زواج أم اغتصاب



احسان طالب
2006 / 9 / 13

تتباين وجهات النظر حيال العلاقة المثالية التي تربط الرجل بزوجته بناءا على الخلفية الثقافية و الاجتماعية للأفراد و المجتمعات ، حيث ترى المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية النسائية أن أساس تلك العلاقة هو المساواة في الحقوق والواجبات كقاعدة وأساس تنظم الحدود الضابطة للروابط التي تفرضها مؤسسة الزواج على الرجل والمرآة ، وفي الطرف الآخر تقوم العلاقة الزوجية بمفهومها الشرعي والفقهي على أساس القوامة للرجل وإجبار المرأة على تلبية متطلبات الزوج الجسدية حيثما شاء ومتى أراد باستثناء ما حرمه الشرع زمانيا أو مكانيا. إن
إجبار الزوجة على الجماع أو إكراهها على الخضوع في فراش الزوجية أو في أي مكان آخر يبيحه الشرع وهو أمر واجب وفرض تلتزم به المرأة تجاه زوجها تلبية لما يترتب عليها
من قنا عات تفرض عليها مقارنة رضا الزوج برضا الرب .
ولا يختلف الحال القانوني في معظم الدول العربية عما تخطه الأحكام الفقهية والاجتهادات الشرعية ففي القانون السوري مثلا ، ليس هناك نص يتيح للمرآة الاعتراض على الإكراه المفروض من قبل زوجها.
تنص المادة 489 من قانون العقوبات السورية عام 19949على أن: من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل.
فالنص القانوني يخلو فرض عقوبة على الزوج الذي يكره زوجه على القيام بالجماع تحت التهديد أو العنف. و بالمفهوم المخالف للنص يمكن القول أن إكراه الرجل لزوجته بدفعها بالعنف أو التهديد نحو ممارسة الجنس أمر مسموح و لا مخالفة للقانون فيه.
هذه حالة من الحالات التي يختلط فيها مفهوم الزواج بمسألة الاغتصاب الذي يعني ممارسة العنف أو التهديد لدفع الشريك نحو القيام بالفعل الجنسي مرغما ً نتيجة الضعف أو الخوف أو نتيجة استغلال القوة المادية أو المعنوية تجاه الطرف الآخر.
إن المبررات الشرعية أو القانونية التي رسخت في ذهن المجتمع ألذكوري أعطت الرجل كل المبررات القانونية و الشرعية التي تسمح له بإكراه زوجته على مشاركته الفراش شاءت أم أبت و في ذلك إخلال و تقويض لأركان العلاقة الزوجية القائمة على المشاركة و الود و التفاهم و المساواة.
تعارض و ازدواجية:
إن التعارض القائم بين النصوص الشرعية يخلق حالة و جوا ً من الازدواجية في المواقف حيال مكانة المرأة و علاقتها بالرجل. و تصل تلك الازدواجية إلى حد التناقض الشديد. فبينما ترد نصوص تجعل النساء شقائق الرجال و تتبنى المودة و الرحمة و الألفة و السكينة أساسا و قاعدة للمساواة في المكانة و الحقوق و الواجبات ً و تعتبر الأمر بالعناية بالنساء و الحض على التعامل معهن برفق وإنسانية و طيبة ، تقف في الجهة المقابلة نصوص تبيح الضرب غير المبرح و تشدد على القوامة و تجعل الرجل في درجة أعلى من النساء في الدنيا و الآخرة و تعطي الزوج الحق في تلبية مطالبه الجنسية تحت أي شرط أو ظرف طالما أنه لا يعارض ما حرمه الشرع.
و تميل بعض النصوص إلى وضع المرأة في مكانة تؤهلها لمقام العبودية دون الرجل.
إن حل ذلك الإشكال لا يتم إلا بتبني قيم أخلاقية إنسانية أممية دينية توافقت عليها الثقافات و الحضارات الإنسانية على مدار العصور.
إحسان طالب
[email protected]
http://www.ehsantaleb.blogspot.com