ثلاث عشرة موضوعة في النسوية الماركسية * فريغا هاوغ



رشيد غويلب
2022 / 3 / 7

بقلم فريغا هاوغ /
ترجمة رشيد غويلب

الموضوعات التي صاغتها المناضلة النسوية فريغا هاوغ كأساس لنظرية وممارسة نسوية ماركسية، جاءت نتيجة لعملية جماعية، ارتبطت بمؤتمر النسوية الماركسية العالمي المنعقد في الفترة 22 -25 اذار 2015 في برلين، نتيجة لمبادرة من الكاتبة، وتمخض عن 34 محاضرة، ومشاركة 500 ناشطة من 20 بلدا. والموضوعات خلاصة للمساهمات التي قدمت، والتعديلات والإضافات التي تم اجراؤها. وتجدد عقد المؤتمر في عام 2016 في فيينا، بمشاركة أكثر من500 ناشطة يمثلن 30 بلدا. وتقول الكاتبة ان هناك العديد من الاقتراحات التي وردت في مؤتمر فيينا بحاجة الى التعريف بها، وان الموضوعات تمثل أدوات عمل وفي الوقت نفسه، تؤكد هوية المشتركات في المؤتمرين، والى اين يتجه مسارهن، علما ان المسار والهدف في تغير مستمر في إطار مناقشة مشتركة. نشر موقع شبكة “ترانسفورم” (تحول) التابع لحزب اليسار الأوربي الموضوعات مجددا قي 16 تشرين الثاني 2020.
الموضوعات

أولا:- الماركسية والنسوية وجهان لعملة واحدة، لكن يجب أن نضيف أن هذه العملة تحتاج الى إعادة صياغة نفسها. تتمسك النسوية الماركسية بالإرث الماركسي، وبأهمية تحليل العمل في شكل عمل مأجور وكقوة دافعة للحركة العمالية. وفي محاولتها لنقل الأنشطة النسوية الأخرى أيضا إلى مركز التحليل، تتجاوز النسوية الماركسية النظرة الأحادية، التي تشمل الرؤية التحليلية، اما جمع الأنشطة في المنزل وخارجه في كل لا يتجزأ، او الفصل الكامل بينهما، وهنا يبرز التحدي الأساسي، لامتلاك وتطوير مفهوم علاقات الإنتاج نسويا.

ثانيا:- يجري الانطلاق من انتاجين، أحدهما لإنتاج الحياة، والأخر لإنتاج وسائل العيش. وعندما يتم التفكير في الإثنين معا، يصبح ممكنا دراسة الممارسات الملموسة وتأثيرها المشترك. وهذا يفتح ميدان بحث هائل، في التعبيرات التاريخية والثقافية المختلفة للسلطة، ولكن أيضا لإمكانيات تغييرها.

ثالثا:- من الواضح أن العلاقات بين الجنسين هي جزء لا يتجزأ من علاقات الإنتاج وليست شيئا مضافا من خارجها. ان جميع الممارسات والمعايير والقيم والسلطات والمؤسسات واللغة والثقافة وما إلى ذلك مشفرة في العلاقات بين الجنسين. هذا الافتراض يجعل البحث النسوي - الماركسي مثمرا بقدر ضرورته. إن التزامن والترابط في إطار الظروف العالمية، والاختلافات في الاضطهاد الملموس تاريخيا للمرأة يجعل من الضروري جمع المعرفة التجريبية من الناشطات في العالم.

رابعا:- ان الماركسية ليست مفيدة للمجتمع الرأسمالي وتخصصاته العلمية التي تشرعن هيمنة الرأسمال. ولأن الماركسية النسوية تفترض أن الناس يصنعون تاريخهم، وفي الحالات والمواقع التي يتم فيها منعهم من ذلك، عليهم تحقيق سلطتهم الذاتية، ولهذا فإن الماركسية - النسوية غير مناسبة لفعل استبدادي فوقي. وهذا يطلق بحثا مفتوحا مثل البحث في عمل الذاكرة، ويفتح طريقة تاريخية نقدية للتعامل مع الذات كجزء من مجموع، لذلك فهو أيضا شكل من أشكال ممارسة النقد الذاتي كقوة منتجة.

