ديموقراطية ُ.. حذاء أبو القاسم الطنبوري



نادية فارس
2006 / 10 / 8

بدءا ً.. تحياتي الى السيدتين الشجاعتين ميسون الدملوجي وصفية السهيل .. تاج راس المشهداني وكل المتزلفين لقداسة ِ حذائِه ِ المبجل !
لا أدري كيف أتصور ُ مشهد رئيس البرلمان العراقي أثناء َ تلويحه ِ بذاك الحذاء بوجه ِ امرأتين عراقيتيين تسعيان ِ للمطالبة ِ بحقوق النساء العراقياتِ .. ونائبتين في البرلمان العراقي .. و الذي استغل ّ أصوات المُضطَهدين .. ليُحوّل َ البرلمان المُنتخَب الى .. كيشوان أو مقهى للأسكافية .. أو الى محلات الحذاء الذهبي!
مُحزن ٌ جدا ً أن ّ ثقافة القنادر والنعالات طغت على الواقع السياسي والثقافي في العراق بعد حرب الاستحمار في 2003! فمن نعال أبو تحسين الى قندرة المشهداني .. تمتد ّ مساحة ٌ شاسعة من الدمار الشامل للوعي العراقي والقيم والأحترام وأدب الحوار.. وحب الوطن والوحدة العراقية.. والذوق والشفافية !

في كل ّ دول العالم .. وحكومات الكرة الأرضية .. يجري تدريب الهيئات الحكومية والديبلوماسية على بناء شخصية ِ ممثلي الدولة مهما اختلفت مواقعهم .. فتدريب ٌ على استخدام أدوات المائدة وأتيكيت الطعام .. وتدريب ٌ على المصافحة والتحية والأبتسامة والضحكة .. وتدريب ٌ على الملابس ومناسباتها .. وتدريب ٌ على العطور ومواد الزينة .. وتدريب ٌ على تنظيم الحاجات اليومية من نظافة ووجبات طعام ونوع الطعام والحلاقة والقراءة ..الخ.. وتدريب ٌ على حسن السلوك الأجتماعي والتحدث في مجالس جماعية والقاء التصريحات الاعلامية .. وتدريب ٌ على التحليل السياسي والاجتماعي والاقتصادي!

وماأريد ُ التوصل َ اليه فعلاً .. مانوع ُ التدريب الذي تلقاه ُ رئيس ُ برلماننا.. هذا البرلمان الذي لم يعد موقرا ً بعد واقعة ِ القندرة الشهيرة ..والتي فاقت بشهرتها كل القادسيات ومعارك التحرير والتحمير والتدمير؟

سياسيا ً .. هذه الحاثة ُ .. الواقعة ُ .. تؤكد ُ غيابا ً كاملا ً للديموقراطية .. واستشراءا ً منقطع النظير للديكتاتورية الدينية في العراق! وتؤكد ُ تنامي قوة المافيات السياسية في العراق.. وتؤكد ُ تبلور مراكز السلطة والصراع لتكون حكرا ً للجماعات المسلحة والتى تمتلك عددا ً أكبر من الحمير الذين يتذابحون مع حمير الميليشيات الاخرى .. من أجل اللاغاية واللاهدف .. ماعدا هدف تقسيم العراق وسرقته!

وسياسيا ً أيضا ً.. تؤكد ُ هذه الحالة غيابا ً تاما ً للتحليل السياسي والمنطق ! ولربما ستكون قندرة المشهداني رمزا ً سياسيا ً عالميا ً يوضع ُ في صندوق زجاجي في متحف اللوفر بباريس وتحت حراسة مشدّدة ليشاهد العالم بأجمعه ِ إفرازات مايسمى بحرب التحرير متجسدة .. بقندرة رئيس البرلمان المنتخب!

إجتماعيا ً .. تؤكد ُ هذه الحالة .. عُمق الهوّة في أدوارالمرأة والرجل .. وانسحاب العلاقة الابوية الاجتماعية .. لتفرض الأبوية الذكورية على المرأة .. على الصعيد السياسي! ودفاع المشهداني عن القوانين الأسلامية.. عن طريق توجيه الأهانة لعضوات البرلمان.. كان دفاعا ً عن السلطات التي يمنحها الاسلام وبكرم شديد وبلا محدودية للرجال .. مهما تدنت مستوياتهم! هو دفاع عن االقوانين التي تمنحه سلطة ضرب امرأة بحذائه!

وأنا أتسال ُ أيضا ً.. إن كان المشهداني قد لوّح َ لعضوات البرلمان بحذائه.. فكيف يتعامل مع زوجته وبناته وبقية الأناث في أسرته؟وكيف سيتصرف حين تستثار ُغرائز الغضب الوحشية لديه؟ خصوصا ً حينما يكون حذائه بعيدا ً ؟ بس هم مو مشكلة .. لابدّ أن ّ للحذاء بدائل كالنعال أو شحاطة زوجته أو بابوج ابنته! لأن واقعة الحذاء في البرلمان العراقي تعني استخداما ً مستديما ً للقنادر والنعالات .. وهي ليست وليد َة لحظتها!

