تراجيديا شكسبير تتكرر: عشيقان ينتحران على جبل الحبيب



كاظم الحناوي
2020 / 5 / 18

كاظم الحناوي - Kadhum Al Hanawi
قصص الحب لها شذاها ونبضها، ومن تواتر السنوات يتكثف عبقها الخفي يستمد الصبر للعشاق. قصص تحلق كالطير في سماء الحب تصاحبها موسيقى كالموج تدفعك إلى الاعماق أو تلقي بك على شطآن الوحشة، منها تجارب نضرة كالربيع، لكنها تتعرض لكراهية الجهلاء وسفاهة المؤولين وبطش المستبدين يفسرونها كعاصفة جنسية غايتها الجسد في تجليات حاجته وسطوع رغبته عبر تعاليم تفضح الشبق المتواري تحت عباءات التقى لتقنن الحب والمتع بمسطرة التحليل والتحريم.
تراجيديا شكسبير المثيرة للرثاء،(روميو وجولييت)تتكرر: حبيبان تعبس لهما الأفلاك، وتذيقهما أسواط الهلاك حيث نسمع بين آن وآخر نفس التراجيديا بأبطال جدد ولكن على مسرح الحياة...
رغم إن الشاب في جبل الحبيب كان في حبِّه جادّا وشريفا، واراد من اهل محبوبته ان تكون زوجا عفيفا...
حادثة انتحار العاشقين الصغار في المملكة المغربية جاءت لان التربية العائلية تتكفل إنكار الحب او تقطفه لنا كفاكهة محرمة أو تضعنا على حدود السقوط الى الهاوية. الفتاة لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها والشاب عمره 18 عاما فقط. وقعت الحادثة في منطقة جبل الحبيب في إقليم تطوان، وتم العثور على جثتي الشاب والفتاة معلقتين في جذع شجرة...
الحب قبل الزواج في عرفنا حاجة تحركها طبيعتنا الفسيولوجية بالأحلام والخيال تنطفئ بعد الوميض... بعضها الآخر حبا عذريا من طرف واحد نغني له ونصحبه كتميمة للقلب المستوحد، لذلك عليك في عنفوان شبابك ان تحمل اخلاق الزاهد أو تغدو غريبا عن المجتمع ...
الشاب المنتحر، 18 سنة، كانت تربطه علاقة عاطفية بالفتاة، 14 سنة، وكانا يرغبان في تطويرها إلى زواج، إلا أن والدها وقف في وجه رغبتهما ورفض رفضا قاطعا فكرة الزواج، ما دفعهما إلى الاختلاء وسط غابة في جبل الحبيب، ليضعا حدا لحياتهما شنقا بطريقة درامية خلفت شعورا بالحزن والأسى لدى من عرف قصتهما.
انتحار او قتل العشاق سرعان ما تذوي للنسيان، لكن القصص تلهم العشاق، و تسري التجربة كلقاح مخصب، لتحرضهم على سفك الخوف ودحر العتمة وترويض الأحزان. لكن الحكايات تتباين وتتعدد وتتنافر، عن تكاتف الجهلة والمستبدون بتشويه سمعة العشاق وتأييد لحوادث القتل المخزية.
أهمية الحوار بين الأهل وأبنائهم لو كان موجودا لما حصل الانتحار لان المراهق يمر بتطور طبيعي للعاطفة ، فالحب مشاعر فطرية سامية تحتاج إلى أن توجه في المسار الصحيح حتى تفرغ بشكل سوى وسليم ومرحلة انتقال بين الطفولة والمراهقة بما يصاحبها من تغييرات هرمونية، تشعر المراهق بأزمة هوية وما يلازمها من محاولات لإثبات ذاته والبيت والمدرسة والمجتمع عليها مسئولية تجاه المراهق، وأي خلل منهم يتسبب نوعا من التشويش في عقله وتؤدى لأفكار سلبية.