العنف ضد المرأة لا دين له



ربيحة الرفاعي
2020 / 7 / 31


واحدة من ضحايا العنف ضد النساء. شابة مسيحية اعتنقت الإسلام، ولأن ذكورية المجتمع لا دين لها، فقد قتلها أبوها، كما يفعل بالمقابل آباء مسلمون إن فكرت بناتهم أن يخترن لأنفسهن فكرا أو دينا أو نمط حياة، يختلف مع تلك المفروضة عليهم ميراثا لا يمتلكن الحق بالتنازل عنه او حتى مناقشته.
حدثت هذه الجريمة في العام 2014 أي قبل ست سنوات من اليوم، ولم تمر بصمت، فقد ضجت بها الهيئات الحقوقية والإعلام والشارع الأردني كلّه، مطالبين بإيقاع أقصى العقوبات بالجاني.

أما لماذا أذكرها الآن، فلأن خبر مقتلها يصفعني عشرات المرات يوميا على صفحات الفيسبوك، وتويتر، وفي رسائل الواتس آب والماسنجر وغيرها، منذ جريمة صافوط، في إحياء مقصود لقصة تراكمت فوقها قصص مشابهة، وبدهاء يأتي الخبر مبتدئا دائما بالإشارة لمسيحيتها، والادعاء بأن الحادثة كانت منذ شهر من الآن، ومذيّلا دائما بالادعاء أن الجريمة مرّت بهدوء وصمت ولم تلق ردّة فعل من الشارع الأردني، وتساؤل مغرض موجه للتنويريين ودعاة حقوق الإنسان، حول ذلك الصمت المزعوم، لأن ثمة توجها ذكوريا رجعيا يحاول حماية مكتسبات بطركية الفكر والتركيبة القيمية القائمة، بالاتكاء على الاسلام، واتهام الحراك الواعي الذي نشط بعد جريمة صافوط، والمنادي بتعديلات قانونية تنصف وتحمي المراة في الأردن، ، بأنه حراك معادي للإسلام، وأنه يصمت عن أية جرائم عنف ضد المرأة إن لم تصدر عن مسلمين، ويتخذ هذا التوجه من تلك الضحية الحيّة في قلوبنا دليلا على ادعائه الكاذب مزيّفا مفاصل هامة في القصة.

فقط لأن بتول حداد مسيحية، أعادوا بعث قضيتها، بعد كل ما مضى عليها من سنين، قافزين فوق جثث وآلام كل من قتلن أو تعرضن للعنف والتعذيب منذ مقتلها، معتقدين أن مرور كل ذلك الوقت على الجريمة كاف لينسى الناس ما كان من ردّة فعل تجاه مقتلها لا تقل عن ردّة الفعل تجاه جريمة صافوط.

ولهم نقول: كذبتم .. لم يقابل قتل بتول بصمت، ولن يقابل قتل امرأة أو تعنيف امرأة بصمت، بصرف النظر عن دينها او فكرها أو نمط حياتها، فابتعدوا بفزّاعاتكم التي لن تخيف نور الشمس، ولن تفرض عليه التراجع أمام ظلمة أفكاركم، ولا تحاولوا تزييف الحكايات، فذاكرة النور قوية، وأهله قادرون على تحديكم بالحقيقة.