ابنتك ياايزيس ٤٠



مارينا سوريال
2020 / 12 / 5

تريزا
حتى انا اعتقدت انه نسى امرها ..الكل نسى الامر بعد ان علمنا بقوانين الاصلاح الجديدة وعندما فهمت ان اراضى ابى ستذهب شعرت بالقهر..قهر لم اشعر به عندما تركى خطيبى وعائلته بسبب سيزا كان يكفينى انها اصبحت مذمه على لسان الجميع لم تعد سيزا التى لاتقهر بل امراة هربت تاركه بيت زوجها.. اما الان كابوس صار يطاردنى ..يشحب وجهى ابى يوما بعد الاخر يبذل جهده حتى لانخسر شبر من ارضنا ولكن بالامس فقط بعد منتصف الليل كان يتكىء على ذراعى الادهم لاول مره فى حياته ولا ينظر لنا بل يتجه الى فراشى كمن يريد طوق نجاه يغرق فيه بعيدا عن نظراتنا الخائفة بينما وقفت زوجته تساعده على الراحة فى فراشه تتحرك فى كل صوب تريد ان يحضر لاجله طبيب ..تراقبنى مريم الصغرى فى قلق عندما تركت زوجة ابى تتصرف للمره الاولى كسيده لذلك البيت..
يقول الطبيب ارتفع ضغطه يصف له العلاج تامر لاادهم بالاسراع فى جلبه بينما تسأل عن نوعيه الطعام المناسب يخبرها ان تصرف الاخبار السيئة عنه..
لاافهم ما اشعر به منذ الليلة التى علمنا فيها بتلك الثورة وهاج ابى كثيرا ..بينما كان الوحيد الذى ترك ما كان عليه وصار يرفع الصوت من جديد موافقا على كل قرار جديدا يسمعه هو يوسف!اتخيل وجه خطيبى السابق الان وهو يخسر من ارض اجداده الكثير ..اتخيله يصرخ ويجمع كل الاشياء المبعثره ليرحل بها سريعا الى اوروبا التى عشق الحياه بها ..تتبعثر الاوراق من حولى احاول ان اكون تريزا القديم ولكن الامور لاتسير كما كنا نعلمها فى السابق..حتى اننى لم اعرف نفسى عندما وافقت مريم الصغرى فى الخروج والصلاة فى الكنيسة من جديد انه شهر العذراء مريم قالت لابد ان نذهب الى الكنيسة..فى الماضى اعتدنا الخروج برفقة ابى وامى لحضورة القداس عاده لايمكن لها ان تنقطع داخل اسوار الكنيسة العتيقة بينما تسرح سيزا فى الجدران تخبرنى تاره عن قصة سمعتها من قبل عن اناس حضروها منذ سنوات طويلة ورحلوا بينما تنشغل مريم الصغرى فى محاولة ترديد ما تسمعه بينما نحن انا وسيزا نتذكر القليل مما سمعنا..دوما ظننا ان مريم الصغرى هى قديسة ولكن لم يجرؤ احدا على اخبارها بذلك ..
سيزا
عندما عدت الى شقتى الصغيرة اخذت اكتشفها لاول مره كل قطعة اثاث كل جدار..اتطلع فيها واحبها لاول مره انظر اليها كبيت لى اعود فاشعر بالسكينة بيتا لى وحدى لسيزا لايشاركها فيه انسان ..بينما تبتسم لى كل فترة وهى تتحرك سريعا لتحضير طعام الغذاء ..بينما اشعر بجوع لم اعرفه من قبل اتناول بنهم ..نهم انسانى خوفى من ان يزداد جسدى من ان افقد رشاقتى لطالما كنت احب انحناات ذلك الجسد فى المراة ..كيف يدور ويتكور ثم يضيق على الخصر قبل ان يفرغ نفسه فى ساقين طويلين ممشوقين..كنت اجمل بنات هيدرا لذا كنت استحق الافضل دوما مهما حاولت تريزا ان تلحق بى فقد كانت هناك مسافة اما مريم الصغرى فليست فى السباق منذ البداية رغم شفقتى وحزنى عليها رغم اننى تحملت مرضها كما لو كان خطيئتى منذ الصغر فلم اخبر احدا انها تسللت تتبعنى فى ليلة عندما سقطت على الدرج ولم استطعت مساعدتها فى النهوض لاننى اختبات..نعم اختبأت بغرفتى حتى لاينكشف امر تسللى وهى الصغرى لكنها لم تفتح فاها وتخبر امى عن ذلك ربما كان ذلك هو السر الوحيد الذى استطاعت تلك الصغيرة ان تمنعه عن امى ..لم يحبنى احدهم بهذا القدر لذا اقسمت لها ان اساعدها دوما كلما استطعت..كم تمنيت لو كانت تريزا من سقطت تلك الليلة عن الدرج..
