قانون وليد قوانين ومشاكلٌ منذ الأزل



مروة الأمير
2020 / 8 / 25

طالبت بعثة الأمم المتحدة في العراق الاسراع بتشريع قانون العنف الأسري وذلك اثر تزايد جرائم العنف الاسري
التي حدثت في العراق خلال الاشهر الاولى من العام المنصرم
ففي الاشهر الاربعة الاولى من السنة فقط
عاش العراق جرائم عنف اسري, اغتصاب ,جرائم شرف
..
بين مؤيد ومعارض, ناقش البرلمان العراقي ملف قانون الحماية من العنف الأسري
وذلك في تاريخ4_8_2020.بعد تصديق مجلس رئيس الوزراء العراقي "الكاظمي"
على ملف قانون الحماية من العنف الأسري.
من بين المعارضين "عمار طعمة" نائب في البرلماني العراقي وكان اعتراضه بحجة واهنة : ان قانون مناهضة العنف الاسري الذي يحمي حق المرأة والطفل ويمنع زواج القاصرات ,قانون يعارض الثوابت الاسلامية

يبقى السؤال: هل قانون العنف الأسري, يحمي المرأة؟ أم العائلة؟
هل فعلا القانون يفكك الأسرة؟
بحسب مسحة اجرتها صحة الاسرة العراقية سنة 2006 ان واحدة من خمس نساء تتعرض للعنف
وفي دراسة اجرتها وزارة التخطيط مع هيومان ريتش سنة 2012
ان 36%من النساء على الأقل تحدثن عن الأذى النفسي الذي تعرضن له من ازواجهن
23% تعرضن للإساءة اللفظية 6%للعنف الجسدي9%للعنف الجنسي
تعرف .د افراح جاسم محمد, العنف, على انه ليس فقط الضرب والتلفظ بل يصل الامر اتلاف الممتلكات ,الحرمان من الحاجات الانسانية وسلب الحرية ,مما يشكل مشكلة لا تقف آثارها عند حدود الحياة الفردية أو الأسرة التي يقع فيها العنف فقط ,وانما تشمل المجتمع بشكلٍ عام

والعنف الأسري لا يقتصر على ما ذكرته د .فرح بل يصل الأمر الى العنف الجنسي كما ذكرت هيومان ريتش
والقانون العراقي لا يجرم الاغتصاب الزوجي , لا بل يعرف به على انه حق من حقوق الزوجية
تقول المادة 393 من قانون العقوبات العراقية(لا يتصور وقوع اغتصاب من الزوج على زوجته ما دام الركن المادي لجريمة المواقعة يقتضي وقوع الفعل على محل محرم ,فاذا كان المحل يتصف بالحلية كان الفعل مشروعا بقيام الزوجية.


• العنف لا يتوارث عبر الدم, بل يكتسب او ربما يكون بسبب تغيرات لا جينية يكتسبها الانسان بسبب تراكمها لأجيال
فكما تقول لونا عبد الله دنان في بحثها0ابناؤنا العنف اللفظي, الاساءة اللفظية اتجاه الأطفال)قد تتأثر معاملة الوالدين لأطفالهم الى حد كبير بما خبروه من تجارب ايام طفولتهم ,لذا قد يوجد ارتباط بين شكل الاساءة التي يتعرض لها الأبوان من قبل آبائهم سابقا مع شكل اساءتهم لأطفالهم في الوقت الحالي.
قانون الحماية ضد العنف الأسري لا يحمي المرأة فحسب ,بل يحمي الانسان اولا والعالم ثانيا
وان استمرارية العنف وتوارثه اللا جيني قد يخلق نزاعات طائفية او سياسية او حتى بحق الانسان نفسه

