قضية هند حناوي : ملاحة ساخنة تقلب الصورة....



فاتن نور
2006 / 6 / 30


قرأت الكثير مما قيل ويقال حول قضية هند حناوي.. هناك من وقف مع قضيتها، وهناك من ثار ضدها..
اغلب ما تناولته اقلام ممن وقفوا ضد هند يكاد لا يخرج عن الإطار التقليدي للفهم الآحادي والوجه الذي لا يبصر إلا بعين واحدة تفلق البصيرة وتهبط بالحكمة الى الحضيض وتخلع عن العدالة مفهومها الإنساني...

القالب الثوري ادناه والذي التمسته بتصرف من بعض الكتابات هو الخطاب السائد لمن وقف مع الجبهة المناهضة للقضية ولتأثيراتها الأجتماعية السالبة وكما يعتقدون........

" عندما تصبح الرذيلة شرفا والشرف عارا،وتصبح الزانية مناضلة، يروج لها دعاة الدعارة الفكرية وحماة الفسق والفجور والإبتذال الأخلاقي، ويناصرها أعداء الفضيلة ورفاق الشياطين والأبالسة،تقف المناضلة هند بفجورها وبعدما ناضلت وجاهدت بين احضان عشيقها وتمرغت بشهوتها بين الشراشف والأسرة،تقف في المحكمة وبكل صلف وانحطاط مفتخرة معترفة بلا خجل بفسقها لتطالب وبكل قذارة اخلاقية، عن حقوق اللقطاء.."

تلك كانت نبذة مختزلة.. ثورة وجدانية اخلاقية لا بأس بها وتمتلك مبرراتها المستقاة من طبيعة الوعي الإجتماعي ومستواه..

ماذا لو قرأنا النص اعلاه بإتجاه آخر لا يلزمه غير تعديل بسيط.. .. لنقلب النص اذن..


" عندما تصبح الرذيلة شرفا والشرف عارا، ويصبح الزاني مناضلا يروج له دعاة الدعارة الفكرية وحماة الفسق والفجور والإبتذال الأخلاقي ،اعداء الفضيلة ورفاق الشياطين والأبالسة،يقف المناضل الفيشاوي بفجوره وبعد ان ناضل وجاهد بين احضان عشيقته وتمرغ بين شهواته بين الشراشف والأسرة،يقف في المحكمة وبكل صلف وانحاط مفتخرا غير معترف بفسقه وبلا خجل ليسحق وبكل قذارة اخلاقية، حقوق اللقطاء.."

ما الفرق بين النصين؟.. كلاهما يكشف عن حقيقة مؤكدة..النص الأول ينطوي على اعتراف بخطيئة ومطالبة بحق لقيط لا ذنب له ولم يستقدمه العدم..
.اما النص الثاني فينطوي على نكران للخطيئة ومحاولة الفرار من تداعياتها والتملص من المسؤولية وتهميش حق الليقط، وكأنه قد أستقدم من فراغ ووضع في رحم امرأة..... النص الأول لا يرى الخلل إلا في المرأة.. النص الثاتي لا يرى الخلل إلا في الرجل.. علما ان الخلل مشترك وما كان له ليقع دون شراكة ثنائية تعاونية ساهمت بنفس العدد من الأسهم الأخلاقية والتربوية وبنفس الرغبة في الإتحاد والتعاون!..

الوقوف مع هند حناوي قد لايفهم بشكل سليم وبوعي مُدرِك..فقد يفهم وكأنه دعوة للشباب للإنخراط في ميدان الجهاد ونضال الليالي الحمراء، وهذا فهم يعوزه الكثير من المثابرة لفهم قيمة العدالة الأجتماعية بلا تحيز ذكوري...
عدم اعفاء الطرف الآخر من مسؤولية ما اقترف يقع في صالح المجتمع ويردع الذكر عن الإنفلات، فهو من سيتحمل مسؤولية انفلاته ومشاطرة تداعيات الإنفلات مع الأنثى المنفلتة،المجتمع الرافض لردع الذكور والمفتخر بردع الإناث وتحميلهن كافة المسؤوليات مجتمع مازال ينهل من خزائن الصحراء والبرية....

ناضلت هند بليال حمراء غبراء وناضل الفيشاوي وبنفس المستوى والعمق من ثورية النضال وحب الجهاد!..ناضلا سوية وصفا الى صف بخندق واحد وتحت راية واحدة، أن نمد ايدينا بسخاء وكرم لنضع ثمرة الجهاد الليلي بيد المناضلة دون المناضل الذي ناضل بنفس المستوى من الكفاءة والمقدرة وراح غازيا ليله بكل فاقع ومائع وتواد ورضى لإقتناص متعة الغزو مع رفقيته،ان نمدها بسخاء لنضع الغنيمة الكبرى بعنق المناضلة ونبخس حق الآخر، فهذا جبن ما بعده جبن،وانانية بلهاء لإستلاب حق الآخر!!...الكرم مع المناضلة كونها انثى،شيء جميل!، ولكن بشرط ان لا يصل لحد الإنانية وسرقة جهود المناضل الآخر حتى وإن تنازل عنها او فر هاربا لابد ان يفتح له حساب توفير لإيداع رصيده المقسوم وحصته الكاملة من عرق جبينه المبذول،هذا من باب الأمانة والإنصاف الأجتماعي...وكلنا نعلم ماذا يعني ان نسرق عرق جبين الآخر!..

علينا ان ندرك وبهدوء..الوقوف مع القسمة المنصفة بعد كل غزوة ليلية لا يعني الوقوف مع الغزو الليلي وتشجيعه.. انصاف بذرة بريئة لا تعلم لماذا غرست بعد غزوة او صولة،واقرار نصيبها الطبيعي من السقي والرعاية كي تنمو وتترعرع.. لايعني انصاف النضال فوق مثل تلك السوح الدبقة واضفاء الشرعية على المناضلين فوق ترابها.....
بذرة كتلك لايمكن ان تكون لقطية امام الرب فهي معرّفة النسب والحسب!..هلا التقطنا نسبها من عنق النضال المشترك........

من المفيد احيانا قلب الصور الأجتماعية لرؤية الآخر الذي قد لا يسلط عليه الضوء ويصار لتهميشه وإن كان مناضلا فاتحا لنوافذ البطولة وشاهرا سيفه للجهاد في الظلمة او على اضواء الشموع ومع حشرجات وبلل الأجواء!..
لم افهم حق المناضل الفيشاوي إلا بعد ان قلبت الصورة!، فأصبح من الهراء عندي استلاب ثمرة نضاله ووضعها برمتها بين كفي هند!!.. وبات من العار في نظري سرقة جهوده وعرق جبينه المثمر!

عموما..إن اختلف اثنان من المجاهدين بشهواتهم حول اقتسام الغنيمة وانكر احدهم بذرة جهاده وفضل عدم زرعها وسقيها بانصاف ومشاطرة مع الآخر فليذهبا الى القضاء...ولو ان الأفضل هو عدم الجهاد بغير المباح اجتماعيا كي لا يستباح الحق وتفلق الحقيقة ليختبيء نصفها في اطيان الذكورة بدفء، ويحرر نصفها الى فضيحة في عنق انثى..