كم تناولت من الطعام؟نظرت لامل وضحكت ضحكت الفتاة لاول مرة لاتكون خادمة فى بيت اخبرتها انها منذ اليوم صديقتى !!
حل المساء سريعا فدق الجرس توترت عندما وجدت لومانا امامى متجهم يراقبنى بضيق لم ينتظرنى ان اسمح له بالدخول فقد اتجه صوب الداخل وجلس بالقرب من الفرانده كنت اتعجب من هذا فى السابق فمنظر النيل المطل علينا يستحق القرب والنظر امامه لكن ما اعطاه سوى ظهره دوما ربما لانه احب البحر اكثر..اخرج سيجارته وبدء يدخن استدرت لامل اطلب منها القهوة للسيد هى تعرفها جيدا ..لاافهم اسباب غضبه ولا فرحه يفاجىء دوما كلما اقترب وابتعد حتى اننى سألته مره لما انا ؟لما فعل معى ما فعل؟هل احب مريم حقا..احيانا كان يبتسم وفى الاغلب يشرد فى وجهى وكان لايعرف اين نحن!
لما لم تخبرينى؟
عن ماذا؟
تطلع فى وكانه يرانى للمره الاولى :سيزا لما تكذبين عليه
انا لااكذب اجبت فى عناد
بلى ذهبت اليوم لمقابلة احمد دون اخبارى ماذا يعنى ان توافقى عن شىء دون الرجوع لى ..كيف تنوين القيام بذلك؟
بل اتعجب منك انت لومانا تركتنى اياما خائفة دون ان تتصل بى والان تضايقت بسبب احمد ام لانه طلبنى لذلك الاختبار اللعين ألم تقل ذلك من قبل سيختبرونك فىا لبداية سيزا ..انه عمل لااحد يحب الخساره..لومانا اجبنى بصدق هل تريد حقا ان تنتج تلك القصة ؟!
زفر لومانا فى ضيق اكثر :سيزا ألاتعلمين ما حل بالبلد ثورة تغير نظام الحكم فيها رحل الملك والحكومة هناك اخرين يديرون البلاد ..
ما المزعج لك فى ذلك
المزعج ان ما كنا نعرفه فى السابق لم يعد كما كان ..وماذا عنا نحن انت الا تزالين متزوجة من ذلك اليوسف كيف ستخرجين فى السينما ليعلموا بامرك ام هل تفكرين فى العودة اليه..
سقط قلبى عندما علمت ان لومانا لم يعد الشخص الذى يمكنه ان يساعد سيزا ..او ان يفهمها ..
قلت بقوه مكابره:سأطلب الطلاق من يوسف..سأجد طريقة ولكن بعد ان انجح فى ذلك الفيلم اولا منذ ان قابلتنى وانت تعلم انه ما اريد لومانا كلانا يريد
لا ليس كلانا اريدك انت سيزا بينما انت ليوسف ثم تلك السينما بينما انا اردتك اننت منذ البداية لهذا تركت مريم لاجلك وتركت سمعتى لاجلك وتجارتى ومدينتى وبحرى وعائلتى حتى لايجدنى احدا منهم ويؤذيك ..ابتعد عن كل شىء وكأننى لص لايجدنى سوى اصدقائى المقربين من بيت لاخر ..