تعرف د .افراح جاسم التوارث اللاجيني او التفاعلية الرمزية :ان سلوك العنف ضد الزوجة, هو سلوك متعلم من خلال التنشئة الاجتماعية, ومن خلال تقليد الأدوار كتقليد الابناء سلوك الأب العنيف ,مما يؤدي الى توليد العنف مرة أخرى.
وفي رأي د. هشام شرابي ان العالم العربي ينشأ على اساس نظام ابوي: يقول في كتابه النظام الأبوي واشكالية تخلف المجتمع العربي: لا يخفى على احد بأن هناك بعض الخصائص في مجتمعنا العربي تمثل أنماط السلوك الاجتماعي يستخدمه البالغون أساسا لتنشئة الطفل, أهمها السلطة الأبوية فالأسرة العربية أسرة هرمية يقوم التمايز والعمل فيها على اساس الجنس والعمر, اذ قد تغلب على بنية العلاقات الأسرية مظاهر السلطة الابوية التي تؤدي الى ظهور هيمنة مزدوجة
متمثلة بسلطة الأب على الأسرة والذكر على الأنثى من حيث المكانة وتقسيم الأدوار داخل الأسرة
توافقه الدكتورة فوزية العطية في رأيه في نشأة الأسرة العربية في ظل نظام أبوي: ان النظام الأبوي ساعد على تسلط فئة على أخرى والرجل على المرأة وأدى ذلك الى توارث الأفراد والمجتمعات هوياتهم و انتماءاتهم.
ولا يخفى على الجميع ان للحروب والاعلام الحصة الأكبر في نشر العنف
مخلفات الحروب لا تموت مع موت الحرب, ان العوز المادي
والقلق التي تتركها الحروب في نفس الانسان والتعايش العنيف مع الموقف كفيلة بجعله يتخلى عن ذاته

فليس ببعيدة الحرب العراقية الايرانية عن الذاكرة العراقية
وتوالي الحروب الأخرى ليس ببعيدة عن الحديث اليومي
أهمها الحرب مع د1اعش التي خلفت الكثير من الأطفال المتعطشين للقتل
لكثرة تعايشهم الموقف.
وليس بغريبة ألعاب الحروب عنا ففي الأعياد بالأمس كنا جميعا نحمل الأسلحة الكاذبة ونقتل بعضنا البعض
متباهين بكوننا من ضمن العصابات الخطرة التي نجهل تسمياتها
وكل هذا لا بد اننا تعلمناه من مكان ما أو شخص,اما الآباء أو الاعلام.


يقول عدنان الدوري ان وسائل الاعلام تساعد على الاعتقاد بأن القسوة هي الاسلوب الاعتيادي. للتعامل مع الآخرين في الكثير من العلاقات والمواقف الاجتماعية اذ ان عرض المشاهد العنيفة والاجرامية قد تشجع على شيوع سلوك اللاجتماعي وعلى تنمية بعض القيم المتصلة بالعنف.

وفي سياق متصل تقول ليلى عبد الوهاب في النظرية الصراعية التي تعنى بشعور الانسان بالحرمان والاحساس بالظلم الاجتماعي, والعدالة الاجتماعية وسيطرة القيم المالية: العنف كما يؤكد الماركسيون: لا ينتمي اسبابه الى الطبيعة البشرية, بل هو ظاهرة تاريخية عنيفة, فاذا زالت اسبابه وهو الملكية الخاصة والانقسام الطبقي اندثر تماما وحل الود والوئام.
ربما في كلام ليلى عبد الوهاب حل يجب الاطلاع عليه
ففي مدينة سنغافورة مثلا لا وجود للطبقية, واذا ما فكرت يوما العيش هناك ستجد في العمارة ذاتها
صينيون وهنود وسنغافوريين, والأمر لا يقتصر على اماكن السكن
حتى في مدارسهم وأماكن العمل,يمنع منعا باتا ان يكون المكان لطبقة او جنسية واحدة فقط.
ربما علينا أن نتعلم العيش كلنا في واحد
لكن لكي نعيش هذي الحياة أولا علينا القضاء على التمييز
ولأننا في قرن الواحد والعشرون فأن الحل يبدأ من الاعلام ربما!
لكن الاعلام العربي اعلام مبتذل و يفتقر جدا لثقافة التحضر.
بل انه اعلام مُسيس لا يعمل الا لمصلحة صاحبه.





القانون
برأي ابراهيم أبو الغار, "علم الاجتماع القانوني والضبط الاجتماعي: يعد وجود القانون حتمية وضرورة لحياة الانسان في الجماعة فالانسان يأنس بالعيش المشترك مع جماعة معينة,كما انه في الوقت نفسه يحمل ميولا فطرية تدفعه الى اشباع حاجاته الاساسية حتى اذا كانت تتعارض هذه الحاجات تتعارض مع مصلحة الآخرين من أفراد الجماعة ومثل هذا يقتضي اقرار مجموعة من القواعد والاحكام القانونية التي ترسم طريق التعامل الاجتماعي وتنظيم العلاقات فيما بينهم

ولكن...
هل قانون الأحوال الشخصية الحالي يسمح للمرأة ان تعيش بكرامة ؟او بسلام؟
حتى تتوقف عن المطالبة بتشريع قانون الحماية من العنف الاسري؟
في الشعوب المتقدمة تبدأ النجاحات من العلاقات السليمة
من امرأة واثقة قوية معتدة بذاتها لأنها ولدت في بيئة تحترمها وقوانين تتعايش مع زمنها
يقول المفكر السوري الياس مرقص :قضية المرأة انها اليوم محسوسة ملموسة ,المرأة حريم, الأمة حريم ,المرأة قاصر اذن الأمة قاصر.

