المرأة بين العرض والطلب



رحاب حسين الصائغ
2006 / 9 / 11

لا زالت المرأة مسلوبة الحقوق بالعالم، وخاصة دول الأطراف، ونشاهد كل يوم شعارات ترفع لمناصرة المرأة وقضية المرأة وحريتها، لإعطائها الحقوق المفقودة، وهل الحق يعطى؟!، إننا وقد ودعنا القرن العشرين ، ومشاكل المرأة ما تزال قيد النقاش.. نعم المرأة تعمل بجانب الرجل وتنافسه... ولكن هل هذا يكفي لإغلاق ملف المرأة؟ لنقول: إنها ساوت الرجل بالعمل والأجور!، طبعاً لا.. المرأة شريك وديع ويستطيع المطاولة إلى جانب الرجل، بينما طبيعة المجتمع أرغمها على أن تتخلى عن موقعها، نعم المرأة ساوت الرجل بل سادت الرجل ما قبل التاريخ، وكان الرجل تابع لإرادتها.. لماذا الآن؟.. بعد هذا التقدم الحضاري عادت تطالب بحقوقها، بعد أن أغرقت الليل وطوت النهار وهمت بقياسات التفاعل، وواجهت الكثير من الصدمات. إن أكثر ما يعذب المرأة المثقفة الآن وفي هذا الزمان.. هو انقطاع خيط التعليم والذي هو مفتاح حريتها وتريد إمساك وجهه الصعب وخطواته الخافتة لأن كل إنسان بالعلم والمعرفة يرقى، وهي تعلم أنه ليس كل النساء تستفيق حيثما تدور قواعد الطفيليات، والمرأة المثقفة لا يعيقها العبث بمطالبة النجدة ، والمسألة ببساطة هي أزمة وعي حضاري وثقافي، وبعض الاستسلام كان من قبل المرأة نفسها، والجهل له دور كبير مما تحمله من أفكار ناتجة عن منشأ ومفاهيم تربت عليها، هي التي تجعلها في موطن المعاناة، لأنها في مراحل التنشئة الأولى، وما واكبه من تخلف طمست عندها معالم الدقة في فرز الأمور، وحطت عليها السذاجة، حتى لو كانت في المدرسة أو الجامعة لأن التعليم وحده لا يكفي دون امتلاك الثقافة والثقافة تعني الإطلاع ومتابعة الأمور الحياتية العامة من تقدم وتطور. وليس التقليد أو التصرف الأعمى، ومازالت أقابل كل يوم فتيات بمختلف الأعمار والمستويات قد وقعوا فريسة الموضة والتقليد وعدم الاهتمام الذاتي في معرفة موقعها والمحافظة على قوتها الداخلية، ونادراً ما أجد من تقتنع بأن ليست الملابس الجذابة والشهادة التي تحملها فارغة من المعنى الخاص بوعيها وثقافتها. أما إذا أردنا للمرأة حريتها وسيادتها.. يجب أن تفهم أنها نصف المجتمع..بفعالياتها ، ولا تجد حقيقة تناغمها في المجتمع حين تتسلح بالمظهر ولا تملك شيء من الجوهر، وعليها أن تفهم إنها أم المستقبل ومربية الجيل القادم، وقبولها بهذه المفاهيم يولد عندها التوازن، مع الاهتمام من قبلها على تنمية فكرها واكتساب ما ينضج عقلها، وعندما تملك موهبةً ما أو شهادة ما أو وظيفة أو أي مركز اجتماعي يعطيها الثقة، أن لا تسترجل وتنسى طبيعتها الرقيقة في الواقع هذا ليس في صالحها، بل عليها أن تكون رمز يحتذى بها بما تحمله من أخلاق، وتساهم بما تملكه من معرفة وتضع خبرتها فوق أي أنانية توجهها، وعليها أن تملك روح صلبة، وتتصرف بلياقة أدبية بما يقع عليها من مسؤوليات تعني الجميع، وإنها صادقة وبالفعل هي يد متعاونة وليس متسلطة، وليفهم الرجل إنها في تفاعل دائم معه بكل مجالات الحياة، وعندما تنطلق المرأة من هذه الأفكار، تكون قد أخذت كامل حريتها بامتلاكها الثقة واحترام الآخر، ولم يبقى لها إلا أن تعمل على خلع هذا الخلل من حياتها، فهي عندما تتزوج، ستقوم ببناء مؤسسة صغيرة تديرها هي والرجل، وما أن تثبت للرجل القناعة بالمرأة، حينها تملك الحرية في التعامل وإعطاء الرأي في اتخاذ القرار.. المرأة يجب أن تطالب قبل كل شيء بالتعليم، لأنها بالعلم تتلمس وجه الحقيقة وبأنامل المعرفة تحتضن خطواتها، فالمرأة في عصر ما قبل التاريخ، اكتشفت الزراعة وساندت الرجل وكانت متقنة عملها لدرجة أن الرجل كان يحتاجها واعترف بعدم قدرته على الأعمال التي تحتاج دقة وصبر، وكان عندها صلاحيات إدارة العائلة والحرية في إطلاق القوانين للعشيرة، وكانت ناجحة في سياتها.