الوطن الام يناديكم



سعاد خيري
2006 / 7 / 19

نداء وجهته المرأة السوفيتية الى جميع الشعوب السوفيتية للدفاع عن وطنها من الاحتلال الفاشي للجيوش الهتلرية التي اجتاحت اوربا وتصاعدت عنجهيتها وصورت لها امكانية الهيمنة على العالم من خلال احتلال حصن البشرية وموئل احلامها في بناء المجتمع الانساني الحقيقي ، آنذاك: الاتحاد السوفيتي. كما تتصاعد عنجهية فاشية الامبريالية الامريكية والاسرائيلية وصورت لها امكانية تحقيق احلامها المريضة في الهيمنة على العالم من خلال الهيمنة على منطقة الشرق الاوسط بما تملكه من النفط الذي يمكنها من الهيمنة على ثلاثة ارباع مصادر الطاقة في العالم والموقع الاستراتيجي . فوضعت الخطط واقامت الاحلاف العسكرية العدوانية واخضعت الحكومات الرجعية ودبرت الانقلابات واقامت الانظمة الدكتاتورية لترويض شعوب المنطقة وكبح مقومات نهوضها بل وقتل كل امكانيات تطورها ونموها الاقتصادي والاجتماعي بل والعددي وفي المقدمة الشعب الفلسطيني لضمان هيمنة اسرائيل اداتها الرئيسية في المنطقة، على كل فلسطين وتحويل شعبها الى مجموعات متخلفة لا تصلح الا الى القيام بالاعمال الحقيرة التي يأبى العامل الاسرائيلي القيام بها ولقاء اوطأ الاجور، والشعب العراقي الذي بقي عصي على التركيع ، بل واستطاع بقيادة قواه السياسية الواعية من توجيه ضربات موجعة للامبريالية البريطانية والامريكية . فقد حررت ثورة 14/تموز/ 1958 ارض العراق من القواعد العسكرية البريطانية ومن دنس اخر جندي بريطاني وحطمت حلف بغداد وجميع الاتفاقيات والمعاهدات الاسترقاقية البريطانية والامريكية بكل اغلفتها المضللة كمساعدات اقتصادية، انسانية وانمائية وتعاون مشترك واتفاقيات تجارية وصولا الى تحرير ارض العراق من هيمنة شركات النفط على مخزوناتها من النفط . فسجلت انتصارا تحرريا عالميا وعربيا.
من هنا يمكن تقدير مدى الحقد الذي تكنه الامبريالية العالمية ولاسيما البريطانية والامريكية على الشعب العراقي فنظمت الانقلاب الفاشي بقيادة حزب البعث، ضد ثورة 14/تموز في 8/شياط/1963 ونظت ابادة القادة السياسيين ولاسيما الشيوعيين من خلال البيان رقم 13 الذي اباح قتل الشوعيين اينما وجدوا وتشجيع مختلف اشكال الارهاب الجماعي وتعطيل كل الاجراءات والقوانين التقدمية التي حققتها الثورة . واذ اضطرت امام صمود الشعب العراقي والضغط العالمي على قبول انقلاب عبد السلام عارف، فانها لجأت مرة اخرى الى قادة حزب البعث وقيامها بالانقلاب العسكري الثاني في 17/تموز/1968 مموها باجراءات تقدمية لتوطيد نفوذه كتأميم النفط واقامة العلاقات الاقتصادية والثقافية مع المنظومة الاشتراكية مبررا بها الهيمنة على جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمنظمات الاجتماعية ومستغلا انحراف قادة اهم القوى السياسية عن استراتيجيتها الوطنية وقبولها السير بقيادة حزب البعث للسلطة والمجتمع رغم تحذير القاعدة والقادة المخلصين وتنبيههم الى ما سيحمل هذا الموقف الوطن والشعب من كوارث.
