ماذا لو أخفق الرجال!



مرثا بشارة
2020 / 6 / 3

عندما يقوم المراهق بحلاقة شاربه لأول مرة نقول بطريقة عفوية: أصبح رجلًا! فتُرى ما هو مفهومنا عن الرجولة؟ هل هي مظاهر الخشونة الجسدية التي تميز الذكر من الأنثى؟
إذا كان الأمر كذلك فنحن أمام تمييز بين جنسين لنعرف فقط ما يميز الذكر عن الأنثى ظاهريا، وهذا مجرد تعريف لجانب من جوانب الرجل، فماذا عن الجانب الأهم -سمات الشخصية-؟ متى نقول: أصبح رجلًا؟ هل حين يكون فظًا، عنيفًا، متسلطًا، عنيدًا، يطلب ما لنفسه فقط؟ للأسف هكذا يفهم البعض معنى الرجولة! بل والبعض في مجتمعنا يفتخر بهذه الصفات السيئة ويبررون ذلك بأنه هكذا تكون طبيعة الرجال وعلى المرأة تقبل ذلك لأنها جُبلت على المسكنة والخنوع للرجل.. عفوًا هذه أفكارٌ مشوّهة لا تعرف المعنى الحقيقي للرجولة أو المعنى الحقيقي لصفة إنسان!
حين خلق الله آدم حمّلهُ مسؤولية القيادة، في حين أعطى حق التسلّط على المخلوقات وتعمير الأرض لآدم وحواء معًا، ذلك لأن قيادة الأسرة بحاجة لقائد حكيم، مُحب، يبذل وقته وجهده، بل ويفني صحته وسنين عمره لأجل مَنْ هم في رعايته إذا تتطلب الأمر ذلك، قائد يعرف كيف يُخرج أفضل وأجمل ما يملكه كل فرد تحت قيادته من صفات حتى تتحول لسلوكيات مفيدة وبناءة، قائد يدرك أن أعلى درجات السعادة لن يبلغها إلا في سعادته بأسرته وسعادة أسرته به، فما هو موقف الكثير من الرجال اليوم؟
إذا كان ميسور الحال، زادت نرجسيته وسار في الحياة واهمًا أنه بالمال يشتري هذا ويخرس ذاك ولا يرى لحق التشاور مكانًا بل على الجميع وأولهم نساء بيته –زوجة أو ابنة أو اخت- السمع والطاعة دون اعتراض، أما إذا كان رقيق الحال، يبحث بكل وسيلة ممكنة كيف يستغل هذا ويحقق أهدافه الخاصة على جهد ذاك، معتمدًا على الإبتزاز العاطفي لمن يثقون به دون مراجعة لنواياه وسلوكه، بكل تأكيد ليس جميع الرجال ينتمون لهذين النوعين من الرجال، وليس كل الرجال نشأوا على مفاهيم خاطئة عن معنى الرجولة، وليس جميعهم يتخلّون عن دورهم في الحياة، لكن ماذا لو أخفق الرجال؟


لن أنسى ما حييت ما علمتني إياه سيدة أميريكية فاضلة، حين كنت أحدثها بزهوٍ عن ما فعلته إحدى النساء في القديم حين قادت شعبها بالكامل في فترة زمنية حاسمة، قالت: "لقد أخذت هذه المرأة القيادة وعبرت بشعبها وقت الإضطراب حين أخفق الرجال في تحمُّل دورهم المنوطين به!"
هذه العبارة جعلتني أعيد حساباتي من جهة هذا الأمر، وأدركت أن القيادة في كل المجالات يحقُّ لها أن تذهب للأكفأ وليس لجنس أو لون أو دين أو حتى للأكبر سنا، أما في الأسرة فالقيادة لابد وأن تكون للأب، لكن إن فسد حال القائد.. فما هو حال الرعية؟ وأي مصير يواجهون؟
من المؤسف حقًا أن نرى الكثير من الشباب ينتظرون يوم العُرس بفارغ الصبر، وهم لا يرون في المشهد أبعد من وقوفهم بجانب عروس جميلة، يرتدون بذلة سوداء أنيقة وذقن حليقة ورائحة عطر ثمينة، موقع تصوير ساحر وحفل بمكان فاخر، ويحلمون بقضاء شهر العسل في جزر المالديف وذكريات يتحاكى بها الأهل والأصدقاء.. إلخ كل هذا دون الاهتمام بالتخطيط للحياة ومسؤولياتها ما بعد يوم العُرس، وهذا ما يفسر سبب الفشل في الكثير من الزيجات وتهدُّم الكثير من الأسر.
إنها رسالتي لكل شاب ورجُل، قبل أن تسعى لتكوين أسرة، اسأل نفسك أولًا: هل أفهم المعنى الحقيقي للرجولة؟ هل أنا على استعداد تام لتحمُّل مسؤولياتي ودوري في الحياة تجاه مَن سيكونون تحت رعايتي في المستقبل؟ الأمر أبعد بكثير من فرحة مؤقتة قد تنتهي سريعًا بنهاية شهر العسل!