حوار مع الذات ...حول المرأة 6



سامان أمين
2006 / 7 / 10

أجد نفسي ملزما ً وأنا أترجم هذه الحوارات مع نفسي إلى كتابات ثم أرسلها إلى موقع الحوار المتمدن والتي تقوم بنشرها مشكورة ً أن أبدي شكري العميق وأمتناني لهذا الموقع كونها أرسلت رسالة الكترونية تستفسر من أنقطاعي عن الكتابة لهذه الفترة لظروف عصفت بي وكانت خارج أرادتي ، وهذا الموقف الكريم من الموقع وأدارته ِ يدل على أهتمامها بكل الاقلام التي تفكر وتكتب وتحاول جاهدة أن تحلم بمستقبل يكون العقل والحوار الدعامتين الاساسيتين للوصول إلى نقطة مشتركة بين متحاورّين مهما كان دينهما أو طائفتهما أو ايمانهما أو افكارهما . أقدم شكري العميق لهذا الموقع وأدارته ِ حيث أثبتت ولأكثر من مرة أهتمامها بكل قلم وبعيدا ً عن أسمه ِ وشهرته ِ في هذا العالم الواسع ...عالم الكتابة .. عالم الحوار المتمدن .
في خيال كل ٍ منا توجد مكنونات ومسميات نؤمن بها أشد الايمان وهذا يعتمد على كمية الثقافة التي نُثقف عقلنا وخيالنا به ِ ، وللمرة الثانية والثالثة " والالف ربما " أقول نٌثقف وليس نُعلم حيث ُ التعليم في أغلب بلداننا ألزامي ولكن التثقيف هو طوعي وذاتي، وحين نشعر مجرد الشعور في أننا بحاجة إلى مُتنفس لأخراج هذه الخيالات وما تحتويها من مكنونان ومسميات وايمانات وربما إلحادات إلى كتابات منشورة يقرأها ويتداولها مئات الالاف ويناقشونها فيما بينهم ويتأثرون بها لأنهم ببساطة لا يمتلكون ما يمتلكه ُ الكُتّاب والمثقفون ، ولا يختلف معي كاتب ومثقف وقارئ محترف أو قارئ أعتيادي مدى ما فعله وما يفعله ُ الكثير من الاقلام العملاقة والقوية والمؤثرة من ترويج فكرة أو اعتناق مبدأ وبغض النظر عن ماهيّة تلك الافكار ومدى أيجابياتها أو سلبياتها ، إذن نحن ُ أمام مسؤولية كبيرة إتجاه القارئ ....في ...
- إختيار المواضيع التي نكتبها وما تحتويه من أفكار أو تحليلات ذاتية .
- التوقيت المناسب لنشر تلك الافكار .
- المشاكل والسلبيات الموجودة في المجتمع ومدى علاقتها المباشرة مع ما مكتب .
.... وصلت الفكرة ولكن ما الذي تبغي اليه من وراء هذه المقدمة ...؟

القصد وراء هذه المقدمة هو عدة إستفسارات وتساؤلات أوجهها للمحامية والكاتبة والزميلة سحر مهدي الياسري حول المقال التي كتبتها في هذا الموقع والتي نُشرت في عددها 1572 بتاريخ 5-6-2006 وتحت عنوان " عقد الزواج ... وتكريس النظرة الدونية للمرأة " ....

