابد من السعي والعمل دائما من أجل حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وتغيير القوانين التي تهمش المرأة وتجعلها اقل من الرجل وتابعة له. وعلى المرأة المتعلمة والواعية ان تناضل وتسعى اكثر من الرجل لانتزاع حقوقها وتبوأ مكانتها الصحيحة والمناسبة في الحياة .
لاشك ان ثمة معوقات كثيرة تمنع المرأة من المساواة بالرجل في الحقوق والواجبات في مجتمعات العالم الثالث ، هذه المعوقات والموانع متعددة : دينية ومجتمعية واقتصادية وسيكولوجية....ولايجب الاستهانه بها، ويتطلب الأمر كفاحا طويلا بعيدا عن اليأس والاستسلام ، ويجب ان تكون المرأة في الصفوف الأمامية في هذا الكفاح .
اعتقد ان الكثير من المجتمعات ومنها مجتمعنا تغيرت الى حد ما في نظرتها للمرأة، ففي مجتمعنا مثلا دخلت المرأة ميدان الدراسة بدءا من ثمانينيات القرن المنصرم ، ومع مرور الوقت ازداد عدد الجامعيات حتى اصبح عدد الاناث مماثلا لعدد الذكور، وقد أدى هذا الأمر الى فتح باب سلك التعليم في مختلف مراحل التدريس امام المرأة ، حتى اصبح عددهن اكثر من عدد الذكور خلال العقدين الأخيرين ، والى جانب المعلمات والمدرسات ظهرت المرأة الدكتور والمرأة المحامية والمهندسة والصيدلانية وان على نطاق ضيق ،هذه القفزة جعلت للمراة حضورا ملفتا في الحالة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية وأدت الى تغيير بعض المفاهيم المتخلفة المحدودة تجاه المرأة. ولكن من جانب اخر بقيت الكثير من المفاهيم والعادات المتخلفة.
عموما يمكن القول ان الحالة الحضارية المجتمعية تلعب دورا مهما في مكانة المرأة ومنحها الكثير من حقوقها، واعتقد ان مجتمعاتنا لم تصل بعد الى الحالة التي تمكنها من فهم جدلية العلاقة بين حقوق المرأة وبين تطور المجتمع .
من ناحية اخرى ادت الحرب الاهلية التي اندلعت منذ اوائل 2012 في سوريا الى الحاق الكثير من الضرر ليس بالمرأة وحدها بل بجميع فئات المجتمع . فبدلا من تحول الوضع نحو الافضل تراجع نحو الاسوأ أسباب عديدة لامجال لذكرها هنا .
ورغم كل العراقيل التي تقف امام المرأة في سعيها لنيل حقوقها الانسانية الاساسية ، يتوجب استثمار كل الفرص للمطالبة بحقوق المرأة ، وعلى المرأة ان تكون في مقدمة المطالبين .