انا لاافهمك لومانا ماذ تريد الان؟تنهدت فى ضيق
اريد ان نرحل عن هنا سيزا لقد وجدت لنا بيتا جيدا بعيدا عن كل هذا يمكننا ان نعيش فيه بعد ان تتطلقى ..اعلم انك تحبين القاهرة وانا احب الاسكندرية لابأس كلانا سنختار مكانا اخر
رددت مكان اخر ماذا تعنى؟ فكرت فى السفر فى اليونان توجست منه
لاتخافى لن اغادر بلدى سنرحل الى الفيوم فحسب انها جميلة لكلانا عندما اختفيت كنت لدى صديق لى يعيش هناك وسط ارضه ..انها جنه اخرى كنا بعيدين عنها فقط وافقى ولنرحل ..
وكان لومانا اصبح غريبا من جديد هل خدعت نفسى ؟ ام خدع كلانا انا ومريم .شعرت بضيق كدت اختنق عندما جلبت لى امل كوبا من الماء المثلج اخذا اعيد تنظيم انفاسى عنوه من جديد..تركنى لاستريح قال سأتصل بك صباحا لاطمئن عليك..
هل رحلت عن يوسف بعالمه لاسقط فى عالم لومانا ..لااحد يريد عالما لسيزا مثلهما فى لحظة حسدتهما واخرى لعنت كلاهما ..
فى الصباح التالى اتصل احمد من جديد قال ان المنتج يريد رؤيتى مرة اخرى ..خفق قلبى من جديد ارتديت ملابسى على عجل وحمدت الله اننى وجدت تاكسى ينقلنى الى مبنى الاذاعة اذ اضرب عمال النقل العام عن العمل ..حاولت ان امحو صورة لومانا من عقلى كنت ارى قاهرة اخرى اشعر ان كل شىء يتغير ليس كالامس ولاافهم ان كان جيدا ام سىء هل محقون ام مخطئون؟!حيرتى تزداد كل يوم وانا استمع الى الراديو واقرأ الجرائد تلك العاده التى تعلمتها فى وحدتى كى تعيننى على معرفة ما يحل بالشارع بينما انا حبيسة عائلتى تاره ولومانا تاره اخرى ..
كان الامل يجعلنى اشعر برغبة فى الرقص نعم وسط الجميع ولا ابالى باحد ..اردت ان اخبرهم الام وشقيقاتى هاانا اذهب الى مبنى الاذاعة من جديد فى انتظار ان اسمع خبر قبولى ..هل ما احب سىء! انا لم افكر يوما فى ايذا ء شقيقاتى ولا الام ولا ابى ..شعرت ان الاشياء السيئة قد مضت والان ستاتى كل الاشياء الجيده تباعا ..
استقبلنى احمد بود كان المنتج علمت فيما بعد انه تونسى ويرغب فى انتاج فيلم مشترك بوجه جديد ..كان رجلا هادئا بينما نهضت كوكا لترحب بى اشعرتنى بالهدوء والدفء بينما كنت ارتجف هل لاحظت ارتجافتى وخوفى من الفشل..قالت لى فى اذنى بهدوء بينما تربت على كتفى لاداعى للقلق الكل يشعر فى البداية بالتوتر مع مرور الوقت ستصبحين افضل..كدت اطير وانا اشعر بالبهجة كطفلة انطلقت وسط حدائق الورود ..تذكرت حديقتى وتنهدت تابع احمد هل سياتى لومانا ؟ انزعجت من السؤال اجبت فى تردد لالا اعتقد انه مشغول قليلا تعرف الامور قد تغيرت هو لدى الكثير من الامور يقلق بشأنها ..تغيرت ملامح وجه احمد اجاب بما يشبه الحده لا شىء يدعو لقلق بل من الافضل له لو استراح لان الامور اخيرا تسير فى نصابها الصحيح.. صمت لاافهم ما الذى يعينه انها مجرد كلماتها قلتها لابرر اختفاء لومانا عنى بعد ان تركت كل شىء لاننى وثقت به وبالحلم الذى يهجره الان لكن غضب احمد اخافنى فلم ارد ان افقده هو ايضا..تدخلت كوكا وقامت بتهدئته وطلبت لاجلنا عصير الليمون البارد ..احببت كوكا فقد كانت امراة واضحة قوية وطيبة لاتحمل حقد ولا قسوة فى قلبها استطعت دوما الاحتفاظ بصداقتها كلما اردت احدهم ان يخبرنى كم تبدلت ..
