عُهرٌ مُباح !!



كريم عامر
2006 / 8 / 29

يطلق البعض على المرأة المتعددة العلاقات الجنسية ( حتى وإن لم تكن تتاجر بجسدها ) العديد من النعوت التى يقصد من خلالها الإشارة اليها بنوع من التحقير والدونية ، خاصة أن المجتمعات الشرقية المتمسكة بالدين فى ظاهر حياتها لا تقبل أن تكون للمرأة حياتها الخاصة بها ، فهى تتدخل فى أدق شئونها ، وتدس أنفها فى أكثر أحوالها خصوصية ، خوفا من أن تتمرد هذه المرأة على الأعراف والتقاليد التى يقوم عليها كيان المجتمع الذكورى الذى بنى على أجساد النساء وهياكلهن العظمية .
وفى المقابل ، نجد أن الثقافة السائدة فى مجتمعاتنا لا تستهجن تعدد العلاقات الجنسية للرجل ، بل تشجعها وتشيد بها ، ولا يمكننا أن نخلى مسؤولية الدين ( الإسلام خصوصا ) من هذا الأمر ، فله فيه دور لا يمكن إنكاره ، خاصة عندما أباح للرجل تعدد زوجاته ( وإمائه ) وألزم المرأة بمعاشرة رجل واحد حتى ينفصلا سواء بالطلاق أو بموت أحدهما .
من حقنا أن نتسائل ونمعن فى التساؤل وراء الحكمة من إباحة تعدد زواج الرجل ، وفى المقابل - على الرغم من أن هذا الأمر ليس مطروحا على الإطلاق - من حقنا أن نتسائل بالضرورة عن الحكمة وراء إلزام المرأة بمعاشرة رجل واحد فقط .
أنا بالطبع ضد تعدد الأزواج بنفس القدر الذى أرفض به تعدد الزوجات ، ولكن المشكلة تكمن فى أنه لا يوجد مبرر عقلانى يقف خلف إباحة التعدد للرجل وتحريمه على المرأة .
يدعى البعض أن السبب وراء ذالك يكمن فى أن تعدد زواج الرجل لن يؤدى إطلاقا إلى إختلاط للأنساب ، بينما تعدد زواج المرأة سيؤدى بالضرورة إلى عدم معرفة الوالد الحقيقى للطفل ...
حجة مقنعة ...أو لنقل .. غش مقنع ... اليس كذالك ؟؟!!!
ما أسهل أن يغلف الغش والكذب وقلب الحقائق بغشاء من المنطق المهترىء سريع الإستهلاك !! ..
حسنا ، إذا كان تعدد زواج المرأة سيؤدى إلى إختلاط الأنساب وشيوعية العلاقات الجنسية والمشاكل الإجتماعية المتعددة ، فهل تسائل أحدكم ( حتى ولو بينه وبين نفسه ) .. من الذى أعطى الحق للرجل فى أن ينسب أبناءه اليه ؟؟!!! ...
ماهو دور الرجل فى العملية الجنسية التى تؤدى إلى الإنجاب ؟ ...
أهى المشاركة فى الجنين المنتظر بحيوانه المنوى اليتيم ؟؟!! ...
حسنا ، وماذا يفعل بعد ذالك ؟؟؟
ألا تجده يقعد مقعد المتفرج من شريكته فى العلاقة الجنسية وهى تعانى آلام الحمل ... وآلام الطلق والولادة ؟؟...
هل رأيتم رجلا يرضع إبنه يوما ما ؟؟؟
هل رأيتم رجلا ينظف طفله ويغير له ملابسه ؟؟!!
تمت مكافأة الرجل على الحيوان المنوى الذى منحه لطفله كى يتكون بأن يصبح هو الوالد الفعلى للطفل ، وهو لم يلده من الأساس !!
وتتحول الوالدة الحقيقية إلى مجرد إسم على الهامش يخجل من ذكره الكثيرون ويوضع أمامه الخانة المخصصة له فى البطاقة الشخصية ( إن وجدت هذه الخانة أصلا ) علامة ( - ) ، وتتحول المرأة التى عانت آلام الحمل والولادة وووضعت نفسها على حافة القبر عندما قررت إنجاب طفلها إلى مجرد علامة ( - ) لا أهمية لها فى واقع الحياة !!.
وبعملية الغش هذه صودر حق المرأة فى نسب أبنائها إليها ، وتم منح هذا الحق للرجل الذى لم يكن له أى دور سوى المضاجعة والإستمتاع !!! ...
وبناءا على هذه العملية الخداعية التى أدت إلى مصادرة هذا الحق من المرأة عن طريق الرجل المغتصب له ، أجيز للرجل أن يعاشر أكثر من إمرأة فى وقت واحد ، وحرم على النساء أن يحذون حذوه فى هذا المجال ، وألزمن بذالك طوال فترة إرتباطهن برجل ما !! ...
