ليس ذنباً ان تكوني انثى



نساء الانتفاضة
2020 / 6 / 20

قالت لي وهي تزفر الحسرات: لم أكن الوحيدة ولن اكون الاخيرة، انها بالحقيقة مسيرة لا تنقطع خطواتها، تتكرر يوميا، تحمل معها روتينها السيء والممل جدا
قلت لها: هدئي من روعك، واكتبي ما تعانيه، عسى ان تكون الكتابة متنفسا لك
أعلم أني لستُ الوحيدة التي أعاني من هذه المشكلة، فهناك شريحة لا بأس بها من النساء تُجاذبهن نفس الأمواج حيث تتعرض الكثير من الاناث يوميا الى شتى انواع التحرش والاساءة والاستغلال من قبل ضعاف النفوس. انه موضوع مهم يدعو الى دراسة الاسباب بعيدا عن الوصاية الاخلاقية، الموضوع أكبر من حصره في خانة العيب او الذنب الذي تتحمله الانثى في مجتمع ذكوري وقوانين مؤيده للرجل، وهذا الامر الذي يدفعني الى اثارة الكثير من علامات الاستفهام. هل وجود هكذا سلوكيات للأفراد الذكور في مجتمعنا سببه الكبت والحرمان من الاحتكاك الطبيعي مع الجنس الاخر (الانثى) في الحياة اليومية، ام هي ازدواجية في شخصية الفرد (الذكر) التي تتجسم في سلوكياته، ام هي حالة مرضية اجتماعية (فراغ فكري، وخواء روحي، وضياع هوية)؟ التي ترزخ فيها طبائعه الاستبدادية وصفاته الوحشية بوجود نظام اجتماعي طبقي ذو طابع عشائري متخلف يبرر ويتلمس له الاعذار. إن آداب السلوك هي فن التعبير عن احترامنا لمشاعر الآخرين وكيانهم ولكن عندما تتخذ منعطفا غير الذي عليه تجاه الانثى فهنا يبدأ صراع المرأة مع نفسها، يتخلله الخوف والتوتر والضغط النفسي كونها تتعرض الى افراط في التودد من قبل اشخاص غير رزينين وهمجية التفكير، يبدا النظر لها كفريسة سهلة المنال ربما لن يستطيع العقل تقبل بان كل هذا سيحدث ان قيل لك ذلك سابقا، غريب كيف تنهال الكلمات على الروح بجراحات عظيمة، ولكن سوف تضطر الى مواجهة مالم تكن تتخيله قبلا، سيتم فيها ربط للوقائع والأحداث وتصوير دقيق شامل لأعمق طبقات النفس وما يختلجها من أحاسيس فتضخ عقليتها بالأفكار مما يضطرها لإعادة الاحداث والتأكد بشكل كامل بانه ليس حلما او كابوسا، حينها يتملكنا شعور الخذلان من اشخاص لطالما كانوا اصحاب صورة راقية في نظرنا تلك المواقف الصادمة هي اصعب لحظات تمر على انفسنا
لم يروض المجتمع لأنفسنا بكلمة لا بدلا من نعم في المواقف التي يصعب علينا تقبلها من الداخل، كيف نقلب كفينا على ما مضى ونساير الامور ونوازن في ازماتنا النفسية بين شعورنا الحقيقي وبين الذي نريه للعيان وكيفية المقاومة بدلا من الجلوس في زاوية مظلمة والاعتكاف على أنفسنا في فوضى الافكار المنغرسة في صوامع اذاننا وننغمر بالانحباس في دائرة القلق وتعذيب الضمير والخوف من المجهول ومحاولتنا الحثيثة للتكيُّف بما لا يخدش مبادئنا، ولنكن دقيقين نتناساها أحياناً فهنا اجدني غير قادرة على قتل اسئلتي
هل هو ذنب اننا اناث؟ هل معنى ذلك اننا نبقى دائما عرضة للإساءة والتحرش؟ بسبب غياب قوانين تردع سلوكيات كهذه، علينا ان نتحرر من انتظار استحسان من الناس، ونكون ذوات شخصية قوية ومصقولة، لكي نواجه ذلك القهر الازلي، ونبني خطابا أكثر وضوحا حول قضايانا. ان "الأمل هو الثورة وهو تغريد العصفور الحر" كما تقول نوال السعداوي. الثورة بمفهومها الطبقي، أي الثورة الاشتراكية، فقضية تحرر المرأة تحررا كاملاً ومساواتها مساواةً كاملة مرهون بتحقيق تلك الثورة وبناء المجتمع الاشتراكي، لذا نرى بأن نضال المرأة التحرري جزء لا يتجزأ من نضال الطبقة العاملة من أجل انتصار ثورتها