المرأة العراقية وحقيقة أوضاعها في المجتمع الذكوري الإسلامي المتطرف!



كاظم حبيب
2006 / 8 / 9

يعمل التيار الإسلامي السياسي المتطرف في العراق, باسم الله والإسلام والشريعة!, على توفير شروط ومستلزمات إقامة دولة ذكورية متخلفة غير متنورة وظلامية وطائفية متطرفة في آن واحد, وهي دولة يراد لها أن لا تختلف قيد أنملة عن الدولة البائسة والرجعية التي أقامها الشيخ عمر محمد وطالبان وبن لادن والظواهري في أفغانستان, حيث تخضع فيها المرأة للرجل بشكل مطلق لأنها ناقصة العقل وغير قادرة على التحكم بإرادتها وعاجزة عن تدبير أمورها وتغري الإنسان على ارتكاب الفحشاء!, وأن مكانها المناسب في العراق هو المنزل والمطبخ وإطعام الأطفال لا تربيتهم, فالتربية هي من مسؤولة الأب ليميز بين تربية الولد وتربية البنت. أما خارج البيت فأن ظهرت فلا بد لها أن تكون ملفعة بالسواد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها وعليها أن ترتدي القفاز الأسود أيضاً لتبدو كالغراب السود أو البوم لكي لا يرى الإنسان الغريب حتى أصابع يديها, فهي الأخرى مغرية للرجال وتدفع بهم إلى ارتكاب المعصية أو الخطيئة.
حين أصدر العراق قانون الأحوال الشخصية أو حتى قبل ذاك كانت المرأة تتمتع ببعض الحقوق وكانت تتقدم بخطى وئيدة ولكنها ثابتة نحو الأمام. أما اليوم ورغم وجود من يمثلها تمثيلاً مزيفاً وبوعي مزيف بنسبة 25 % من أعضاء المجلس النيابي في العراق, فإنها فقدت الكثير من حقوقها المشروعة والعادلة وفقدت مساواتها بالرجل من حيث امتلاك حريتها الفردية وحقها في التصرف باعتبارها إنساناً كاملة العقل والحقوق والواجبات.
ولكي نؤكد صحة ما نقول إليكم الأرقام الأساسية التالية التي يرى من خلالها الإنسان الوضع المزري الذي تعيش فيه المرأة العراقية بحمد وفضل التيار الصدري وهيئة علماء المسلمين ومن يماثلهما في فهم الإسلام وممارسة إسلامهم في العراق.
سوف لن أتحدث كثيراً فالأرقام وحدها تشرح كل شيء, ولكن أقول أن هذه الأرقام والمعلومات هي نتيجة طبيعية لواقع مأساوي أشير إلى بعض جوانبه فيما يلي:
• هيمنة الإرهاب والعنف الدموي في العراق وضد المرأة بشكل خاص, وضعف نشاط الدولة والحكومة في مواجهة ذلك.
• تفاقم الطائفية السياسية والصراعات في ما بين أتباع المذاهب المتشددة وسعيها للتسابق في فرض صورتهم المشوهة وفهمهم المشوه عن الإسلام في المجتمع والدولة العراقية الجديدة.
• هيمنة قوى الإسلام السياسي الإرهابية والمتطرفة على الشارع العراقي وامتلاك ميليشياتها للسلاح والتهديد والقتل وبث الرعب في نفوس النساء والعوائل.
• ضعف قدرة التيار الديمقراطي واللبرالي والعلماني والإسلامي المتفتح على مواجهة هذا التيار المتفاقم في ظلمه وغيه وعدوانه على حقوق الإنسان, وخاصة حقوق المرأة.
• ضعف تأييد الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والرأي العام العالمي لنضال الشعب العراقي في سبيل سيادة حقوق الإنسان وحقوق المرأة وسيادة القانون في العراق.
• سكوت الكثير من القوى السياسية الديمقراطية واللبرالية والعلمانية العربية منها والكردية عما يجري من إساءات إزاء المرأة في الوسط والجنوب وبغداد.
• ورغم النضال الذي تمارسة المرأة الديمقراطية في العراق, فإنها تعاني من ضعف حركتها النسوية الديمقراطية وهيمنة المجموعة النسوية المرتبطة بالقوى والأحزاب الإسلامية السياسية على المرأة في البرلمان وفي الشارع والتزامها بما تريده تلك الأحزاب الذكورية.
• الدور المخزي الذي تلعبه الثقافة الإيرانية الإسلامية المشوهة في العراق نتيجة العلاقات القائمة مع قوى إسلامية سياسية متطرفة وطائفية متشددة ومسلحة في آن.

