مذكرات عزباء (خريف ٢٠٢٠)



نهى عبير
2020 / 10 / 20

أنا حره
أشعر أنني أتنفس الحرية منذ أن أنفصلت عن شريك حياتي، وأصبحت عزباء مرة أخرى..

بعض الناس يظنن أنهن في ربيع العمر، ويعيشن كالورود حين يرتبطن بشريك حياه يملئ حياتهن بجميل الحديث والازهار والحلوى والهدايا، ويعتمنن عليه لتشرق حياتهن، يعشن به، وتنطفئ حياتهن حين يتوقف حديثه او يقل، يصبح هو محور حياتهن منذ بداية ظهوره، ويتوقف الزمن عندهن من بعده..

ولكنني الآن أشعر بجمال الخريف، ونسماته البارده الحنونه، أنه فصلي المناخي المفضل، هو ليس بالشتاء القاسي والا بالصيف الجاف..
فحياتي كالخريف، هي الوحده حينما أريد، ومليئه بالرفاق عندما أريد، لست وحدي ولست ملزمة بأحد، لم أتعرض للوم وتوبيخ لو لم أخاطب احد، وسألقى الترحيب حينما أراسل ما أود مراسلته..

لن أهتم بأعياد الحب والميلاد لجلب الهدايا لأحدهم خوفاً من وجهه العابث، بل سأعطي عندما أشعر بمحبه العطاء..

لن أقضي أيامي في قلق وتوتر خوفاً من خيانه حبيب لي، لن أراقب أحد، لن أصنع سيناريوهات دراميه بوليصيه في عقلي عن الحبيب الخائن النذل، الذي يجب إرضائه بكل الطرق الممكنة واللا ممكنة ومراقبته كي لا ينظر لأخرى، وكأنه كلب أليف صغير إن داعبه أحد ذهب إليه؛ لكنني سأقضي أيامي لإرضاء ذاتي في هدوء أعصاب..

سأمارس الجنس حين تأتي لي الرغبة في ذلك، ولن يستغلني أحد بالابتزاز العاطفي وتحت مسمى الحب لتلبية رغبته وقت ما يشاء..

أشعر أنني حره تماماً بجسدي، هو الآن غير مدنس بعلاقة لإرضاء احد، وليس محبوس في قفص العادات والتقاليد، هو حر كروحي أيضا..
يلبى رغباته دون ضغط نفسي، يختار من يستحقه دون ابتزال أو تحفظ، يحترم الرفض، ولا يقبل سوى من يناسبه.

لست مضطره حتى لصنع كوب من الشاي لشخص أمر بذلك، كي لا يغضب أو ينهرني، أفعل ما أريد لأنني مقتنعة انني أريده..

أشعر أن وقتي ملك لي حتى ولو أهدرته في تأمل الحائط، فلن يوبخني احد الان على إهدار ممتلكاتي الخاصة..
كذلك مشاعري الآن هي ملك لي، لا يستنزفها احد باسم الحب أو الزواج..

منذ أن أصبحت عزباء وأنا كالطير الذي فتح له القفص بعد سنوات حبس..
شعرت في البداية أنه لن يمكنني العيش وحيدة دون شريك حياة!
كنت مغيبة حين سمحت للمجتمع أن يزرع في عقلي عقيدة أن لابد للمرأة من وجود رجل في حياتها، وأن الفراغ العاطفي والجنسي شئ مؤلم لن تتحمله شابة، وستعيش في ألم وحاجة حتى تلتقي بشريك أخر، أو تعض الطرف عن عيوب شريكها البشعة وتتحمله حتى لا تحرقها نيران الوحده..

لكنني أستطعت العيش وحدي، رفرفت بجناحي حتى السماء السابعة، وهبطت حينما أردت، وصنعت عشاً على كل شجرة أعجبني..
لم أشعر بحاجة لوجود أحدهم بصورة دائمة في حياتي، وأمنت بمقولة اننا فترات في حياة بعضنا..

أنا الآن أختار خريف عمري، وأراه أجمل فترات حياتي؛ فالربيع بالنسبة لي ملئ بحبوب اللقاح المسببة للحساسية، وإن أزدهرت فيه الورود أتى الصيف وجففها.