إن ّ هذه ِ الواقعة تعني مايلي:

أولا ً:
الوضع ُ المزري للحكومة العراقية التي تعتمد ُ أشخاصا ً ليسوا كفوئين بالمرّة .. وعلى كل ّ الأصعدة ! فلاكفاءات ٍ عقلية .. ولاكفاءات ٍ تحليلية ..ولاتربية ولاأدب .. ولاعدالة .. ولاكياسة .. ولا إخلاص للمهمة الشاقة التي يستلمون أجورا ً خيالية من أجل تنفيذها.

ثانيا ً:
البرلمانيات الاناث في البرلمان منقسمات على بعضهن ّ ..
فقسم ٌ يتلافى خطر القنادر .. أو القنابل إن استدعت الحالة !
وقسم ٌ ارتضى ضرب القنادر سرا ً وتظاهر بتأييد ِ فحول الحكومة علنا ً باسم المحافظة على الدين الحنيف وتأكيدا ً لحلم الفيدراليات والمقاطعات ..
وقسم ٌ يعاني الأمرين من وجوده ِ بين أسود الغابة ِ ونمورها وضباعها .. وقططها الأليفة ودجاجاتها المستكينات ..و قنادررئيس البرلمان حاليا ً.. ولربما كلاش رئيس الجمهورية لاحقا ً..!!

وقطعا ً .. فأن ّ السيدتين ميسون الدملوجي وصفية السهيل تنتميان الى القسم الثالث .. الذي يتحمل ُ وزر َ صمت البرلمانيات الأسلاميات والبرلمانيين الكيشوانية .. الذين لم يعترض أكثرهم على سوء تصرف رئيس برلمانهم مع عضوتين منتخبتين باسم الشعب .. ولهما من الحقوق كما لأي فحل ٍ اخر أو أسد ٍ اخر .. أو بزونة أخرى!

ثالثا ً :
واقعة القندرة الشهيرة .. تعني أيضا ً .. أن ّ حقوق المرأة في العراق أصبحت في خبر كان!

فالتاريخ ينبؤنا عن نساء ٍ فقدن حياتهن إعداما ً .. أو تعرضن للسجن كأي ّ سياسي .. لأنهن ّ طالبن بالمساواة ! حتى أقر ّ العالم واعترفت المواثيق الأنسانية العالمية بحقوقهن ّ!

لكننا لم نقرأ أو لم نسمع بقائد جماهيري أو امبراطور أو ديكتاتور .. يشمر قندرته على امرأة!
لم تحدث أبدا ً!
يجب أن يحصل المشهداني على براءة اختراع كأول رئيس في العالم يشمر قندرته على امرأة عضوة في برلمان الشعب الذي يرأسه!

متى سيتعلم ُ رجالنا منح وردة ٍ للنساء العراقيات .. بدلا ً من فردة حذاء؟

متى سيكون للذوق الرفيع والأدب والكياسة مكان ٌ في لغة ِ سياسيينا وعبيدهم وعورانهم وجواريهم وغلمانهم؟


متى سيكون على القادة العراقيين أن يجتازوا دورات ٍ تدريبية ٍ في حسن التربية ِ والذوق واختار الكلمات والحوار والظهور بمظهر ٍ لائق أمام المجتمع.. أو حتى بينهم وبين أنفسهم؟

متى سيتعلمون .. ويعلمون أتباعهم .. أن قلة الأدب تضعهم في مصاف العربنجية . وليس في مصاف السياسيين.

متى سيعرف رئيس البرلمان العراقي أن عدد نساء العراق يفوق عدد رجاله؟ وأنهن ّلو تجمعن جميعا ً للمطالبة بحقوقهن .. وباستخدام طريقته ( ميثودولوجيا القندرة).. لدُفِنَ هو وأعضاء الحكومة جميعا ً تحت جبال قنادرهن!

ياسيد مشهداني .. لم تك شجاعا ً أبدا ً! فالشجاعة ليست برفع الحذاء في وجه محدّثك!

ولم تك ُ سياسيا ً .. فالسياسة ُ بحر ٌ لايمكنك أنت الغوص ُ فيه!
ولم تك ُ مناضلا ً .. فقد منحك الجيش الامركي منصبا ً لم تتعب في الحصول عليه .. وحين دخلت حوارا ً برلمانيا ً .. رفعت حذاءك لتدافع عن رأيك!!

ولقد أثبتت السيدتان الدملوجي والسهيل .. أنهما أكثر شجاعة وإدراكا ً منك! فألف مبروك لهما هذا الفوز .. وملايين الورود لهما مني ومن كل العراقيات الرافضات للديكتاتوريات الجبانة!