خامسا:- بما أن جميع أفراد المجتمع يشاركون في تعاملهم في علاقات الهيمنة، فإن البحث الملموس في عقدة الهيمنة ضروري، والتي يمكن في النظام الأبوي الرأسمالي أن تشل أو حتى تقيد تماما الرغبة في التغيير. تتمتع النسويات هنا، بالحصول على امتيازات ضئيلة، من تلك التي ترتبط بالوصول الى السلطة. ولهذا لديهن القليل مما يخسرنه، والمزيد من الخبرة في رؤية العالم من الأسفل.

سادسا:- جميع أعضاء المجتمع الرأسمالي يتعرضون للتشويه بواسطة علاقات الهيمنة والقهر، ولهذا ما زالوا بعيدين عن العيش في مجتمع متحرر. هناك أشكال متوارثة تاريخياً من الهيمنة والعنف لا تستمر، ولا تتواصل في الحاضر من خلال تناقض رئيسي. يجب فهم أشكال العنف الوحشية (ضد المرأة)، من تعسف واستعداد للحرب وما إلى ذلك على أنها أهوال مرتبطة، في أوقات مختلفة، بظروف قديمة. وبالنسبة للنسويات الماركسيات، فان تجاوز ظروف العنف هذه نظريا وعمليا عنصر أساسي في نضالهن التحريري: لأنفسهن ولتحقيق دورهن الفاعل، وكذلك تمردهن ضد تخلف ذكوري- إنساني. لكن العنف ليس تعبيرا عن الظروف المتوارثة فقط، بل هو أيضا تعبير عن الظروف الراهنة. وهذا يتطلب فهماً نوعيا للنقد والتحليل الذي يتجنب الجوهري. لقد عادت أكثر أشكال العنف وحشية كأهوال من الماضي وهي في الوقت نفسه نتاج الظروف الراهنة.
سابعا:- تتخذ الماركسية - النسوية موقفا من أولوية الحركة العمالية كفاعل تاريخي وحامل للتحول. وإن دمج الأسئلة النسوية في الماركسية وبالتالي تغيير كليهما يجعل من الضروري اعتماد رؤية نقدية للماركسية التقليدية، التي تنحصر بالحركة العمالية فقط. ان الماركسية هي نقد ماركسي للاقتصاد السياسي + الحركة العمالية، وهذا ما يشكل قوتها التي لا تضاهى. وفي الوقت نفسه يجعل حدودها مرئية. ان مصير الطبقة العاملة يبين ايضا عدم قدرتها على تحديد وتطوير القضايا التي تتجاوز الأفق التاريخي للصراع الطبقي. ان هذه الماركسية التقليدية غير متقبلة للأسئلة النسوية الجديدة، وكذلك لأسئلة الإيكولوجيا. وهي تحتاج الى مزيد من التطوير. ان وفرة الحركات الاجتماعية المتنوعة بالإضافة إلى الثروة غير المستغلة حتى الآن من تراث ماركس الثقافي تتطلب مزيدا من البحث والمناقشة المستمرة. وقد أجمعت جميع البحوث، المقدمة في المؤتمرين، على مطالبة جميع النسويات الماركسيات بالمشاركة في هذا الجهد.

ثامنا:- المناقشة بشأن العلاقة بين الطبقة والعرق والجنس يجب ان تدفعنا الى أمام. وان العلاقة بين الطبقة والجنس بحاجة إلى مزيد من البحث في جميع المجتمعات الرأسمالية؛ ويجب الإجابة على ما يبدو على أنه “سؤال عرقي”، لكل مجتمع وثقافة، بشكل ملموس وربطه بنوعي الاضطهاد الآخرين. إن التفكير كنعدد الاتجاهات ضروري.

