البغاء جريمة يرتكبها الرجل



سوزان امين
2020 / 5 / 21

ليليا فور ايفر(Lilja 4 ever) فيلم عرض في عام ٢٠٠٢ في صالات السينما بالسويد , يتناول موضوع الفيلم الاتجار بالبشر بطلة الفلم فتاة روسية عمرها ١٦ عام يجلبها سمسار جنس (قواد) للسويد لتحصل على عمل تعتاش منه وعند وصولها تذهب للعنوان المهيء لها وهناك تحتجز في داخل شقة مقفلة " بيت للدعارة " حيث يتناوب على اغتصابها عشرات الرجال الشاذين* . الفلم اثار ضجة كبيرة بين المشاهدين وحث العديد من المنظمات المدنية والحقوقية والسلطات المحلية في المجتمع السويدي للعمل على زيادة التشديد لمنع الاستغلال والاستعباد الجنسي للفتياة وخاصة ان القانون السويدي لايسمح بابتياع الجنس حتى إذا كان برضاء من الطرفين وعقوبتها غرامة مادية تفرض على الشاري ( الرجل) اما المراة (بائعة الجنس) فلا تحاسب على فعل البغاء , لان الحاجة المادية غالباً تكون الدافع وراء ممارسة البغاء وليس الرغبة في هذا العمل بحد ذاته . هذا من جهة ومن جهة أخرى هو تشجيع النساء على فضح من يبتاع الجنس وتقديم الشكاوى فيهم . إذ لا يوجد مبرر لابتياع الجنس في بلد تكون فيه الحرية الجنسية مباحة اذا تمت بحب وبرضى الطرفين اي دون استغلال .
ولهذا الغرض توجد العديد من المنظمات والمؤسسات الاجتماعية لمساعدة "المومسات" للتخلص من هذا العمل المهين وتاهيلها لتعيش وتواصل حياتها بشكل افضل .

ورغم القوانين الصارمة والواضحة في هذا الجانب غير ان الاتجارة بالبشر لازال مستمرا ليس في السويد فحسب بل في كل دول الاتحاد الاوربي والعالم . ولم لا تستمر! طالما يوجد رجال مرضى نفسيين مهووسيين بشراء الجنس من بائعات الهوى وباغتصاب وتعنيف الفتياة الصغيرات المكرهات على البغاء . ** حيث ان في السويد وحدها يوجد حوالي ٢٠٠ بيت سري للدعارة يتردد عليها رجال عاديين من كل الاعمار والفئاة الاجتماعية . واحد من كل عشرة رجال يشترون الجنس في السويد رغم انه ممنوع قانونيا فما بالكم ببقية دول اوربا والعالم حيث يكون فيه البغاء امرا عادياُ .

وقبل ايام قلائل القت الشرطة القبض على مجموعة رجال بالجرم المشهود في السويد وهم يشترون الجنس من عصابة احضروا عدد من النساء من بلد فقير حبيسات ومكرهات على ممارسة البغاء . ومن بين الذين وقعوا في فخ رجال الشرطة هذه المرة كان نجم اعلامي رياضي وشيف وصاحب منتجات غذائية تحمل اسمه وهو محاضر بليغ ولمحاضراته جمهور واسع , اغلبها تدعو لضبط النفس ورفع المعنويات والحث على العمل والمثابرة , هذا عدا انه مقدم ومعد للعديد من البرامج التلفزيونية في السويد وهو رجل وسيم في متوسط العمر ولاينقصه اي شيء بل هو يملك من الجاذبية مايجعل اي امراة تعجب به دون عناء كبير .. هذا الشحص يدعى باولو روبيرتو , القي القبض عليه متلبسا بجريمة شراء الجنس من وكر لتجارة الرقيق الابيض , الغريب انه كان على علم بان هؤلاء النساء مكرهات على فعل البغاء وليس لهن ادنى رغبة في هذا العمل , اي انه اغتصاب مع سبق الاصرار والترصد . طبعا على اثر فعلته هذه تم فصل باولو روبيرتو خلال ساعات من كل اعماله وفقد زبائنه وخلت رفوف كل المحلات السويديه من البضائع التي تحمل اسمه . وهو حالياً متهم امام القضاء بجريمة اغتصاب . وقد يحصل على عقوبة بالسجن تتراح بين ٨ اشهر الى ٣ سنوات .
هذا الموضوع يذكرنا بمذبحة بائعات الهوى في بغداد في عام ٢٠١٤حين قام مجموعة من "حماة الشرف" بمجزرة وحشية قتلوا فيها بشكل بشع عدد كبير من النساء المضطرات لبيع لحومهن لتوفير لقمة العيش لاطفالهن في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة . وبدلا من معاقبة الجاني الذي يشتري الجنس وفي الغالب هو ليس مضطرا لشراء الجنس سوى انها رغبة حيوانية بعيدة عن كل القيم الانسانية والاخلاقية . لم يفكر الجلادين للحظة ان هؤلاء النساء القتيلات يمتن كل يوم الف ميتة حين تنتهك اجسادهن ليوفروا لاطفالهم رغيف الخبز وكتبهم ومستلزماتهم المدرسية . لم يفكرون للحظة ان هؤلاء النسوة انتهكت اعراضهن من قبل احزاب وقوى تحكم باسم الدين وتنهب خيرات البلد ولولا وجودهم البغيض لما احتجن لببيع اجسادهن , وانهن قد بعن أخر مايمكن بيعه من ممتلكات قبل ان يلجأن الى هذا السبيل . وان لكل امراة في ذلك المكان الف قصة محزنة تبكيك دما من شدة بؤسها .
لم يخطر للجلادين للحظة ان في نفس الفترة استباحت داعش التي تشبههم في اجرامهم ثلث اراضي "الوطن العرض" وخطفوا منها اكثر من 7000 بنت عراقية دون ان يشعر حماة العرض هؤلاء بالذل والعار .
لم يكتف "المدافعين عن العرض" بنهبهم لثروات البلد وسرقة قوت واحلام الاطفال والعابهم بل حرموهم حتى من امهاتهم ؟

*ملاحظة : المقصود بالـ الرجال الشاذين* هم "البيدوفيل" الذين يرغبون في اغتصاب وممارسة الجنس مع الفتياة صغيرات سواء برغبة او بدون رغبة منهن .
** الاحصائية ماخوذة من منظمة سويدية لمكافحة البغاء