طفلك صنيعتك



سيماء علي مهدي
2021 / 1 / 8

طفلك صنيعتك لأنه يمكنك توريثه بعضاً من صفاتك الجينية وإكسابه بعضاً من سلوكياتك وطباعك, وكون الأسرة تُعدّ النواة الأساسية للطفل والخطوة الأولى في إيصال الدعم النفسي له، وطبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء ومحيط الأسرة؛ إمّا أن تعمل على وصول الطفل إلى الصحة النفسية والنمو السليم التي تؤثر على بناء شخصية إيجابية فاعلة في المجتمع، أو إحداث خلل في نموّه.
وقد تعاني المجتمعات من الفقر الذي تؤثر على مستقبله، يعني هل أن العراقيين بحاجة أكثر لتنظيم النسل والاهتمام بالصحّة الإنجابية بسبب الظروف المحيطة بهم التي تجرّهم إلى العوَز أكثر منها إلى التنمية والتقدّم؟
وجدنا أن هذا محور اهتمام وزارة التخطيط منذ عام 2012، حيث أورد تقرير "تحليل الوضع السكاني في العراق" أن النساء الشابات أقل ميلاً لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة من النساء المتقدمات بالعمر. ورغم ظهور تأييد لافت لإقرار قانون "تحديد النسل" وفقاً لاستطلاعات رأي أجرتها مؤسسات مدنية في العراق، إلا أن هذا الأمر ليس بالأمر الممكن بسبب "وجود أفكار دينية وقبلية تتعارض معه". رغم أن تنظيم الإنجاب من باب الحرص على التربية جائز فيه على اعتبار أن الرسول صل الله عليه وسلم أجاز العزل.
فمن المثير للسخط أن نرى الفقراء ومحدودي الدخل ينجبون الأطفال كما وكأنهم يكونون فريق كرة قدم، وكثرة الإنجاب تأتى من الجهل بالدرجة الأولى والرغبة في عدم تحمل مسؤولية هؤلاء الأطفال وإلقاء مسئوليتهم على المجتمع والدولة. هذا ماعدا الجانب النفسي الذي يتعرض له الابناء نتيجة حرمانهم من حقوقهم بالعيش الكريم و إكمال تعليمهم تحقيق كل جوانب الرفاه الاجتماعي. بالاضافة لمقارنة الاباء لاطفالهم بغيرهم كما ويقول مستشار علم النفس التربوي الدكتور عاطف شواشرة إن : « بناء شخصية الطفل من قبل الوالدين يجب أن تكون من خلال رفع تقدير الذات لديه، وهناك نوعان من المقارنات التي يستخدمها الأهل في بيئتنا النوع الأول : هو المقارنات الإيجابية وهي مقارنة الأهل ابنهم بصفة إيجابية مع شخص آخر مثل أن يقول الأهل لإبنهم أنت رائع ومفكر مثل خالك أو عمك فيختار الأهل قدوة من قدوات المجتمع وهذا يجعل الطفل يتوجه في كل مشاعره وأحاسيسه تجاه هذه القدوة فيحبها ويزيد من تقليدها وهذا مطلوب ومحمود في تعليم الأخلاقيات وفي بناء القيم الإيجابية والمجتمعية السليمة، أما النوع الثاني من المقارنات فهو المقارنات السلبية المنبوذة وهذه المقارنات هي نوع من المعايرة الإجتماعية التي يضعها الأهل كعراقيل في طريق سير نمو الطفل الصحيح » . وعن تأثير المقارنات على الطفل يقول الشواشرة : « إن النمو التربوي السليم يتطلب من الأهل الإبتعاد عن مثل هذه المقارنات لأنها تقلل من تقدير الذات لدى الطفل وتهدم مفهوم الذات لديه وتجعله سلبيا بصورة دونية، وتخلق لديه انفعالات سلبية مثل الغيرة والغضب والحقد على الآخر، فهذا النموذج الذي يقارن به الطفل مقارنة سلبية يكون بالنسبة للطفل شيء مؤلم ومكروه وقد يقوده لنوعين من العنف النوع الأول : هو العنف الموجه للنموذج نفسه فقد يقوم الطفل بإيقاع الأذى على هذا النموذج أو على ممتلكاته أو التعبير عن غضبه واستيائه عن وجود هذا النموذج في حياته فيشكل لديه عقدة نفسية، النوع الثاني من العنف او الآثار التي تترتب على المقارنة السلبية وهو إيذاء الذات واعلم شخصية قصة أحد الشبان الذي تم مقارنته بشكل دائم مع ابن عمه وهو نموذج ناجح ويدرس في الجامعة بمعدل عال، واستمر والده على مقارنته فيه حتى وجد ابنه منتحر وتاركا بقربه رسالة تبين أنه انتحر بسبب هذه المقارنة التي كانت تشكل له عبئاً وضغطاً نفسياً كبيراً » ..