منع أمسية شعرية نسائية : أين ؟ ومن صاحب قرار المنع ؟



محمود الزهيري
2006 / 7 / 13

حينما نتحدث عن الإسلام وعن الحرية في المفهوم الإسلامي نجد مساحة كبيرة من قماشة الحرية تتسع لكل البشر في مفهوم الإسلام للحريات بكافة أنواعها , ويتم إستجلاب النصوص الدينية الجاهزة , من بين دفتي القرآن الكريم , وكتب السنة النبوية , وكتب التراث الإسلامي , والإستشهاد بالعديد من المواقف البطولية والنضالية في مجال الحريات وتطبيقاتها في المجتمع الإسلامي , علي مستوي المرأة والرجل علي قدم المساواة , وينبري الكتاب والمتحدثون عن المساواة الكاملة بين النساء والرجال في الإسلام , وأن الإسلام أعطي المرأة كافة الحقوق التي أعطاها للرجل , وكل ماسبق يتوجب علينا ملاحظته أنه في المفهوم فقط أما في الواقع فالإسلام يخالف ويغايرماقال به وما سطرته أقلام الكتاب ومانطقت به ألسنة المتحدثين , ومعهم القائمين علي الأمر , من ذلك ماحدث في المملكة العربية السعودية من منع أمسية شعرية نسائية في مدينة الرياض التي هي تعتبر قطعة من مدن أوروبا في النظافة والمباني , وتختلف عنهم في السكان من ناحية العقلية والمفاهيم , والسلوك الحياتي , والأطر الحضارية .
مجموعة من النساء الرائدات إجتمعن في مدينة الرياض لعقد أمسية شعرية علي إعتبار أن الشعر ديوان العرب , وأن الشعر هو المعبرعن المكنون العام لما يستشعره الإنسان ويحسه في تناوله للحياة اليومية وما يلاقيه ويتصادف معه من جملة التناقضات والمتغايرات المختلطة في حياته من آمال وتطلعات , ومشاعر و أحاسيس ووجدانات , وكافة الأمور الإنسانية التي تهم الشأن الإنساني , وهذه الندوات وغيرها من المؤتمرات الثقافية والفنية تحرض علي النهوض بالفكر الإنساني والحضارة الإنسانية وتقويم العقلية والسلوك البشري من عقلية وسلوك البداوة إلي عقلية وسلوك الحضارة .
لم تعقد هذه الندوة لقلب نظام الحكم في المملكة , ولم تعقد للتحريض علي الأسرة الحاكمة بتناول عيوب الحكم العضود المستبد المورث للأسرة السعودية جيلاً بعد جيل , ولم تناقش هذه الندوة التعرض لحقوق الإنسان المضيعة في المملكة العربية السعودية بإسم الدين ورجال الدين الموالين للملك والأسرة الحاكمة , والذين يحرم عليهم التحدث والفتيا في أمور الحكم والسياسة وكأن هذا الأمر يمثل حقل ألغام لرجال الدين السعودي , الذين أبقوا علي مصالحهم في مقابل البقاء علي حالة السكوت عن الفساد والإستبداد الديني والسياسي في المملكة .وإلا فبماذا يفسر رجال الدين السعودي سكوتهم عن الفتيا في نظام الممالك والإمارات والسلطنات في الإسلام , وأي نوع من أنواع الحكم هو الموافق للإسلام وأي نوع هو المخالف له , وماجزاء من يخالف نظام الإسلام في الحكم والسياسة , وهل المملكة العربية السعودية تطبق نظام الإسلام في الحكم والسياسة وتوزيع الثروة البترولية وعوائده المالية الضخمة علي أبناء المملكة بالتساوي أم أن أبناء الأسرة الحاكمة هم المميزون ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
أجيبونا من فضلكم ياعلماء الدين السعودي , يامن ملئتم حياتنا بكم هائل من المحرمات من حرمة قيادة المرأة للسيارة , وحرمة التصوير , وأفتيتونا في رضاع الكبير , وحكم الفأرة تقع في السمن والماء وأنواع الماء وفقة الحيض والنفاس , وفقه المراحيض العامة والخاصة , وفقه الطهارة والنجاسة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
من فضلكم أفتونا عن حكم الإسلام في عقد ندوة شعرية نسائية , هل عقد هذه الندوة من المحرمات التي يتوجب علي المسلمين مكافحتها ومناهضتها ومحاربتها بكافة الطرق والوسائل لأنها تحض علي الفسق والفجور ومحادة الله والرسول ؟
أم أنها ليست من المحرمات ولم ترقي إلي مرتبة الكبائر في الدين , وأمرها من الأمور المباحة التي تندرج تحت باب المباحات ؟ أم انها ممنوعة من باب سد الذرائع , وأن درء المفسدة أولي من جلب المنفعة , وأنعقدها سوف يترتب عليه فساد مستقبلي ؟!!!