اخبرتنى كوكا بهدوء نريدك فى تمثيلية اذاعية صغيرة ستكون بداية وعليك التدرب كثيرا
تطلعت بوجهها واحمد والمنتج الذى بادرنى انها قصة فرنسية الاصل ارجو منك قراءتها واحمد سيكون مخرج العمل اكمل احمد:نعم ان البطلة تمثل الربيع فى الرواية وهكذا هو وجهك سيزا ولكن عليك احسان اللغة يلزمك تدريب قبل ان نبدء هل انت مستعدة لذلك؟اجبت دون تفكير نعم بالطبع سأفعل كل ما يلزم ..رد:حسنا سألقاك غدا ولنبدأ اتمنى ان تقرأى الرواية فى البداية سيساعدنا الامر كثيرا ..لم يتركنى احمد فقد خرج معى واصر على ايصالى الى البيت اشار الى سيارته الهليمان فى ارتباك ضحكت وانا اجلس الى جواره ..مررنا على دار مجلس الدولة قال بعفوية تصدقين لقد ضرب المتظاهرين السنهورى باشا هنا منذ عده ايام ..صمت بينما توترت ملامحه سألته هل انت مسرور بما يحدث فى البلاد؟
نظر لى اجاب سريعا بالطبع استعمار وراء استعمار يكفى الان سنحكم انفسنا بانفسنا ولكن لايمكننا تحطيم كل الاشياء الجيدة مع السيئة سواء والبدء منذ البداية ..نظر الى وجهى قال :هل انت خائفة؟يعنى لومانا قد المح لى من قبل انت ابنه عائلة تمتلك الكثير بالمناسبة كيف حالهم الان؟اجبته بحذر لااعرف ولكن اعتقد ان الامور بخير انت لاتعلم عن عائلتى لقد رأينا الكثير والكثير لكن نجونا لانستسلم قد..
ابتسم لى وهو ينظر الى الطريق..شعرت بالراحة معه بعد التوتر..قال اتعلمين انا ايضا مثلك ابى ضد ما حدث تشاجرت معه وغادرت البيت ولكن انت شجاعة سيزا منذ عدت من بعثتى لم اقابل فتاة مثلك
اردت ان اخبره اننى قد تركت بيت زوجى وهو ان لم يكن قد وجدنى الى الان فسيفعل يوما ولاادرى ماذا سأصنع حينها؟تذكرت لومانا شعرت بخيبه الامل والخذلان ..عندما وصلنا البناية انتظر حتى تاكد من اننى صعدت وحينما دخلت الى الداخل شمتت رائحة القهوة بالمستكة اليونانية الخاصة بلومانا لااريد اى شىء ياخذ منى ما حصدت منذ قليل جال بعقلى ان اخفى الامر عنه كليا حتى انجح فى ذلك الاختبار الكبير الاذاعة فلو رسبت وكرهوا صوتى وتمثيلى سيتحطم كل شىء ..ليس لى ملجأ حينها ولا صديق الكل ادار ظهره حتى انت لومانا تقف ترتشف قهوتك ودخان سيجارتك فى الشرفة شارد بدوت هرما وانت فى بدء الاربعين متى شاب فوديك اقتربت منى ربت على كتفه برفق انتبه لى بعد ثوان ..كان هادئا وليس كاخر مره قدم فيها ،جلس على الاريكية مادا قدميه بينما ينفث سيجارته ببطء دعوت امل ان تصنع لنا فنجانين من القهوة المظبوطة لى والساده لاجله ..