يقول القانون العراقي الصادر عام 1969 وفق المادة (41)
_يحق للزوج ضرب زوجته بحجة التأديب
_يعفى المختطف من عقوبة الاختطاف في حال زواجه من الضحية(398)
_يعفى المغتصب من العقوبة في حال زواجه من المغتصبة المادة(427)
_يتسامح مع مرتكبي جرائم الشرف ويمنح عقوبة 3 سنوات سجن(يمكن للقاضي تخفيف العقوبة) اذا ارتكبت المرأة الجريمة لا تخفف الاحكام المادة(409)
واقصى ما قد يفعله القانون العراقي للزوجة او الزوجين بحسب المادة (40)لسنة 1959
_لكل من الزوجين طلب التفريق اذا أضر أحد الزوجين بالآخر أو بأولادها ضرراً يتعذر مع استمرار الحياة الزوجية.
بالرغم من تبني العراق اتفاقية سيداو عام 1979 التي عنيت بشؤون المرأة والتمييز ضدها
الا ان الحال ذات الحال.
ثم في اي غابة وحشية نعيش نحن حتى توضع كل هذي القوانين؟
هنا يطرح العقل سؤالاً:أكلما تقدم المرء قلت فرصه نحو الحرية؟
المرأة في الديانات القديمة الهة, ملكة ,شريكة
اليوم اين المرأة اين دورها عند العرب؟
ان كنا نتحدث عن مشاركاتها في السياسة والموقف اليومي
فنحن نتحدث عن جزء ضئيل.

يبقى السؤال الأهم هل يكفي اقرار قانون العنف الأسري وتطبيقه ؟ في بلد ليس في دور رعاية ,او معامل تستقطب اليد العاملة؟
جاء في المادة الثانية من قانون الحماية ضد العنف الأسري لسنة 2019
يهدف هذا القانون الى حماية الاسرة، وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من كافة اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية
وكل العارفين بلا شك,مثلي يعرفون جيدا ان هذا كلام على الورق
فاين الدور ولمَ لم يشرع القانون ان كان عمر الملف سنة؟



ثمت تساؤل آخر :هل نملك موظفات اجتماعيات متفرغات لزيارة بيت المُعنفة, في حال اقرار قانون العنف الأسري؟
بعد الشكوى. باستمرار لضمانية سلامتها؟ وسلامة من معها من المعنفات الصامتات في المنزل؟
كيف سنضمن سلامة من تجرأت على تقديم شكوى في مجتمع بربري
يفتقر ثقافة الاحترام؟



من اطلع على ملف قانون الحماية ضد العنف الأسري
يعرف جيدا ان اقرار القانون ليس كافيا لحماية الأسرة
فالبند لا يختلف كثيرا عن المادة(40)
والعقوبات ذات العقوبات التي تقع على المعتدي في المادة(409)
ورغم أن هذي القوانين مشرعة الا انها لم تحم الأسرة
هل قانون الحماية من العنف الأسري هو العصا السحرية لحل كل المعضلات؟
لكي نصلح الحال الاجتماعي
علينا اولا تفعيل قانون تجريم زواج القاصرات
ذكر في الفقرة الاولى من المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية الصادر سنة 1959 نصا
)يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشر.)
ولكن للأسف في سنة 1978
تم التعديل على القانون واصبح يسمح بزواج البالغ وصحيح العقل(مع عدم توضيح المقصود بالبلوغ ان كان جسديا او عمرا)
وعلى اثر هذا القانون تزايدت نسبة الزيجات القاصرة
فحسب دراسة اجرتها وزارة التخطيط عام 2013" أن 11٪ من حالات الزواج التي عقدت داخل المحاكم تندرج في خانة زواج القاصرات. مع وجود نسب أكبر تسجل خارج المحاكم. وقال وزير التخطيط والتعاون الانمائي علي الشكري في تموز/ يوليو 2013 خلال الاحتفال باليوم العالمي للسكان، إن 5.5٪ من النساء المتزوجات تزوجن قبل سن 15 سنة، 23.4 ٪تزوجن قبل بلوغ الـ18 سنة"