تشير الأكاديمية والكاتبة العراقية السيدة أسماء جميل رشيد في دراستها المكثفة والقيمة, التي تستحق القراءة والتمعن في أوضاع المرأة العراقية في المرحلة الراهنة, والتي نشرت في مجلة "الثقافة الجديدة" في عددها 318/ 2006, في بغداد, ص 35-46, إلى الحقائق التالية:
• "رصدت (منظمة حرية المرأة) أكثر من 2000 حالة اختفاء واختطاف للفتيات في تقريرها الذي أصدرته في اليوم العالمي للمرأة في آذار 2006, غير أن العدد الفعلي للضحايا يفوق هذا الرقم بكثير حسب تصريح لأحد مسؤولي الشرطة لوكالة الأنباء العراقي ...". ص 43
• "ارتفع عدد الفتيات التاركات الدراسة في المرحلة الابتدائية من 39266 للعام الدراسي (2001/2002) ليصل إلى 76795 للعام الدراسي 2003/2004, أما عدد الطالبات الجامعيات اللواتي تركن دراستهن للعام الدراسي (2003/2004 فقد بلغ 9958 في الدراسات الصباحية و2795 في الدراسات المسائية,..." ص 43.
• وصف أحد بيانات الجماعات الإسلامية الطالبات غير المحجبات بـ (النساء الفاجرات اللواتي يمارسن الإغراء الجنسي في ملابسهن), ويحذر البيان من لبس أنواع معينة من الملابس. ص 44.
• "بلغ عدد الأرامل بحسب مصادر وزارة الدولة لشؤون المرأة 206082, أي يمعدل 10 نساء يترملن كل ساعة وعليهن أن يتحملن الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والنفسية المقترنة بعملية الترمل". ص 46.
• "بلغ عدد النساء اللواتي قتلن في شهري كانون الثاني وشباط لعام 2006 بحسب إحصائيات الطب العدلي 236 امرأة, وكان عدد اللواتي قتلن بسبب التفجيرات والعمليات العسكرية 181 مقابل 55 امرأة تمت تصفيتهن قتلاً بالرصاص خلال هذين الشهرين فقط", ص 45,. أي ما مجموعه 472 امرأة خلال 59 يومياً أو يتم قتل النساء بمعدل 8 امرأة يومياً. أما عدد الذكور الذين قتلوا خلال هذين الشهرين فق بلغ 1942, أو بمعدل يومي قدره 33 رجلاً.
هذه الأرقام مخيفة لا يمكن تصورها. ولكن هذه هي الحقيقة المرة التي يعيشها الشعب العراقي. وعلينا أن نعمل ونناضل من أجل إيقاف المجزرة الجارية في العراق بكل السبل المتوفرة.
إن المرأة في العراق تواجه عمليات خنق لصوتها ووأد لحقوقها, حتى تلك التي أقرها الإسلام. ومن تابع مظاهرة النسوة التي دعا لها التيار الصدري للتضامن مع لبنان أو التظاهرات النسوية للتيار الصدري الراهن يدرك عمق الأزمة التي يواجهها المجتمع العراقي في ظل المد الإسلامي السياسي الإرهابي المتطرف. إلا أن هذا التيار المتطرف سوف لن يمر وسيتصدى له المسلمون من النساء والرجال لأنه ضد الحياة وضد الإنسان وضد كل ما هو خير وجميل وإنساني, ضد كل الفنون والرياضة والأفراح, فهو تيار الأحزان والبؤس والموت.
أوائل آب/أغسطس 2006 كاظم حبيب