أحلم بأمرأة تقلب المعادلة



رغد علي
2006 / 7 / 5

ثلاث نعوش رمزية لطلاب جامعة تتقدم ملفوفة بالعلم العراقي, تتبعها كوكبة طويلة ممن سرقت الضحكة من شفاههم, ورسم البؤس والحزن اشاراته علي محياهم , فالزرقاوي أفتي بوجوب تشريدهم واغتصاب براءتهم, لكن أيادي تلك البراءة تحمل علما عراقيا بحجم اعمارهم , خلفهم نساء عراقيات متشحات بالسواد , يحملن صورشهداءؤهن , مسيرة صامتة بلا شعارات رنانة كاذبة, ولا كلمات جوفاء فارغة , مسيرة تجمع كل العراق , كل العراق يسير بشوارع بغداد, متجها نحو السفارة الفلسطينية , القصد منظمة حماس , هناك فقط سيعلو صوت موطني موطني, تشدو به الحناجر الجريحة ! , ألا لتسقط حماس !!

رسمت تلك المسيرة بمخيلتي , وعشتها كحقيقة, ان سقط الجمل كثرت سكاكينه , تجرعت غصة مرة لا من حماس, فمن يبكي علي الأرهاب ارهابي ,انما لأن دور المراة العراقية ما زال محصورا بادورا جانبية , لا تمثل الهوية الوطنية بقدر ما تمثل حاجاتها وتطلعاتها الذاتية .

حماس تنعي من يقتل شعبي وتصفه بالبطل المجاهد, وبلدي يغرق بالدم , وهن يواصلن عقد الندوات عن قانون الاحوال الشخصية وحرية التعبير!!!!!!!!

ألا لتسقط حماس للمرة الالف , ولتسقط كل طموحاتي الذاتية , أمام وطن ينزف دما , وطن تهدده الالاف القضايا , وتحاصره كل اشكال البلايا , فليس من بلوى بالدنيا الا ووجدت لها في العراق موقعا , تقارير الامم المتحدة تشير ل 100 ارملة تضاف يوميا للعراق , و 40 % من الضحايا اطفال , رؤوس تقطع,وخطف بالجملة , نفط ينهب , وعقود نفط خطرة للغاية تمرر , وفساد اداري كالسرطان ياكل بالدولة , و من يعيشون بمخيمات المهجرين بدؤوا يعانون من امراض واوبئة أما عددهم فقد تجاوز المليون فرد !! , الميليشيات لها احكامها , و كل امراة عراقية تعد اطفالها باليوم عشرات المرات لتتاكد من العدد !!

أعطني وطنا فيه قانونا , وطنا ارى فيه رائحة السلام دون دم ودمار , فمنذ اربعين عاما ونحن ننزف , وحماس بوقاحة تبارك , والحالة اكبر منا جميعا .

أين القضية الوطنية التي تعمل لاجلها المراة العراقية ؟
ما هي المعضلة الحقيقية ؟
قانون الاحوال الشخصية من عمل العراقيين , بامكاننا ان ناتي بأفضل منه , ولن يتوقف نضالنا ابدا , فالتاريخ يشهد علي قدرتها , لكن أين اضع هذا القانون بدولة لا قانون فيها من الاساس؟؟ , لتخرج للشارع وتحدث مع اي أمرة واعية, ستسمع الرد : اننا نموت وتقول لي قانون الاحوال الشخصية !!!

بلي لقد سلبوا حق المراة بالوزارات والمناصب لكن من في العراق قد أخذ حقه , الرجل الكفوء نفسه لم ياخذ حقه , فلماذا همشت كفاءاتنا التي لها باع طويل ؟؟ , تبرز هنا القضية الاشد خطورة وهي المخاصصة الطائفية التي ستحرق الاخضر بسعر اليابس !!

لا اقول هذا تعزية للمراة انما لتبصر كل ما يحيط بها , لعلها الافضل حالا , لان عدد الرؤوس المقطوعة من الرجال يفوق عدد الرؤوس المقطوعة من النساء , اما عدد رؤوس الاطفال المقطوعة ليس لدي رقم دقيق!!!

العراق بحر هائج من العنف , والمرأة جزء من هذا الكل , منطقيا ان تاخذ نصيبها من التهميش والعنف , فهل ستبقي طويلا بتلك الزاوية الضيقة المحدودة التي تمثل بنات جنسها فحسب ؟؟؟ أليس من المفروض ان تدخل معركة العراق بين ان يكون أو لا يكون ؟؟! العراق اليوم بحاجة للكل لا للجزء, و المرأة لم تقدم عطاءا يتلاءم مع حجم الحدث !!