وفعلا حملت دكتاتورية البعث شعبنا افضع الكوارث تنفيذا لمخططات الامبريالية الامريكية من اجل تركيع شعبنا. ففضلا عن الارهاب الوحشي شنت الحروب العدوانية التي قدمت اكبر الخدمات للمخططات الامريكية ولاسيما اضعاف اسس الوحدة العربية ولجوء الانظمة العربية الرجعية لحماية القواعد الامريكية والصرف عليها وعلى حروبها وشجعت اسرائيل على التمادي بعدوانها على الشعب الفلسطيني واعتبار القدس عاصمة ابدية لها. فضلا عن اطلاق يد القوات الامريكية بقصف العراق بمختلف اشكال اسلاحة الابادة الشاملة ولا سيما اليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة وفرض الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي لشل ارادته وتدمير طاقاته واشغاله بالمرض والجوع واشاعة الياس والقبول بالحلول التي تنسجم مع مخططاتها ولاسيما الاحتلال المباشر للعراق والتحكم بمصيره ومصير شعبه. مستفيدة مما وصلت اليه معظم قواه السياسية من يأس وانخراط بعضها في الاستراتيجية الامريكية لقاء وعود في الاستحواذ على المناصب في الحكومة البديلة، ومن هيمنتها على المنظمات الدولية لاكساب حربها على العراق واحتلاله الشرعية الدولية .
ولكن الشعب العراقي قاوم الاحتلال منذ اليوم الاول وكبد قوات الاحتلال الكثير من الضحايا ولاسيما في معركة ام قصر في حين استسلم قادة النظام الدكتاتوري بكل جبن لقوات الاحتلال . ومع تصاعد مقاومة الشعب العراقي رغم كل وسائل قوات الاحتلال من ابادة مدن باكملها كما فعلت في الفلوجة وتلعفر والرمادي بقصفها بقنابل الفسفور الابيض وغيره من اسلحة الابادة الشاملة وتنقل غاراتها الجوية في جميع انحاء العراق منطلقة من قواعدها العسكرية الجبارة مثل قاعدة بلد في وسط العراق، بحجة ملاحقة الارهابيين ، واطلاق مختلف اشكال فرق الارهاب بدءا بفرق الارهاب الدولي التي تم تدريبها في افغانستان ومرورا بفرق الموت المكونة من فلول منظمات صدام التي تقودها قوات الاحتلال باسم قوات المغاوير او قوات حراسة المنشآت او شركات الامن الخاصة. ويجري تمويل معظمها على حساب الشعب العراقي . ومهمتها قتل اكبر عدد ممكن من السكان ولاسيما الشبيبة لقتل حيوية شعبنا. واثارة الطائفية من خلال توجيه الضربات الى المراكز الدينية الشيعية والرد عليها بتوجيه الضربات الى المراكز السنية ، من قبل هذه الجماعات وبنفس الملابس الرسمية ووسائط نقلها واسلحتها. بغية اثارة الحرب الاهلية لتحقيق اهدافها دون تعريض جنودها للخطر. وبعد ان استكملت مخططها في تنظيم العملية السياسية في اختيار قيادة سياسية مطيعة لمختلف الهيئات، بل ان بعضها اكثر ملكية من الملك مثل رئيس الجمهورية . فتم انتخاب مجلس رئاسة وبرلمان ووزارة في ظل افضع اشكال الاحتلال الذي شهدته البشرية لتخدع المنظمات الدولية باقامة الديموقراطية في العراق والتي ستكون مثالا للديموقراطية في العالم!! بحيث دعى بوش في مؤتمر قمة الثماني بوتن بالتعلم من الديموقراطية العراقية!! . وطبقا لشروط قوات الاحتلال فان كل المسؤليين السياسيين لهم مطلق الحرية في نهب خيرات البلاد والتحكم في جميع مجالات وظائفهم من تعيين وطرد وافساد وتشكيل مليشيات والتمتع بالامتيازات ..