إمرأة أقوى من كل الرجال !!



فيصل الدابي
2020 / 10 / 13

إمرأة أقوى من كل الرجال!!

من هي أقوى فتاة في العالم؟! هل هي أشهر عداءة عالمية لسباق الماراثون؟! هل هي أشهر بطلة عالمية لرفع الأثقال؟! هل هي عالمة فيزياء استطاعت أن تكتشف قانوناً فيزيائياً جديداً عجز كل علماء الفيزياء الرجال عن اكتشافه؟! الإجابة على كل هذه الأسئلة هي بالنفي!!
في عام 2015م، وفي ذروة الحرب السورية وأزمة اللاجئين الهاربين من جحيمها، اضطرت صبية سورية كردية، وهي قاصر عمرها 16 عاماً وتعاني من شلل دماغي وإعاقة جسدية، إلى الهرب على كرسيها المتحرك الذي كانت تدفعه اختها، وبعد جهد جهيد تمكنت تلك الصبية المعاقة، التي كانت حبيسة شقة عائلتها في حلب ومحرومة من الذهاب للمدرسة واللعب مع نديداتها، تمكنت من الانطلاق لأوسع الآفاق العالمية بعد أن استطاعت عبور البحر الأبيض المتوسط واجتياز 8 دول أوربية والتغلب على مخاطر قوارب الموت ومخاطر المهربين بمساعدة أختها حتى وصلت بسلام إلى المانيا ونالت هي واختها حق اللجوء السياسي!!
تلك الفتاة واختها ما زالتا تعيشان مع أخيهما في المانيا وتتواصلان مع والديهما العالقين في تركيا عبر الهواتف الجوالة وهما تكافحان من أجل لم شمل العائلة في المانيا، الآن أصبح عمر الفتاة 19 ربيعاً، ولأول مرة في حياتها دخلت المدرسة في المانيا بعد أن تم قبولها بمدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبعد أن كانت تلك الفتاة مجهولة تماماً بالنسبة للعالم حققت شهرة عالمية كاسحة وأصبحت رمزاً عالمياً لدعم اللاجئين ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة فقد ألفت كتاباً بعنوان (فتاة من حلب) يحكي قصة حياتها وكفاحها وقامت دور النشر حول العالم بترجمته إلى 13 لغة عالمية، وغزت صورها معظم القنوات التلفزيونية العالمية، والقت محاضرات عديدة أمام جمهور واسع وروت تجربتها الانسانية الفذة في أشهر البرامج العالمية، وكذلك أمام المنظمات العالمية مثل منظمة هيومن رايتس واتش، الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن مستخدمة اللغة الانجليزية التي درستها واتقنتها بنفسها في منزل أسرتها بحلب دون الذهاب إلى أي مدرسة، ولعل أقوى عباراتها التي نالت بسببها تصفيقاً دولياً حاراً هي قولها ان الانسان اللاجئ يحتاج للتعاطف البشري مثل احتياجه للملجأ الآمن وأن أسوأ شعور ينتاب اللاجيء هو أن يشعر أنه ضيف غير مرحب به، تلك الفتاة سعى نجوم نادي برشلونة للقائها وعلى رأسهم اللاعب العالمي الاسطوري ميسي ونشر موقع النادي صورتها مع نجوم الفريق في فيديو يقولون فيه ان نوجين قدمت قصة انسانية للارادة الفذة والكفاح والتغلب على الصعاب وأنهم يريدون مشاركة قصتها ليس مع الملايين من مشجعي برشلونة فحسب بل مع العالم بأسره، جدير بالذكر أن تلك الفتاة قد تم اختيارها ضمن قائمة بي بي سي لأكثر 100 امرأة تأثيراً وإلهاماً حول العالم لعام 2018م!!
لعل أكبر الدورس التي يمكن استخلاصها من قصة تلك الفتاة التي الهمت الملايين هي أن الاعاقة الجسدية أو الذهنية لا تمنع التفوق وأن ذوي الاحتياجات الخاصة قادرون على قهر المستحيل والتفوق حتى على الأصحاء إذا توفرت لهم الظروف الملائمة والقوانين العادلة وأن الحياة نفسها هي أكبر مدرسة لتخريج الانسان الناجح وأن بحث تلك الفتاة عن الأمن والسلام في وراء البحار وإعلان رغبتها الحارة في العودة لوطنها سوريا بعد انتهاء الحرب يمثل نداءاً انسانياً عاجلاً بضرورة إنهاء الحروب في سوريا واليمن وليبيا والسودان وفي أي مكان في العالم، فالأموال الطائلة التي تُصرف للحصول على الأسلحة واستخدامها في القتل والتدمير وتشريد المدنيين كفيلة بانتاج السلام في تلك الدول وتصديره للدول الأخرى!!
تلك الفتاة هي اللاجئة السورية الكردية نوجين مصطفى، وهي تستحق بلا منازع لقب أقوى فتاة في العالم، فهي قد أثبتت للعالم أن القوة الحقيقية هي تلك القوة التي تكمن في الارادة البشرية والتي تستطيع تحويل العجز والهزيمة إلى قدرة مدهشة وانتصار مذهل رغم قسوة الظروف ورغم قلة الإمكانيات!!
آخر نكتة: رجل عاطل، أدمن العطالة ، يعيش بلا عمل ولا بيت ولا زوجة، سألته إحدى العانسات باستنكار: لماذا لا تعمل وتبني بيتاً وتتزوج، رد عليها بمزاج منقطع النظير: سأشحد الله أن يبني لي بيتاً في الجنة ويملئه بالحور العين!!