الضمير



سجى مشعل
2020 / 10 / 12

لِحاظٌ إلى المولى تروح وتجيء، نحن لا نزال في طريقنا إلى الله من خلال اتّجاهنا لذواتنا، فالسّرّ المَكين والمَتين، ذو الرّصانة والإبداع الّذي أوجده الله فينا هو كوننا بشرًا، فَهو السّرّ الوحيد الّذي نحيا ونموت ونحن في رحلتنا للكَشف عنه. كان الله فينا في كلّ لحظة، منذ نفخِ الرّوح في هذه الأجسام المادّيّة وحتّى لحظة اكتشافها نواة استخدام عقلها الّذي ستكون دونه لا شيء.
وأنا في رحلتي هذه لأكتشف مَن تحت هذا الجلد النّحاسيّ شبه الزّائل، كنت أرى جمرًا مُتّقدًا، ينخُرُ ويحرق فيّ طيلة الوقت، لأكتشف بأنّه شيء يُسمّى "ضميرًا"، وأعرفَ حينها بأنّي لا أرتكز في تصرّفاتي إلّا على وخزاته إيّاي، فإذا أمحَلَ قبضته، وحالَ دون أن يذوّتني داخل نفسي، عرفت بأنّه يرفضني ويرفض شيئًا أقترفه، فَأنا أتجزّأ بسببه بين الحين والآخر.
وفي هذا الصّدد فحتّى نحن فإنّنا لا نعرف كيف سنصلح بعض الأمور الّتي كانت جزءًا منّا، وكنّا جزءًا منها، وأصبحَت نحن، وأصبحَت شخصيّاتنا، فالمرء منّا يسير مدّة من حياته على أطراف أصابعه ظانًّا نفسه بأنّه يمشي على الطّريق الصّحيح، حتّى تأتيه رسالة تُخبره بأنّه ما كان يعرف طريقَه الصحيح، وبأنّه ما كان يعرف شيئًا، ليبدأ من جديد رحلةً أخرى في نَحت مُضغطته، وليحثّها على السّلوان أمام ما ستضبط نفسها عليه من جديد.
لا نزال فعلًا في كلّ لحظة، وثانية، ودقيقة، وساعة، ويوم، وأسبوع، وشهر، وعام، وفي تعاقب هذه الأعوام نبحث عن شيء داخلنا يُؤرّقنا، وربّما لا نعرف ما هو، لكنّه يُساهم بشكل أو بآخر في تصويب دروبنا، ومشاعرنا، ويُشارك بشكل أو بآخر في نحت أفكارنا، وجعلها أكثر تنوّرًا وتفتّحًا، يجعلها أكثر قربًا من نور السّماء صوبنا، وصوب أرواحنا، فَلا ضير فعلًا من كوننا نبحث عن شيء حتّى لو كان خفيًّا، لكنّه سيُوصلنا إلى الله، وسيجعلنا نُصلح ما يمكن إصلاحه حتّى تنتهي رحلتنا في هذا الطّريق