البطل ، وسكين المطبخ



نادية خلوف
2021 / 4 / 3

"في مرات كثيرة كنت أفكّر لماذا لا يقتلون الفتاة عند ولادتها " تقول صديقتي تهاني . كنت مطّلعة على بعض جوانب حياتها حيث كانت تلجأ إلي في اقتراض بعض المال . تهاني مدرّسة لغة عربية ، تعرّفت على زوجها ونشأت بينهما علاقة " حبّ" انتهت بعد الزواج بيوم ، توقعت أن تسمع من زوجها كلمات دافئة ، وهي التي قبلت أن تذهب معه خطيفة ، فإذ بخيبة الأمل تصيبها في مقتل حيث كان زوجها بهاء عاطل عن العمل ، و هو يستلم مرتبها وفق وكالة منها . قالت لي مادام سوف ينفق على البيت لا فرق بيني وبينه، لكنّه لم ينفق ، وكان ينفق مرتبّها على علاقاته مع النساء ، وعلى المشروب ، و بالتدريج أصبحت لا تجرؤ حتى عن الحديث عن دخلها بعد أن أصبح له مركز في الحزب ، وكان دخله ربما كبيراً.
تقول تهاني: عندما كان يسكر ، كان يمسك بسكين المطبخ، ويقول لي سوف أقتلك و أريح البشرية منك ، وكنت أهرب إلى المطبخ، أغلقه خلفي ، وعندما يصحو أعود إلى طلب حقي ، و أنعته بالمنحل ، ورغم ذلك لم أفكر بتركه لأنني ببساطة لا أعرف حتى كيف أزور المحكمة ، و لآنّ عائلتي لن تستقبلني ، و لأن لي أطفالاً صغاراً، لكنني اليوم وبعد ثلاثين عاماً أقول كنت أبرّر الموضوع . لو لجأت إلى الغرب ، ثم لممت شمل أولادي . كانوا سوف يتعذبون لمدة عام أو عامين وليس طوال الوقت، وعندما يشعر أنّني أصبحت في الغرب سوف يتمسح بي كما فعل عندما قال لي أحبّك. لو ذهبت إلى الخليج العربي ، وعملت خادمة لعدة سنوات ، وضممت أولادي لي . كان عندي خيارات كثيرة، لكنني كنت نذلة. بالعكس تماماً كنت أخشى أن يأتي يوم يتزوج فيه بأخرى فأضطر إلى المغادرة ، وحصل ماخفت منه.
هذه القصة أوردها حول البطل زوج تهاني وسكينه ، لم أكن أعرف أن لسكاكين المطبخ استعمالات أخرى هي قتل النساء إلا عندما أقدم سوري في السويد إلى غرز السكين في قلب امرأته ، وكانت التعليقات على الفيس تحييه على شجاعته فهي تستحق، لكن الأمر كان مأساوياً ، فقد ذهب هو إلى السجن ، وفي نفس اللحظة تمّ نقل الأطفال من منزلهم إلى منازل تؤمنها الدولة.
حدث قبل يومين ذلك في فرنسا حيث أن الزوجة التي لم تصل الأربعين من عمرها غرز زوجها السكين في صدرها، لكنها هربت منه إلى الطابق الأعلى فتبعها وقضى عليها ، وذهب إلى السجن، و الأطفال الخمسة إلى رعاية الدّولة .
الكثير من النساء يطلبن حماية الدولة في الغرب لأنهن لا يشعرن بالأمان مع ذلك الزوج، ومن حقهنّ أن يبحثن عن الأمان. لماذا اللوم ؟ أليس من حق الرّجل أن يرمي زوجته إلى الشارع بطريقة تعسفية وفق القانون؟
الكثير من الرجال حريصون على زوجاتهم و أبنائهم، و الكثير منهم عينهم على سكين المطبخ ليضعوا نهاية مأساوية ليس للزوجة فقط بل للأطفال أيضاً ، ومن القصص الطريفة إلى حدّ البكاء أن إحدى النساء تعبت من تخليص الأطفال من بين يديّ زوجها البدوفيليا ، وعندما كشف أمره للعلن قتلها بحجة أنها تثير حوله الشائعات إخفاء لقصة خيانتها، وكان من بين العليقات : إن كيدهن عظيم ، لا يغسل الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدّم . . .