بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 08 مارس: المرأة / الإنسان:بين الاستغلال الرأسمالي، وبين الرِؤيا المنحطة في الواقع الاجتماعي، في ظل جائحة كوفيد 19.....13



محمد الحنفي
2021 / 6 / 14

العمل من أجل تأكيد كيان المرأة:.....1

والمرأة عندما تستعيد مكانتها في المجتمع، الذي ينتفي فيه العمل المزدوج، والاستغلال الرأسمالي المزدوج، والخالي، كذلك، من الرؤيا الدونية للمرأة، التي تعتبر، حسب هذه الرؤيا، منحطة، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإنها في حاجة إلى تأكيد كيانها الإنساني، الذي لا يمكن أن يكون إلا إنسانيا.

فماذا نعني بكيان المرأة الإنساني؟

وما هي الوسائل المؤكدة لكيان المرأة الإنساني؟

إن كيان المرأة الإنساني، يتمثل في شخصيتها المتكاملة، بسبب تمتعها بكافة حقوقها الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، بالنسبة للحقوق العامة، وكما هي في اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، من أجل أن تكتمل إنسانيتها؛ لأن إنسانية المرأة، لا تتحقق إلا بتمتيعها بحقوقها الإنسانية، كما هو الشأن بالنسبة للرجل، الذي لا تكتمل إنسانيته، إلا بتمتعه بجميع حقوقه الإنسانية، إلا أن المرأة تزيد عليه، بضرورة تمتعها بحقوق النوع، المشار إليها.

والمرأة، باسترجاعها لكيانها الإنساني، في حاجة إلى تأكيد ذلك الكيان، لأنها ليست إنسانا؛ لأن المرأة، يتعامل معها جميع أفراد المجتمع، بالنظرة الدونية، والمنحطة، التي صارت ملازمة لها، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى مستوى الإرث، كما ورد في الآية الكريمة: (للذكر مثل حظ الأنثيين).

وعدم تأكيد الكيان الإيجابي للمرأة، في الواقع الإنساني، ودورها في تحقيقه، ويبقيها ملاحقة بدونيتها، وبانحطاطها، خاصة، وأن المرأة، يجب أن تقوى على مواجهة دونيتها، وأن تسعى إلى نفيها على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وعلى مستوى مختلف العلاقات، التي تنسجها في المجتمع، على جميع المستويات الإنسانية.

ولتأكيد كيان المرأة الإنساني، في الواقع ، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، لا بد من:

1) المساواة بين النساء، والرجال، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، على جميع المستويات، بما في ذلك المساواة في الإرث، في مجتمعات البلدان العربية، وباقي بلدان المسلمين، وحيثما كان المسلمون في العالم.

وللوصول إلى مستوى مساواة المرأة للرجل، في المجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، نرى ضرورة ملاءمة القوانين، المعمول بها، في كل دولة، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، كما هي معمول بها في البلدان الرأسمالية المتقدمة، وكما هي معمول بها في الأنظمة الاشتراكية، مع تطور في فهم الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، انطلاقا من اعتبار الأنظمة الاشتراكية، أنظمة وجدت لتكون في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وهذه الملاءمة، التي يترتب عنها تحقيق المساواة بين النساء، والرجال، على جميع المستويات، مما يزيل كل العقبات، في العلاقة مع الواقع، وفي العلاقة بين النساء، والرجال، وفي فرض احترام المرأة، في إطار الأسرة، وفي إطار العائلة، وفي الحي، وفي المدينة، والقرية، وفي كل مكان تتواجد فيه المرأة.

2) المساواة في التمتع بالحقوق، وفي القيام بالواجبات، تجاه الأسرة، وتجاه العائلة، وتجاه المجتمع، نظرا لما تقتضيه المساواة بين النساء، والرجال، في الحقوق، وفي الواجبات.

فالحقوق التي نرى ضرورة المساواة فيها، بين النساء، والرجال، على حد سواء، تتمثل في حقوق الإنسان، وفي حقوق الشغل، بالخصوص، وتزيد المرأة على الرجل، بحقوق النوع.

فحقوق الإنسان، مصنفة إلى حقوق اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، ومدنية، تتمتع بها المرأة، كما يتمتع بها الرجل، لا فرق بينهما، ولا يجب أن يصير الجنس، وسيلة، لجعل المرأة دون مستوى الرجل، في التمتع بها، كما لا يجب أن تكون الأفضلية للرجل، في التمتع بها، فقط؛ لأنه رجل، وأن تحرم منها المرأة، فقط؛ لأنها امرأة؛ بل إن المساواة يجب أن تسود بين النساء، والرجال، في التمتع بالحقوق الإنسانية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان.

وحقوق الشغل، هي التي تقتضيها الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الشغل، التي يتساوى فيها النساء، والرجال، العاملات، والعاملون، في القطاعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

فتمتع المرأة العاملة، بحقوق الشغل، يجب أن لا يختلف عن التمتع بحقوق الشغل، بالنسبة للرجل، وفي كل القطاعات، التي تستلزم القيام بعمل معين، مقابل أجر معين، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سواء كانت القائمة بالعمل امرأة، أو كان القائم به رجلا.

وعلى المشغل، سواء كان فردا: شخصيا، أم اعتباريا، أو دولة، أو قطاعا معينا، من قطاعات الدولة، وأن لا يفرق بين الرجل، والمرأة، في التمتع بحقوق الشغل، التي نرى ضرورة اعتبارها من الحقوق الإنسانية، وجزءا لا يتجزأ منها.

أما الواجبات، فهي ما يجب على الفرد، أي فرد، تجاه نفسه، وتجاه أسرته، وتجاه العائلة، وتجاه المجتمع، وتجاه الجماعة، التي ينتمي إليها، وتجاه الدولة، سواء تعلق الأمر بالاقتصاد، أو بالاجتماع، أو بالثقافة، أو بالساسة.

ومن العيوب التي تؤخذ على القوانين المعمول بها، أنها اهتمت، بالدرجة الأولى، بالواجبات، وأهملت ضرورة الحرص على التمتع بالحقوق الإنسانية، وهو ما يترتب عنه الحرص، في كل البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، على قيام الجميع، بواجباتهم، تجاه أنفسهم، وتجاه أسرهم، وتجاه عائلاتهم، وتجاه المجتمع، وتجاه الدولة، في الوقت الذي تعمل فيه هذه القوانين على ضرورة الحرص على التمتع بالحقوق الإنسانية، وحقوق الشغل.

3) ونظرا لوظيفة الإنجاب الطبيعية، المخصصة للمرأة، في إطار مؤسسة الأسرة، فإن الإعلانات، والمواثيق، والاتقاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، خصتها باتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، بما في ذلك الإرث، الذي يرث فيه الرجل ضعف ما ترثه المرأة، الذي يعتبر تمييزا ضد المرأة، في مجتمعات البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين. وهذا التمييز، ونظرا لما صارت عليه المرأة، على جميع المستويات، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فقد أصبح من اللازم: اعتبار حقوق المرأة، الواردة في اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واجبة الاحترام على الدولة، وعلى الأحزاب، وعلى النقابات، وعلى الجمعيات المختلفة، وفي إطار العمل على تحقيق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق الاشتراكية، ومن منطلق الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كقوانين علمية، يمكن توظيفها في التحليل الملموس، للواقع الملموس، الذي يتبين في إطاره، ضرورة اعتبار خصوصية المرأة، شأنا خاصا، على جميع المستويات. وهذا الشأن الخاص، لا ينفي اعتبارها إنسانة، وإنسانيتها، لا تقل شأنا، عن إنسانية الرجل، إن لم تتفوق عليه، وهو ما يقتضي احترام حقوقها الإنسانية العامة، وحقوق الشغل، باعتبارها حقوقا مشتركة، بين جميع أفراد المجتمع، وبين العاملات، والعمال، والأجيرات، والأجراء، وسائر الكادحات، والكادحين، كما يقتضي، في نفس الوقت، احترام حقوقها الخاصة، المشار إلى مصدرها، سابقا، حتى تتحمل المرأة مسؤوليتها في الحياة العامة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، واحترام حقوقها الخاصة، التي اكتسبتها، بحكم خصوصيتها.

وهذا الاحترام الممارس، من قبل الجميع، ليس ملزما بقوة القانون، وحسب، وإنما هو، كذلك، ممارسة تعكس اقتناع الجميع، بضرورة احترام حقوق المرأة العامة، والخاصة، على حد سواء، حتى يتم مضاعفة ما تقوم به المرأة من تضحيات، لأجل المجتمع، ولأجل الإنسان، بما في ذلك المرأة، التي يجب أن تكون، المستفيد الأول، من تضحيات المرأة:

ا ـ على مستوى الاهتمام ببيت الأسرة، حتى يصير خادما لمصلحة الرجل، ولمصلحة الأولاد: الذكور والإناث، ولمصلحة كافة الأقارب، ولمصلحة جميع الناس، نساء، ورجالا.

ب على مستوى الاهتمام بتربية الأولاد، تربية تنسجم مع متطلبات العصر، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن تصير لهم مكانتهم، في الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ويصيروا مفيدين للمجتمع، وفي جميع القطاعات الاجتماعية.

ج ـ على مستوى الإخلاص في العمل، وفي أي قطاع تواجدت فيه، سعيا إلى أن يصير، ذلك الإخلاص، وسيلة لتقدم المجتمع، وتطوره، على جميع المستويات.

د ـ الحرص على أن تصير مردودية عمل المرأة، متفوقة، ومتقدمة، ومتطورة، للبرهنة على دور المرأة، في تقدم المجتمع، وتطوره، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ه ـ الحرص على أن يكون عمل المرأة، موسوما بالاحترام الكامل، لحقوق الإنسان المختلفة: العامة، والخاصة، وإعطاء ممارستها في المجتمع، وفي عملها، بعدا إنسانيا، كامتداد للبعد الإنساني، في تعامل الآخر معها.

و ـ الحرص على تمتعها بالحق في تطوير الإمكانيات، التي تتوفر لها، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمعرفية، والعلمية، والفلسفية، والسياسية، حتى تبرز نفسها، من خلال تطور، وتطوير إمكانياتها المختلفة، والتي تساهم، بشكل كبير، في البناء الحضاري للدولة، التي تنتمي إليها، وعلى مستوى البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، حتى يتبين لها ما يجب عمله، من أجل انعتاق المرأة، من كل أشكال معاناتها، مع السعي المستمر، إلى رفع الحيف عنها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

ومعلوم أن اهتمام المرأة ببيت الأسرة، وبتربية الأولاد، تربية نوعية، وبإخلاصها في العمل الذي تمارسه، في كل القطاعات الاجتماعية، وبالحرص على أن تصير مردودية عملها متفوقة، ومتقدمة، ومتطورة، وبالحرص على أن يكون عملها موسوما بالاحترام الكامل، لحقوق الإنسان العامة، والخاصة، وبالحرص على تمتعها بالحق في تطوير إمكانياتها، وتتبع ما تعيشه النساء، على مستوى دولتها، يمكنها كل ذلك، من أن تحتل مكانتها، على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص، لتصير من ضروريات سلامة المجتمع، وتقدمه، وتطوره، ومساهمة في بناء الحضارة، في إطار الدولة التي تنتمي إليها، بالإضافة إلى مساهمتها في بناء الحضارة الوطنية.