المرأة و الربيع



عماد نصر ذكرى
2022 / 4 / 9

فى مارس تتفتح الزهور و نحتفل بالمرأة الأم والانثى و الإنسانة . و المرأة وثيقة الصلة بالربيع فى وجدانى لانها مصدر الدفء الذى تحل علينا بشائره فى مارس . اكتشفت المرأة الزراعة التى توفر الغذاء الضرورى لنمو اطفالها . حدث هذا بينما الرجل مشغول فى صراعه مع الضوارى و رجال القبائل الاخرى .أدى هذا الكشف الى انتقال البشرية من مرحلة الترحال الى الاستقرار ، فنشأت الحضارات على ضفاف الانهار . كلمة الزراعة تكتب بنفس الحروف فى اللغتين الانجليزية و
الفرنسية CULTURE
و تعنى ايضا الحضارة و الثقافة . فالثقافة ليست تثقيف الرمح و سنه ليكون متأهبا للنحر بكفاءة، بل هى رؤى و بحث فى اسرار الكون و تأمل فى اصل الاشياء . و هذا لا يتهيأ له الإنسان إلابالسكينة الذى اتاحتها المجتمعات الزراعية، و الفضل يعود الى
المرأة .

مارس هو انسب الشهور للإحتفال بالمرأة . و لكن هل الاحتفاء بالمرأة يعنى ان العالم قدرها و ان مصر قد عرفت قيمتها و قامتها ؟ هل الاحتفال بعيد الحب مثلا يدل اننا نفهمه و نمارسه بوعى و نتفسه بصدق و ايثار، أم ان الامر كله يقتصر على تبادل الهدايا نفسها كل عام، و ترديد ذات العبارات الجوفاء التى يتلوها الفم . الكلمات لا تعنى شيئا دون ان تصدقها الافعال ، و المرأة فى غالبية المجتمعات لم تنل حقوقها كاملة ، و ما زال غالبية الرجال يصيبهم الهلع ان سارت المرأة بجانبهم لا خلفهم .
فى الثقافة الامريكية هناك تعبير دارج
( من الذى يرتدى السروال ) Who is wearing the pants
يتسائل عن المسيطر فى العلاقة كما لو ان من طبائع الامور ان يقود طرف الاخر و ان الحياة لا تستقيم فى ظل علاقة قائمة على العدالة و التواصل الحر بين الطرفين دون ان يكون هناك سيد و عبدة او سيدة و عبد .
و فى مصرمازال الكثيرون يفضلون الانثى مختونة الجسد ،و يعتبرونها مختونة العقل بالميلاد .
يقبل الرجال امهاتهم فى عيد الام و هم مؤيدون للطلاق الشفهى للنساء، و رافضون ان تخلع المرأة زوجها رغم المرجعية الاسلامية للخلع . فهى يجب ان تكون مخلوعة مطيعة صاغرة لا مجال امامها سوى خدع و الاعيب و مناورات الكيد .
يتلو الازواج عبارات الغزل على الزوجات، و يستنكرون فى الوقت نفسه غضبها ان تزوج عليها طالما انه يرى نفسه عادلا بينها و بين الاخرى او الاخريات، متناسيا أن العدل مستحيل مهما توخى الحرص . و لا يتخيل الذكر للحظة امكانية التعدد للأنثى رغم ان اختبار
يحول دون خلط الانساب فلن يذهب مال الرجل الى طفل ليس من جيناته . DNA
شرف المرأة مرتبط بغطاء الرأس فى عرف رجال كثيرين ، لا إطلاق ملكاتها للتعبير عن نفسها و قدراتها الابداعية و عن حبها لحيبيها فى ظل الحرية التى تفرز الصدق لا الكبت الذى يولد الكذب و الزيف و الادعاء .
لا معنى للإحتفال بالمرأة قبل ان تنصفها القوانين و مناهج التعليم و منابر الاعلام سواء كانت أما او لم تنجب . الامومة من اروع هبات الطبيعة ،و المرأة هى اساس حفظ النوع، ففى داخلها تكتمل عملية الخلق و الرجل ليس اكثر من عامل مساعد . لكن المرأة لها ادوار تتجاوز الانجاب ، و قد تختار المرأة الا تنجب، و قد ترغب و لا تستطيع .
و الامومة لا تعنى ان تتفرغ لها المرأة و تضحى بكل ما تملكه من ملكات لتربية الاطفال . فقد تنجب المرأة و تبدع فى عملها ايضا . و للنساء فى السيدة فاطمة اليوسف ( روزاليوسف ) مثلا اسوة حسنة . فقد ابدعت ككاتبة و ممثلة مسرحية و ظل ابنها الاديب احسان عبد القدوس يردد بفخر لأخر يوم فى حياته أن أمه هى التى صنعته . و الدكتورة نوال السعداوى مارست الطب و انتجت ادبا و فكرا متنوعا متفردا و قد ترجمت غالبية اعمالها الى معظم لغات العالم الحية و هى ايضا ام للدكتورة منى حلمى الشاعرة و القاصة و المفكرة و المهندس عاطف حتاتة المخرج السينمائى و كاتب السيناريو المتميز الرقيق . و الامثلة اكثر من ان تعد و تحصى .
و اذكر نفسى بمقولة المبدع نجيب محفوظ : وعى الرجل ينقذه وحده إلا ان المرأة الواعية تنقذ العالم . و لا اجد ابلغ من مقولة نزار قبانى اوجهها للرجال و ايضا للنساء المؤمنات بأن المرأة مخلوق ناقص العقل اعوج : ينعتون الانثى بالمخلوق الاعوج و هم على اعوجاج خصرها يتقاتلون .