اغتصبوا عبير فلم تهتز شواربكم !



سليمان الفهد
2006 / 7 / 7

عبر الأزقة العراقية البائسة وبين الجدران الخاوية لبيوت الفيحاء القديمة الكئيبة جاءتني أصداء الآهات المتكسرة في الصدور المعذبة تعرج وتمتزج مع أدعية الملائكة التي تسبح في السموات وهي بانتظار عبير قاسم المثقلة بجراحات الوطن الذي غطته ظلمات الحقد الأعمى والاستبداد القهري .
بزغ فجر اللا حرية مع نسمات الصباح الأبدي وأشرقت شمس الفيحاء الحزينة بنورها الشاحب بعد أن اندحر الليل الكالح المظلم مع اندحار أصنام الأرض والهة الشرك والاستكبار وتراجع الظلم وتقهقر بعد هبوب رياح التغيير الموعودة لواقع فاسد ليرتفع إلى مستوى اللا إنسانية .
عبير , تخنق أنفاسها مع أول صرخة حرية قادمة , تذكرت فيها صرختها الأولى في الحياة . وتزهق روحها لا لذنب اقترفته إلا لكونها . جميلة كنخلة البرحي , بريئة كالرافدين , أنثى بكل المعايير . فالعجب كل العجب إنها لا تملك سلاح دفاع عن الإرادة العراقية . كحكومة العراق . عوقبت عبير وحوسبت على أمر قهرت عليه , فكانت ضحية الاغتصاب والوأد الجاهلي الأمريكي في أحلك عصوره المظلمة .
عبير , بنت الربيع السادس عشر , سلبت إنسانيتها وجردت حقوقها في الحياة وبقيت مضرجة بدمائها على الأرض . ضحية عبث الجاهلين الحاقدين . بقيت مسجاة تلطم وجهها رياح عاتية , قتل استمرار عطاءها استبداد الإنسان المحتل الجاهل وجبروته الفوقي العنصري المقيت .
عبير , سلبت هويتها الإنسانية , إنسانية الأنثى الانسان . فدقت أجراس خطر الكرامة العراقية , التي سحقتها جنود التتار وهولاكو العصر الحديث . فلو كانت الحادثة الأولى لاعتبرناها غلطت مجنون شاذ . العملية تكررت في هيت وعانه والفلوجة والرمادي وديالى والبصرة والناصرية وكربلاء والنجف وحتى في أغوار كردستان الآمنة من بطشهم , وليست جنون أبو غريب ببعيدة عنا ولا زالت عالقة في الأذهان وستبقى على أمر العصور . لكن حوادث كهذه لم يكتشفها الحكام الجدد ولا الإعلام العراقي المكبل من الحركة المكتوي بناري الإرهاب والاحتلال , في كل فضيحة مجنونه يكشفها الجنود أنفسهم لا غير . وما خفي أعظم .
عبير , أحرقت جثتها ببشاعة بأزالت بكارة العراق , تمزقت أشلائها بين الرصاص وحراب الحقد الأعمى دون رادع . وكأني اسمعها تصرح وا اسلاماه وا إنسانيتا . أين أبطال الكرامة والثأر , فسبقني احد أبناء الفيحاء بغسل جزء من العار بإعدام جنديين على الأقل من الكتيبة المدرعة 501 المشئومة لكنه لم يستطع النيل من ستيفن غرين المخمور الحقيقي ممثل ديمقراطية العراق وحامل لوائها صاحب الفعلة الذي هربته قوات التتار لأمريكا الحضارة والديمقراطية لتعاقبه بالفصل من بين صفوفها ليس إلا . كنت أتوقع أن تهتز شوارب حكومتنا للجريمة المشينة التي لا تغتفر , لم اسمع إلا صوتا مكسور العبرة من صفية السهيل لم يثني عليه مجلس نوابنا المحكوم بالمحاصصة البغيضة وواجهوا هذا الصوت بالبرود ومنهم من قال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهذا اضعف الإيمان , الجميع مكبل بقيود المرشد الروحي لجمهورية العراق الحر الديمقراطي للحجة الآية العظمى أبو عمر الأفغاني القابع في الخضراء الذي يمسك بعصا حديدية لكل من يمس أمريكا بسوء مهما فعلت .
عبير ,
وأختها هديل
وأبيها قاسم حمزة الجنابي
وأمها فخرية طه .
الآن ضيوف عند عادل مقتدر . سيرينا حلم السبعين عاما , بلمح البصر ليخزي الفاعلين والشامتين والساكتين والخانعين والمطبلين وأصحاب الأصوات المبحوحة وتجار الدم العراقي والكرامة المسلوبة .
عائلة بابلية كاملة اختفت من الوجود في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع الجميع . قسما , القرار كان دفن النفس حية فضلا عن سماع خبر متكرر كهذا ولم نستطع فعل شيء . حتى قلمي لم يسعفني الكتابة , ظللت أتخبط خجلا حتى من نظرات زوجتي وأطفالي لي , لا اعرف غير التدخين سلوتي . هذا ما استطيع فعله حتى اللحظة , لكن سوف يكون هناك لصبر أيوب حدود إذا لم يجد سياسيو العراق وحكامه الجدد منفذ لفك ارتباط المحتل والكف عن تدخلاته بشؤوننا . وان هاجسي المخيف القادم أن التتار وجنودهم يقروا لنا قانونا لطرق المعاشرة الزوجية واكل لحم الخنزير مستقبلا .
عندها ستهتز شواربنا ونحمل بنادقنا الصدئة المجردة من عسكرنا بعد فوات الأوان . لنقول هكذا فعل بنا " محررنا " ونطلق عليه حينها اسم المحتل , ولن ينفع الندم أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة عند الحسيب المقتدر .

ظََلْتْ ببغدادَ مَطِيَتي يَعتادُها همْان : غُربتُها وبُعدُ المُدْلَجِِ
ما بينَ عِلْجِ قد تعرًَِبَْ , فأنتمى أو بينَ آخرَ مُعرِبِ مُسْتعلجِ

وعذرا لدعبل بن علي الخزاعي صاحب الأبيات حيث غيرت كلمة قم فأبدلتها ببغداد .