الخ شرط اطاعة المخططات واوامر قوات الاحتلال . فبادر وزير الخارجية بموافقة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فور انتهاء فترة بقاء قوات الاحتلال وفقا لقرار هيئة الامم الى طلب تمديد بقائها دون اعتراض البرلمان حتى على عدم اخذ راية باهم قضية وطنية . وتقوم الحكومة باشغال الراي العام واخماد تذمره من الواقع المظلم الذي يعيشه، بمشروع المصالحة الوطنية الذي لا تملك أي من مقوماته واهمها السيادة ،لافساح المجال لقوات الاحتلال لاستكمال مخططاتها . ففي ظل كل هذا الواقع المؤلم يجري طبخ عدة قرارات واتفاقيات مثل اتفاقية الاستثمار المشترك للنفط العراقي بمنح الشركات الامريكية نسب تفوق نسب الاستثمار في العهد الملكي وقدتبلغ 60-80% من الانتاج واتفاقية انضمام العراق الى السوق الحرة الشرق اوسطية التي تهيمن عليها امريكا واسرائيل.. فضلا عن اتفاقية تنظيم علاقات الحكومة مع قوات الاحتلال لعشرات السنين وشرعية اقامة قواعدها العسكرية الدائمة..والخ. وأذ تجرأ رئيس الوزراء على طلب انهاء الحصانة المطلقة لقوات الاحتلال مهما اقترفت من جرائم ولاسيما بعد جريمة قتل 24 مدنيا في حديثة وحادثة اغتصاب فتاة في السابعة عشر من عمرها وقتلها مع عائلتها في المحمودية ، لم يتحرك البرلمان الذي من حقه لوحده الغاءه، وفقا للقرار 17 الذي اصدره بريمر ضمن مرسوم صدر عند تسليمه "السيادة" لحكومة علاوي المؤقتة في 28/6/2004 بل حتى لم يتصدى لذلك أي من اعضائه المدعيين بالوطنية والانسانية.. وكرد فعل من قوات الاحتلال وادواتها ازاء جرأة رئيس الوزراء يجري تهديد الحكومة باقامة حكومة انقاذ وطني أي اسقاطها وحل البرلمان واقامة حكم عسكري تحت قيادة امريكية مباشرة.
وتتجدد احلام الامبريالية الامريكية بانهاء وجود بلد باسم العراق طالما اقض مضاجعها وشعب اسمه الشعب العراقي لايمكن تركيعه بل لاتجد مفرا من ذلك لتحقيق مخططاتها للمنطقة والعالم. وذلك عن طريق تجزئته الى دويلات طائفية واثنية متحاربة ينخرها الجهل والتخلف وقيادات مطيعة همها التمتع بالثروة والجاه الخادع ، لا تدرك بان مخطط الامبريالية الامريكية هذا لايمكن ان يحقق أي من اهدافها ولها من صدام وامثاله الذي قدم للامبريالية ما لم تكن تحلم به، مثلا فليس للامبريالية من اصدقاء دائميين، بل مصالح دائمة.
نعم ان التاريخ لايرحم والشعب العراقي لا ينسى فعلى جميع القوى السياسية ادراك هذا الخطر الداهم الذي جرى التمهيد له وتنضيجه بكل الوسائل المار ذكرها والتي بلغت الذروة في هذه الايام حيث القتل والخطف على الهوية يجري بالجملة بهدف شل وعي وطاقات الشعب الامر الذي جرأ قوات الاحتلال وادواتها من قادة الكتل الطائفية على اعلان مخططها والعمل على تنفيذه.
فاليدوي نداء المرأة العراقية وكل وطني مخلص "الوطن الام يناديكم" واليتصدى كل من يعز عليه العراق مهد الحضارات ومنبع الخير والجمال ووحدة شعبه منجب الابطال والقادة التاريخين، لهذا المخطط الاجرامي بكل المقاييس الدولية والانسانية، التاريخية والمعاصرة والمستقبلية ، بكل الوسائل والاساليب والتصدي لجميع اعداء شعبنا ووطننا ودعم وتطوير المقاومة وتعزيز توجهها الوطني والديموقراطي . فبدون التحرر من الاحتلال لايمكن انقاذ شعبنا ووطننا من المخططات الامريكية التي ليس لها حدود ولا آفاق، والمساهمة في انقاذ البشرية والكرة الارضية بيتنا الغني والجميل.