المراة والزواج



هاتف فرحان
2006 / 7 / 13

يمثل الزواج في جوهره خيار وقرار شخصي ورغبة بالارتباط بين رجل وامرأة لاقامة علاقة ذات طابع خاص ولاقرار مشروعية هذه العلاقة وضمان الحقوق يلجأ طرفيها لتأطيرها بعقد متعارف عليه بشكل الرضا والقبول المتبادل الدعامة الاساسية التي يستند عليها هذا العقد (ولايتم هذا الاقرار الا في الحدود التي يرسمها المجتمع ووفق الاوضاع التي يرتضيها ) وينطوي التعاقد على ثلاث صور فمنه ماتقررة السلطة الدينية ومنه ماتقرره السلطة القضائية ومنه ماتقررهة السلطتان معا . وباختلاف الديانات واختلاف العادات والتقاليد والتي تعتبر عوامل حاسمة ومؤثرة في بلورة شكله ومضمونه فقد اختلفت مراسيمة وطقوسة وصيغة التعاقد والاقرار من مجتمع لاخر وبالرغم من هذه الاختلافات فيما بين المجتمعات الا ان الكل يتفق على الحث علية ودعمة وتشجيعه ويختلط الدين والقانون والاعراف في موضوعة الزواج بطريقة لايمكن فصله عنها حتى انها تدفعه في احيان كثيرة بما يناقض جوهره الحقيقي .وبالرغم من ان صيغ التعاقد جميعها تعتبر الرضا والقبول المتبادلين شرطا اساسيا للزواج الاان المعمول به تناقض هذا الشرط ومن الصعب القول ان المراة تمتلك قرارا شخصيا وخيار في رفض او قبول الزوج بل القرار الاسري هو الذي يفرض عليها الزوج الذي يختاره وما على المرأة الا الطاعةاما اللواتي يتمردن على هذا القرار فيتساقطن اما بقسرهن على الزواج او بالانتحار او الهرب او العنوسة . ان سكوت المرأة والذي يفسره البعض على انه من علامات الرضا والقبول بالزوج والعقد هو في حقيقته وفي احيان كثيرة علامة من علامات عدم الرضا وعلامة من علامات القمع . ولمعرفة المرأة المسبقة بان اجراء شكلي وما ستؤول اليه أمورها في حالة الرفض تلجأ الى هذا الاجراء كوسيلة للهروب ، حين سوآلها عن رأيها نتجة لهيمنة القرار الاسري وعدم قدرتها على مواجهته ان موافقة المرأة على الزواج لايعني خلاصها من وطئة القرار الاسري بل ان قرار اسرياً اخر يمثله اهل الزوج هو بالانتظار لكي يشكل حياتها الزوجية بعيداً عن كل استقلالية وخصوصية ليستمر بذلك مسلسل الوصاية والذي يستمد قوته من هشاشة وضع المرأة عموماً والنظرة العامة التمثلة بالقصور والدونية .
لقد تطورت ظاهرة الزواج بتطور الحياة الاجتماعية حتى وصلت في المجتمعات المتحضرة الى اعتبار الرضا والقبول المتبادلين الدعامة الرئيسية للزواج قولاً وفعلاً والفرد بلغ من قوة الشخصية والحرية الذاتية رجلاً كان او امرأة الى حد أن يختار شريك حياته بنفسه ثم يقدمه الى اهله وذرية وحتى النظم الزواجية وصلت بفعل هذا التطور الى احدثها والمتمثل باالعقد المدني والذي يحرر من القيود والشروط التي وضعتها المرجعيات الاخرى بأعتماده على لائحة حقوق كمرجعية اصيلة ووحيدة في نظم العقد .
الااننا بقينا بمعزل عن هذا التقدم والتطور وبالرغم من ان البشرية قد تجاوزت كثيراً من اشكال الزواج والذي ظهر بظروف تاريخية معينة مرت بها المجتمعات الا اننا مازلنا مصرين عليها رغم أختلاف الظروف في الوقت الحاضر كالزواج القرابى والزواج التبادلي وتعدد الزوجات ونستطيع ان نقول ان الزواج القرابى هو صاحب الحصة الاكبر من عدد الزيجات التي تحل في محيطنا .
لقد كان للعادات والتقاليد والتي ورثناها من جيل الى جيل والتي تحولت مع الزمن الى نظام قيمي يتجدد بموجبه الممنوع والمسموح والحسن والسيء ، الدور الاساسي في عزل موضوعة الزواج عن التطور وبقاء هذة الاشكال من الزواج بمجموعة من القيود يصعب الافلات منها ليس بالنسبة للمرأة محسب بل قد يشاركها الرجل هذة الصعوبة مثل القيود الطائفية الذهبية وقيود الفوارق الطبقية .
ان هذة العادات والتقاليد والقيم هي وليدة لحظة تاريخية تختلف كل الاختلاف عن اللحظة التاريخية التي نحياها زمن المؤكد اننا نحتاج اعادة انتاج هذة العادات والتقاليد والقيم بما يعزز حقوق الفرد وحريتة وقوة الاسرة واندماج المجتمع .