سيدتي ....
حين قرأت ُ مقالتك ِ استغربت ُ وحزنت ُ من تحليلك ِ أو رؤيتك ِ لعقد الزواج وكَوني كتبتُ عدة مقالات عن المرأة وجدت ُ نفسي أُكرس ُ هذا الجزء لتوجيه بعض الاسئلة وارجو أن تتقبليها برحابة صدر .
سيدتي ....
قد بدأت ِ مقالتك ِ بتعريف عقد الزواج وحسب ما عَرفّه ُ القانون الشخصي أو المدني تعريفا ً دقيقا ً وافيا ً وبمفهومه ِ وتطبيقه ِ الصحيح، ثم عرجت ِ إلى الانواع " المتعولمة " من الزواج في المجتمع الاسلامي وعّرفتيه ِ بمفهومه ِ وتطبيقه ِ الغير صحيح، ومن ثم توقفت ِ عند كلمة عقد وهل يجوز أن نسميه ِ " عقد زواج " ؟ ....
من المعلوم إن العقد شريعة المتعاقدين والزواج هو شراكة بين شخصين بدليل قولي لزوجتي شريكة حياتي وتناديني بعض الاحيان بشريك حياتي، وهذه الشراكة تكون روحية وأنسانية وأجتماعية بالاضافة إلى كونها مادية لأن الاثنين أو الشخصين المشترَكيَن ارادا إنشاء " حياة مشتركة " وهذا كلامك ِ وليس كلامي ..... ومبدأ الانشاء أو البناء يحتاج إلى مادة شئنا أم ابينا، هل من الضرر أن يكون هناك عقد يضمن حقوق الطرفين وليس طرف واحد على حساب الآخر .. وهل هناك ضمان أكثر من الضمان المادي حتى إن كانت المرأة أو ألزوجة عاملة وتعتمد على نفسها ؟؟؟
هنا أوجه اليك ِ سؤالاً سيدتي
_ بوجود تلك الضمانات ونحن نرى الرجل الشرقي يُعامل شريكته ُ بمختلف أنواع المعاملات الدونية من إستصغار واهانة وضرب ، فكيف به ِ وقد تزوج من إمرأة بالغة عاقلة راشدة بِكر جميلة وبدون مهر أو مؤخر أو مؤجل ؟؟؟
_ هل يجلس مع نفسه ِ وفي الليلة الأولى وقبل دخوله ِ إلى الخلوة الشرعية ويقول " الحمد لله قد تزوجت ُ إنسانة مثقفة عاملة منتجة متفهمة وسأبني معها العش الزوجية الهانئة الهادئة جنبا ً مع بعض" ؟؟؟
حسب معرفتي بالرجل الشرقي وأنا منه ُ ، سيقول في نفسه ِ
" ردتها من الله إجتني من آمة الله ... هذا خوش فيلم مريّة َ بلاش وأذا ما عجبها الوضع خلي تولي "
هذا هو تفكير السواد الاعظم من الرجال في أمة محمد وكُوني على ثقة من كلامي سيدتي ومثلما يُقال " أهل ُ مكة أدرى بشعابها " ونحنُ معشر الرجال نعرف بعضنا أكثر .

سيدتي .....
لا إمتهان لكرامة المرأة وهي تقف ُ أمام القاضي وتعلن ُ موافقتها بكل حرية كونها أختارت شريكا ً لها في هذه الحياة الدنيا ، ولا " دونية " اذا أصبحت هذه الشراكة عقدا ً رسميا ً مُثبتا ً في دائرة مختصة وبضمانات عادلة لحقها كامرأة حتى إن كانت منتجة وتعتمد على نفسها ..
وهنا اسألك ِ سؤالاً ...
_ كونك ِ محامية ..هل تطلبين من المرأة المطلقة إثبات وأخذ حقها والمطالبة به ؟
إذا كان جوابك ِ نعم ...
كيف تطالب به ِ ولا وجود لعقد بينهما " ومثبت فيه ِ هذا الحق " ؟
وألا تعتبرين تلك إزدواجية من المرأة أن ترفض حقها عند تثبيت الزواج وتحت مسميات عديدة كالامتهان والدونية والمساواة والتحرر ونفس تلك المرأة تطالب بحقها عند الطلاق وفي الحالتين المرأة عاملة ومنتجة ؟؟؟!!!
وإذا كان جوابك ِ كلا ....
_ ألا تعتبرينها ظلما ً بحق إنسانة إختارت رجلا ً بكامل حريتها ودخلت القفص الزوجية وفي خيالها ستكون "الجنة الزوجية" صفرَ اليدين وخرجت منها إنسانة مطلقة وايضا ً صفر َ اليدين ومع نظرات المجتمع الاسلامي المتخلف للمرأة المطلقة ؟؟؟ !!!
أقولها لكِ وبصراحة ....
أنا رجل شرقي ومسلم والله أنعم علي ّ بقدر ٍ من الثقافة وحب ٍ وأحترام ٍ وتقديس ٍ للمرأة .... ولكني لا أرضى لقرة عيني وابنتي الوحيدة بعد 14 سنة إذا شاء الله زواجا ً من غير ضمانات أو لنقولها بصراحة وبعاميّة بغدادنا الحبيبة " ... زواج بلوشي ..." ولا أدري هل ستقبلينها لأبنتك ِ ؟
سيدتي .... للمرأة العراقية اليوم هموم وشجون وأحزان ومصائب أكبر بكثير من كلمة عقد الزواج والمهر وهذه الكلمات الكبيرة من إمتهان ودونية وأحتقار النفس وبيعها .
سؤالي الاخير ...
_ أتحترمين القانون الفرنسي أو الانكليزي أو الامريكي وهو يضمن للمرأة حقها عند إعلان الزواج وأثنائه ِ وعند الطلاق عندما يتنازل الزوج مغفوراً ومجبورا ً عن نصف ثروته لزوجته ِ ؟؟

عذرا ً سيدتي لصراحتي ولكني حزنت ُ كثيرا ً وانت تنعتين نفسك ِ بمُهانة الكرامة وتشعرين بالدونية ...
المرأة العراقية أعظم من أن تكون مهانة كونها واقفة أمام قاضي الاحوال الشخصية ..

وللشجون بقية ..
ولا تزال الحقوق مهضومة ....