إسلام القرآن وإسلام العصر الأموي



عادل صوما
2020 / 5 / 10

يلاحظ أي دارس للإسلام الفروق العميقة بين إسلام القرآن وإسلام العصر الأموي والعباسي، اللذين بدأت تظهر فيهما صناعة وضع الحديث عن النبي تأييداً لفئة على أخرى، وتأليف قصص خيالية مستوحاة من آدبيات المنطقة، تُعتبر جزءاً ثانياً لما ورد في القرآن، وأعقبها تفاسير وشروح وتأكيدات وتفاصيل لم ترد في القرآن نفسه.
على سبيل المثال، رواية الاسراء في سورة "بني إسرائيل" المكية التي جاء في افتتاحيتها "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً...."، ولم يرد فيها صراحة "سبحان الذي أسرى بنبيه ليلاً"، ألفوا جزءا ثانيا لها هو المعراج الذي لم يرد ذكره في القرآن، أو أي ذكر لدابة تطير أسموها البُراق أو تحديد مكان المسجد الأقصى في القدس ولا إمامة النبي للأنبياء في الصلاة، ولا كل التفاصيل الشعبية التي أصبحت موروثات تناقلتها الاجيال وكُتب عنها كهنة السلطان.
الامر نفسه حدث مع الحجاب الذي أصبح إسلامياً رغم أن كل أديان وثقافات الشرق ورثته عن الاشوريين، وتكرر الامر مع بعض نصائح النبي التي كانت سائدة في وقته وحولوها إلى "طب نبوي".
حدث الامر نفسه مع الختان الذي عُمم على المرأة، رغم أن النبي ورث ختان الرجال فقط من بني إسرائيل، وفقا لما ورد في القرآن "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين"، لكن كهنة السلطان الذين أسسوا إسلاماً موازيا لإسلام القرآن، الذي لم يطلب ولم يوص نبيه حتى بالختان لزوجاته، لكن ورد عنه فقط أنه قال لأم عطية الأنصارية بينما كانت تختن فتاة في يثرب "لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل". ما يعني أن الرجل كان ضمناً ضد ختان البنات الموروث الذي لم يرد بتاتاً في القرآن.
كتبوا مجلدات عن فقه الختان وتفننوا في شرح مدى ضرورته وأهميته لعفاف المرأة، وصار أمراً شعبياً ينتشر مع الاسلام نفسه، لدرجة أنه أصبح تابوه يُتهم من يتحدث عن عدم إنسانيته وانتهاكه لحق من حقوق المرأة الطبيعية بالاستمتاع بالجنس بأنه يطعن في الاسلام.
تفشى الامر بقوة الدفع الذاتي والجبن في مواجهة كهنة الاسلام، ورغم قتامة وطأة الامر على المرأة المسلمة بسبب هذه التجربة المروعة غير الإنسانية، إلا أن الهلع من وطأة مواجهة إسلام هؤلاء الكهنة، أوجدت على مدى قرون طقوسية ذهاب نساء من الحي الذي تقطنه أي طفلة مسكينة إلى منزلها في يوم إخصائها وليس ختانها، لكي يغنين ويزغردن ويرسمن الحناء على يديها، قبل نقلها إلى غرفة صغيرة لإخصائها الذي يقوم به عادة جهلة أو حلاقين أو مشعوذين، ويزيلون كل عضوها الجنسي الخارجي أو أجزاء منه، ويجعلونها مستقبلا مجرد دمية جنسية نسائية، تتظاهر بسبب جبنها إياه باللذة وهي تمارس الجنس مع زوجها، بينما وقائع جسدها تقول عكس ذلك، وقد فقدت بعض الفتيات الصغيرات حياتهن بسبب نزيف حاد، وتكتم الوالدان على القتل غير المتعمّد بإعتباره قدر الطفلة.
خطوة إخصاء فرج الطفلة تعقبها خطوات إخصاء عقلها وهي إمرأة بواسطة موروثات المجلدات نفسها.
شكرا للمجلس العسكري في السودان الذي يتجه إلى تجريم ختان الإناث في بلد عانت حوالي 87% من نسائه من إخصائهن، وفق إحصاءات للأمم المتحدة، بعدما أقر مجلس الوزراء السوداني تعديلا في القانون الجنائي ينص على تجريم ختان الإناث ومعاقبة مرتكبيه بالسجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات مع دفع غرامة، ومن المنتظر أن يقر مجلس السيادة الانتقالي التعديل ليتم نشره ويصبح قانونا، لكن كل الوقائع تقول أن المجلس العسكري سيقر هذا التعديل.
إسلام كهنة العصرين الأموي والعباسي الذين يُستنخسون في دور الجهل على مدى العصور، بحاجة إلى قرار سيادي لمواجهتهم وليس إلى مجادلتهم، فالمجادلة هم أسيادها وسبيل ارتزاقهم.