نساء ممنوعات من السفر ونساء مسرحات من العمل



ناهد بدوي
2006 / 7 / 3

في الوقت الذي يطالب العالم كله اليوم بزيادة المشاركة النسائية في الحياة السياسية في كل مكان. وفي الوقت الذي تشهد سوريا شحاً واضحاً بالمشاركة النسائية في الحياة السياسية والمجتمع المدني. نشهد قمعا متواصلا لهذه المشاركة.
رزان زيتونة محامية شابة، ابنة حقيقية لربيع دمشق، ممنوعة من السفر منذ عدة سنوات. منعت من السفر منذ ولادتها كناشطة في المجال الحقوقي والمدني. ويمكنك أن تميزها كابنة بارة لربيع دمشق عن معظم من عمل في مجال حقوق الإنسان، من بقايا الحركة السياسية القديمة، بأنها لم تسبغ يوما ميلا سياسيا على عملها في حقوق الإنسان. حاولت متابعة كل من اعتقل أو انتهكت حقوقه مهما كان انتماءه، فهي لا تعترف إلا على تعريف واحد للبشر: "إنسان".
واليوم تمنع من السفر ابنة ثانية لربيع دمشق، سهير الأتاسي، التي ولدت سياسيا في منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي وتحمل هويته. ذلك المنتدى الذي ولد على يد الحركة السياسية المعارضة، ولكنه استمر بالحياة لزمن طويل بفضل البيت المفتوح لهذا المنتدى. كان قرار إغلاق المنتدى بداية تنفيذ قرار إغلاق سورية كلها الذي اتخذ في حينها، ومازال مستمرا حتى اليوم. لقد ارتبط اسم سهير الأتاسي بمنتدى جمال الأتاسي وارتبط اسم منتدى جمال الأتاسي بالحوار الديمقراطي و ارتبط الحوار الديمرقراطي في سورية بالمنع، والمنع ارتبط اليوم باسم سهير الاتاسي، وبذلك تكتمل الدائرة، ويكتمل السجن الكبير الذي يدعى سورية.
سلمى كركوتلي صحفية أقرأ لها منذ الثمانينات لم أعرف عنها أنها من المعارضة كما لم أعرف عنها أنها من الموالاة. ولكن ماأعرفه جيداً أنها صحفية حقيقية لا تمت بصلة لأشباه الصحفيين المدللين الآن في سورية. الذي أعرفه عنها أنها كانت صحفية شابة تذهب إلى أقاصي البلاد في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات باحثة عن بناة البلاد الحقيقيين. كانت تكافح كي تقابل وتوثق لأبطال إنتاج كانوا يعملون أربعة وعشرين ساعة كي تخضر الصحراء ويخضر اسم البلاد. ولأنها صحفية حقيقية عانت كثيرا فيما بعد عندما ازداد الطلب على الولاء على حساب الكفاءة وازداد الطلب على التفاهة على حساب العمق بالتفكير. ونقلت إلى أقاصي البلاد ثم عادت ثم منعت من الكتابة، ثم ..... ثم انتهى الأمر بتسريحها تعسفيا من عملها، في القرار الجائر الأخير.
لينا وفائي مهندسة مدنية، من الكفاءات القليلة التي بقيت تعمل في قطاع الدولة المتداعي، ولم تشأ أن تفتح مكتبها الهندسي الخاص رغم نصائح زملاءها لها، ورغم الظلم الواضح الذي تعاني منه من حيث عدم تكافؤ الأجر مع العمل والوقت المبذول. كانت تجد نفسها في عملها. ولكن وظائف الدولة لم تعد تتسع لأمثالها فهي مازالت تفكر ومازالت تحتفظ بحيويتها الذهنية، لذلك سرحت تعسفيا من عملها في نفس القرار الجائر.