ولا يزال عيدكُ حزين



فؤاده العراقيه
2022 / 3 / 9

في كل عيد للمرأة يدور في رأسي السؤال
بعد أن أسمع عبارات الغزل والتبجيل والدلال
يا ترى كم سيطول هذا الحال ؟
وكم من السنوات سيكون وضع المرأة على هذا المنوال ؟
فاليوم هو عيدها وغدا سيكون قهرها حلال ..
اليوم سنقول بها كلمات الإجلال
انتِ الأم
وأنتِ الأخت
وأنتِ الحبيبة
وأنتِ الرفيقة والحياة
وهي في كل يوم تعاني من الذل والإذلال
فلو تمرّدت نعتوها بالاسترجال
ولو طالبت بحريتها كإنسان ستجد عليها اللعنات تنهال
أما عن حقوقها فهي من زوالٍ إلى زوال
ومعاناتها مستمرة ولأجل هذا لن أجد من الكلمات ما هي مفرحة لأهنئ بها المرأة العربية في هذا اليوم الذي تحتفل به كل نساء العالم لما حققوه من إنجازات ، ولدينا التهاني والكلمات والعبارات تكون كالمخدرات لكونها تُمجد صبرها وتحمّلها والكثير منها تُشبهها بـ النخلة الباسقة التي تعطي ولا تأخذ شيء وعليها أن تفتخر بهذا العطاء وعليها أن تعتبره إنجازاً لها وكأن عطائها محصورا ببضع خدمات لغيرها , وكأنها استحوذت بحقوقها بهذا العطاء, وكيف يكون الصبر انجازا لها تستحق عليه الثناء وهو مفروضا عليها ولا بديل لها لتختاره ؟
والأخت التي تتحمل قمع أخيها وهي صامتة، والحبيبة الموهومة بكلمات الحب الزائفة.
فهل انتهينا إلى فكرة تكريم المرأة ببضع من كلمات محصورات بقالب القوارير الضيق الذي جعلها لا تتعدى كونها وعاءً للإنجاب وحاضنة للأبناء دون وعي منها ؟
وهل خلصنا إلى تكريمها بإقصائها عن الحياة واقصار دورها كخادمة لذكور امتلكوا كيانها وعقلها كأي إنسان آلي ؟
هل عملها (أن حالفها الحظ)وشقاؤها خارج المنزل لتحسين الوضع المادي مع انعدام أي حق لها وكثرة الواجبات الملقاة على عاتقها وكأنها دابة ,هو تكريم لها؟
هذه التساؤلات وقفت عقبة أمام كل الكلمات المفرحات التي كان عليّ انتقائها ,فلن أجد سواها لأهنئ بها المرأة لكون كلمات التهاني والتبريكات هي بعيدة عن واقع المرأة حيث تتكرر كعادة هذا اليوم من كل عام نفس الكلمات الإنشائية وتُقام الاحتفالات وكلمات الاعجاب بصبرها وتحمّلها على اساس هي الأم والأخت والحبيبة وتزداد مثل هذه العبارات مع ضحكات مرسومة على شفاه أصحاب المصالح بقهر المرأة, من سلطة دولة تلهث لقمعها ,إلى سلطة رجل يلهث ليملي نقصه بها, إلى القهر الذي تمارسه هي أحيانا أمام نفسها دون دراية منها , وحالها هو نفس الحال حيث تنهض من انتكاسة لتقع بانتكاسة أكبر وأشنع من سابقتها .
الزوج ينادي بحقوق المرأة ويهمس بأذنها بكلمات ليست كالكلمات بعد أن يزوّق ما اوتي له من تزويق ليعطر بها الأجواء النتنة فيكون أول المهنئين بعيدها وأول المجيبين لندائها وينادي بحقوقها وبمساواتها بشرط أن تكون تلك المساواة خارج جدرانه لكونه اول القامعين لها وهو اول من يقتلها بحجة غسل العار ويبتهج ويصمت لتلك الحقوق التي سلبها منها بل ويفخر بذكورته وبأوامره وبتلك السطوة الفارغة.
فلا نريد شعارات في عيد المرأة,ولا نريد تبجيل لدورها ,ولا نريد إهمالا لواقعها المزري ,بل نريد أن نسلط الأضواء على متاعبها الجمة وعرض هذا الواقع بكل قباحته ومرارته الذي صار على حافة الهاوية بفعل ضعفها المتأتي أولاً وأخيراً من فقرها الثقافي، نعم فقرها الثقافي بعد أن أخذتها دوامة الحياة ومشاقها.
لا نريد خداعها والضحك عليها بأعياد وهي مسلوبة الحقوق , لا نريد خداعها تحت مسميات كثيرة وبحجج أكثر منها , الخوف عليها ,الغيرة عليها , تقديس لدورها ولشرف الأمومة لديها ,بأمومتها نستغلها ونوهمها بدورها ونعتبره اساساً خُلِقت لأجله.
أرى أن لا يحق لنا الاحتفال بالمرأة وهي لا تزال تُباع وتُشترى بقوانين سوق النخاسة لدينا؟.
علينا أن نخرج رؤوسنا من الرمال التي دفنّاها بها ,ونواجه واقعنا متصورين بأننا سنرتاح والحقيقة هي أن لا راحة لنا طالما المرأة في معاناة.
فيا نساء العالم العربي لتبدأ كل واحدة بنفسها اولا، لا تقبل أن تُضطهد من قبل الذكور، تربي ابنتها على الحرية والمساواة الكاملة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لكون الحرية والمساواة لا يتجزءان،و سيستمر نضالنا ولابد يوما من بزوغ شمس حريتنا من خلف هذه القضبان التي استقوت بالجهل والظلام، حينها سنحتفل بالعيد الحقيقي لنا .