القضية ليست قضية حقوق المرأة بتاتا , بل أكبر بكثير , فهي هل يكون العراق دولة ذات قانون ؟؟, او بقعة ارض تفرض الميليشيات فيها قوانينها ؟؟, أين أضع قانون الاحوال الشخصية حينها وأي ميليشيات ستعمل به ؟؟! !

لا ادعو ابدا ان تنسي المرأة العراقية حقوقها الذاتية , لكن لتكون قضاياها وطنية بحجم الوطن ,بموازاة حقوقها الذاتية, كلنا بحاجة لنداوي بعضنا, ونشد ازرنا , لنقوم من كبوتنا, ولا يكون هذا ما لم تساهم المراة بكل ثقلها بالقضية الوطنية , فلا حماس ذي تنفعنا , و قوات التحالف تتفرج علينا , الدنيا كلها لن تفيد نا لو تمزق وطنا اسمه العراق .

اثبت الرجل العراقي فشله الذريع باحلال السلام, والمراة تنتظر الفرصة, لكن الفرص لا تمنح انما تستغل وتنتهز , و ما يدور بالعراق هو أعظم فرصة للمراة لأثبات وجودها , واذا كان للرجل عضلاتا وميليشياتا, فان للمرأة عقلا يمكنها ان تدير العالم من مكانها , فالخالق وهبها قوة خفية مقابل قوة الرجل , فلم لا نستغل ذكاءنا السياسي الفطري .

حان الاوان لنغير من سياستنا , فما الذي قدمه ذوي المناصب؟؟, وما الذي قدمته الوزيرات السابقات مع كل احترامي لهن ؟؟, وان كان هناك عطاء من هنا وهناك, لم يكن بحجم معاناة الشعب.

ابتسمي ايتها العراقية للرجل الذي يهمشك , لانك تعرفين ان دولة دون نساء فاعلات يملكن من الوطنية قدر ما يملك الرجل هي دولة ناقصة وفاشلة , سامحيه واغفري له خطأه , هذا عقله, فخذيه علي حجم عقله , ولان فيك دهاءا ربانيا ستفرضين نفسك عليه حين تتفاعليين مع شعبك الجريح , ساعتها لن تقدر قوة بالدنيا ان تهمشك , فمن همشك بالامس سيكتشف حاجته الي دعمك ووجودك الحقيقي.

لم لا تستغلين هذه الهوة السحيقة التي بين الحكومة والشعب, وتملىء ذلك الفراغ ,لا احد سواك قادر علي ملأه, فالشعب يريد من يطالب بحقوقه فكوني لسان حاله , لا لسان طموحاتك الذاتية , ذاك هو الطريق الشاق الطويل , حين يثق الشعب بك سيراك خيرا من الف رجل , فاعملي لتثبيت الديمقراطية لتثبتي حقك وحق شعبك .

بحوار مع صديق عرض فكرة , كأن يحاول جمع نصف السلاح الذي عند الافراد والعشائر, وجدتها فكرة ذهبية لو تبنتها المراة , فهل أقدر من المراة علي اقناع الاخر بترك سلاحه؟؟, قال لي ذلك الصديق : جمع طلقة واحدة قد ينقذ روحا واحدة ,من ممكن ان يتفاعل مع هذه القضية أفضل من المراة؟؟ والمرأة بطبعها تنفر من السلاح , كل حروب دنيا قادتها رجال لا نساء , فلم لا ترفعين اليوم الراية لاجل السلام .

اقترح حمل سعفة نخل عراقية لتكون رمزا للسلام العراقي والحياة , بامكانك وحدك صنع هذا , وهنالك الف فكرة , فقط انظري لحال شعبك , انفعلي وثوري ولا تهدىء ابدا .

المنصب الحقيقي الذي تطمحين اليه لن تمنحك اياه المخاصصة الطائفية المقيتة , ولا اجندة الاحزاب , انما شعبك وحده سيقدمه لك حين تعملين له, من اجل وطنا اسمه العراق , هل تعلمين ايتها العراقية ان مجموعة نساء بسيطات غيرن السياسة بالارجنتين!!

احلم بامراة عراقية طرحها وطني بحت , قضيتها العراق كله ,لا جزءا منه , تلك المراة ستكون قادرة علي قلب طاولة اللعبة السياسية راسا علي عقب, ومن يدري لعل الرجل ياتيها طالبا منها منصبا وحقا !!!