فلنعد مرة أخرى إلى الوراء ، ولنتسائل مرة أخرى عن السبب وراء إستهجان المجتمع لتعدد علاقات المرأة الجنسية فى الوقت الذى يشيد فيه بتعدد علاقات الرجل دون أن يوقع عليه أدنى قدر من العتاب أو اللوم الذى تتلقاها المرأة أضعافا مضاعفة إن كان لها أكثر من إرتباط جنسى خلال حياتها ( ولا أقول خلال فترة زمنية محدودة ) ، فإذا كانت المرأة تعد عاهرة وسيئة السمعة و" دايره على حل شعرها " إن كان لها أكثر من إرتباط عاطفى أو جنسى ، فلماذا لا يعد الرجل عاهرا وسىء السمعة و " داير على حل شعره " هو الآخر عندما يطمع فى الزواج من أكثر من إمرأة ؟؟!!!! .
أين العدل المزعوم إذن عندما يبنى على أساس من الباطل واقع إجتماعى مفروض ، ويأتى الدين الذى يزعم واضعوه زورا أنه منزل من عند إله ( لا وجود له ) ليقرر هذا الوضع ويلزم الجميع بإتباعه وإلتزامه ؟؟!!
* * * * *
منذ سنوات قليلة ، إنتشرت موضة جديدة بين الشباب ( الملتزم ) وضع ألف مليون خط تحت هذه الكلمة التى تعنى الشباب المعقد نفسيا المتزمت فى إلتزامه بتعاليم دينه ، وطبعا لا أعنى هنا سوى الدين الإسلامى الذى أصبح التطرف هو أحد الأشياء التابعة له ( فى الغالب ) ، أعنى موضة تعدد الزوجات ، بدأ الترويج لهذه الموضة بعض دعاة شرائط الكاسيت ذوى الثقافة الوهابية البدوية الجاهلية ، أذكر أن أحدهم أصدر شريط كاسيت تحت عنوان " زوجتنى زوجتى " يتحدث فيه عن أن زوجته خطبت له وزوجته عليها داعيا النساء المسلمات إلى المبادرة بتزويج أزواجهن خوفا عليهم من الفتنة وسترة لغيرهن من الفتيات المسلمات التى أوشكت بضاعتهن ( جسدهن ) على أن تكسد فى سوق الزواج !!! ...
وبدأ الكثيرون يتأثرون بهذه الدعاوى المغرضة التى تفوح منها رائحة العهر الإسلامى الذكورى ، وبالفعل كان هناك بعض النساء يتورطن فى تزويج أزواجهن ، ورصدت حالات كثيرة لتعدد الزوجات بين الشباب السلفى ، ومن الطريف ذكره هنا أن البعض منهم كان يشترط على أهل الفتاة التى كان يخطبها أن لا تمانع إن تزوج عليها ، وهى حالة قريبة منى جدا ، والأكثر طرافة وإيلاما أن الفتاة ( ذات الأربعة عشرة ربيعا وقت خطبتها !!! ) قبلت هذا الشرط !!! ...
تحول مجتمعنا على يد جماعات التطرف الدينى الإسلامى ، والتى لا أعتقد أنها جائت بتطرفها هذا من مصدر بعيد عن الإسلام الحقيقى ، إلى مجتمع يضم رجالا عواهر ونساءا قوادات ، رجال لا يخجلون من معاشرة أكثر من إمرأة تحت حماية الدين والقانون ، ونساء لا يجدن غضاضة فى أن يجلبن لأزواجهن نساءا أخريات كى يشاركونهن فى أزواجهن !!! ...
هل بقى لديكم أيها المتأسلمون ورقة توت تختبئون ورائها ؟؟!!! ...
نصيحة قلبية خالصة لكم : جحوركم لم تعد تؤدى وظيفتها بالقدر المطلوب ، وستجدون من يهدمها عليكم من الداخل ويضعكم دائما فى مواجهة ضوء الحقيقة الذى لا تستطيع أبصاركم التى ألفت الظلام مواجهته ، فلم يعد لديكم خيارات أخرى أخرى ، فعنادكم ومكابرتكم لن يكون لهما أى طائل سوى إستمرار هذا الوضع المزرى الذى تعيشون فيه ، واجهوا ضوء الحقيقة ولو لمرة واحدة ومن حقكم أن تعودوا مرة أخرى للظلام ، ولكن جربوا ، ولن تخسروا الشىء الكثير الذى من المؤكد أنكم ستفقدونه إن ظللتم على هذا الحال !!! .