هل كممت الأفواه وخرست الألسنة وكسرت الأقلام ؟ من لديه الجرأة والشجاعه علي أن يفتي في مثل هذه القضايا بدلاً من الطهارة والنجاسة , والمراحيض وقضاء الحاجة في الخلاء في ليالي الشتاء الباردة أو ليالي الصيف الملهبة !!
ولكن من هو صاحب قرار المنع ؟
إنه نائب أمير منطقةالرياض الأمير سطام بن عبد العزيز حسبما أشارت صحيفة القدس العربي في عددها الصادر 12 7 2006 قائلة: أعلن مصدر مسؤول في هيئة الأمر بالمعــروف والنهي عن المنكر امس الاثنــــين أن رجال الهيئة منعوا إقامة إحدي الأمسيات الشعرية النسائية في العاصمة الرياض.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحمد بن محمد الجردان في بيان وزع امس إن منع الهيئة إقامة إحدي الأمسيات الشعرية النسائية في الرياض تم بتوجيه من نائب أمير منطقة الرياض الأمير سطام بن عبد العزيز.
وأضاف أحمد بن محمد الجردان أن الأمير سطام بعث برقية الي كل من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) وشرطة منطقة الرياض طلب فيها منع إقامة الأمسية لمخالفتها بعض الاشتراطات النظامية لمثل هذه الفعاليات والأنشطة من دون أن يفصح عنها
ففي السعودية في مثل هذه المسائل من له السلطة في منع مثل هذه الندوات أو غيرها , ومن له حق التصريح بها ؟
هل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ أم أصحاب الحكم والقرار السياسي ؟ وهل هناك فرق بينهما ؟ وهل حياة الناس أصبحت رهينة بإرادة هيئة أو مؤسسة دينية تعلن وتقررأن هذا منكر , وهذا معروف , هذا حلال , وهذا حرام , وهل الدين قال بهذا ؟ وهل عقد ندوة شعرية نسائية له إشتراطات خاصة يتطلبها الإسلام ؟ أم يتطلبها المنسوبين للإسلام ؟ وهل هناك فرق بين الإسلام وبين المنتسبين للإسلام ؟.
أعتقد أن هذه الأمور كلها تكرس للحفاظ علي بقاء نظام المملكة فقط ولايهمها بقاء الإسلام أو وجوده في حياة الناس .
بل أعتقد أن هذه الأساليب القمعية , والرجعية مدعاة للهروب من الإسلام والهروب من أحكامه في ظل عالم يمثل قرية إليكترونية صغيرة , وأن أنظمة الفساد والإستبداد لن تستطيع أن تكون حاجباً بين حريات الناس ومعتقداتهم وأفكارهم ويبقي الوهم والدمارللمستبدين الجهلاء في المستقبل حينما تتطاير عروشهم وتقام بديلاً عنها أنظمه حكم عادلة تقدس الحرية وتحترم حقوق الإنسان وحقوق المواطنة