تاسعا:- في التحولات التي أعقبت أزمة الفوردية (نسبة الى شركة فورد وانتاجها الضخم) والتي تنقل الاقتصاد المعولم من أزمة إلى أخرى، والتي تدفع الناس، أكثر من أي وقت مضى، إلى ظروف أكثر خطورة، فان النساء والفعاليات والمجموعات المهمشة جزء من معسكر الخاسرين.

عاشرا :- إن تفكك دولة الرفاه الغربية في ظل اقتصاد معولم، يترك مسؤولية الحياة على عاتق نساء يمارسن الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر أو الى الأعمال منخفضة الأجر، وهو ما يمكن معرفته عالميا في سلسلة الرعاية الصحية العالمية. يمكننا أن نفهم هذا على أنه أزمة رعاية صحية، كنتيجة متحققة بالضرورة في مجتمع رأسمالي يتعرض لضغوط الأرباح نتيجة لنقل مركزه الاقتصادي إلى قطاع الخدمات، والذي يلجأ إلى المزيد والمزيد من أشكال الأزمات المنفلتة بمستويات غير متكافئة من القيمة المضافة.

حادي عشر:
قاسمنا المشترك هو وضع الحياة في مركز نضالاتنا وبالتالي خوض النضال المشترك في الوقت الذي نحدده بأنفسنا. ويمكننا أيضا تتبع الاقتراح الداعي لتحليل أزمات الحياة باعتبارها نتيجة لمنطق زمن غير متكافئ داخل قطاعات التسلسل الهرمي. وكسياسة تقترح هاوغ “اربعة في واحد”***، وهذا يعني سياسة توفير الوقت المطلوب، لإلغاء الهرمية من خلال تعميم النضال، وليس ملائمة المجالات بشكل متواز. ان المجتمع المتحرر يصبح ممكنا فقط، عندما ينشط الجميع في جميع المجالات.

ثاني عشر:-
ان نضالاتنا موجهة ضد المهيمنين، وفي سبيل ديمقراطية جذرية، وكل هذا يحتاج أيضا سياسة من القاعدة. ان مقاومتنا تتنوع تاريخيا وثقافيا. ولكن ما يوحدنا مع ماركس: “الاطاحة بجميع العلاقات التي يكون فيها الإنسان كائنا مهانا، مستعبدا، مخذولا، محتقرا”. إن تنظيم مؤتمر ماركسي نسوي وإيجاد طرق مختلفة للتعامل مع التنسيق والصراع هو وسيلة مهمتنا لترجمة مقاومتنا إلى حركة نسوية ماركسية مثابرة.

ثالث عشر:- لا تبقى النسويات الماركسيات طويلا في الموقف التقليدي المرسوم لهن في إطار الحركة العمالية لتجسيد السلام والدفاع عنه كنساء، بينما يقوم الرجال بالحروب. نحن لا نريد دفع هذه السياسة الى الخلف، بل نريد أن نتحمل المسؤولية الشاملة. نحن نعتبر أن القوة النسوية لا غنى عنها في الوضع العالمي الحالي المليء بالأزمات والحروب. وبالتالي لديها مسؤوليات وفرص كبيرة.

ملاحظات المترجم
ــــــــــــــــــــــــــــــ

* النسوية الماركسية: هي قراءة نسوية للماركسية تعمل على توسيع نطاقها. تحلل النسوية الماركسية السبل التي تستغل الرأسمالية من خلالها المرأة، جنبا إلى جنب مع الحيازة الفردية للملكية الخاصة. وتؤمن النسويات الماركسيات بأنه لا يمكن تحرير المرأة إلا من خلال تجاوز الأنظمة الرأسمالية. وتوسع النسويات الماركسيات نطاق التحليل الماركسي التقليدي من خلال تطبيقه على نطاق العمالة المنزلية والعلاقات بين الجنسين.

** مناضلة نسوية ألمانية مخضرمة، عالمة اجتماع وفيلسوفة، مواليد 1937 في مدينة مولهايم

*** سياسة أربعة في واحد: رؤية للكاتبة تركز على يوتوبيا التوزيع العادل للعمالة المربحة، العمل الأسري، العمل المجتمعي، وفرص التنمية.