الزواج جماع ام اجتماع



عماد الطيب
2023 / 1 / 26

جمعتني جلسة مع رهط من الاصدقاء اختلفت مشاربهم في العلم والتخصص والوظيفة فمنهم المدرس والطبيب والصحفي والمحامي والمحاسب . وحديثنا انصب في قضايا المرأة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية .. وكان سبب هذا الحديث ظاهرة ازدياد حالات الطلاق في مجتمعنا ( العربي والاسلامي ) . وقد اوردنا ارقاما مخيفة لحالات الطلاق التي يشهدها مجتمعنا العراقي . بعض اسبابها يعود الى نمط تفكيرنا تجاه الزواج .. ورؤية قاصرة تجاه المرأة ناتجة عن ارث تاريخي موغل في القدم . ومن بين الامور التي تخص القضية ان بعض حالات الزيجات تكون وضعية المرأة فيها الحلقة الضعيفة في امر القبول .. وتزف الى زوجها مجبرة مغصوبة في عيشها مع رجل لم تعرفه ولم تشعر بعاطفة نحوه تحبه وواقع يشهد هكذا حالات وبشكل تعسفي .فموافقة الاهل المتمثلة بالاب والاخ الاكبر يعد قانونا لايجب المساس به وغير قابل للنقاش . بأسمهم حلل استعباد المرأة في الزواج وحلل الشيخ القائم على اجراء طقوس الزواج بين شخصين لاتجتمع قلوبهما . ويكفي حضور جسد المرأة لتحقيق المراسيم وليس هنالك حضور للقلب . ومن هنا كما اشار عبد الرزاق الجبران في كتابه ( مبغى المعبد ) لو كان المعبد رفض كل الزيجات التجارية والقبلية والمذهبية والدينية لما تهدم الوجود بهذا الشكل الذي نراه من الظلم والخطايا للذات وللغير . اذن نحن في مجتمعنا لدينا مشكلة مع جسد المرأة وليس قلبها . فهو مفتاح الزواج وكأن الزواج بمفهومنا العتيد جماع وليس اجتماع . في حين يؤكد الجبران ان الاجتماع اهم محطة لتأسيس الوجود . ويؤكد هنا القرآن الكريم فيما نقوله.. قال سبحانه وتعالى (وَمِنْ آياتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَأيَٰاتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ ) . ومانفعله تجاه المرأة نتاج حضارة جنسية متأصلة في مجتمعاتنا . حيث يتحول مفهوم الزواج على اثرها من حقيقة سكن الى شريعة ( فرج ) . فلايمكن لطرفين متنافرين وجودا ان يحققا اسم الزواج وجوده الفعلي والحقيقي .. ومن هنا فالزواج بهكذا طريقة لن يتحقق معنويا لدى المرأة وتجد نفسها بوقت قصير ان الرجل الذي تعاشره غريب الروح عنها ... فيحدث الطلاق ... !! فالمرأة الحرة تبحث عن شريك تتناغم معه في افكارها وعواطفها . حتى في قوانين الزواج بين الحيوانات نجد الانثى تفضل ذكر عن آخر في التزاوج . في حين ان البعض في مجتمعنا لايحقق اي شيء من قوانين الالفة والمحبة بين الطرفين كشرط للزواج .. ويحسبون ان المرأة مع بداية ظهور نضوجها الجسدي وبروز نهديها عليها بأبن عمها او قريب لزواجها على اعتبار ان الفتاة في بيت ابيها بهكذا حال يعد مثلبة اخلاقية عليه ولابد من ايجاد شخص ليتزوجها وعادة مايكون من فتيان العشيرة .. قبل ان تكثر الهمسات واللمزات بخصوصها وتصل الى اعتقاد بوجود عيب خلقي او معنوي في الفتاة . فعشق المرأة حرام وعمل مشين وقبيح في مجتمعاتنا منذ القدم . يقابله الحلال لحالات السبي والاسترقاق في المعارك والغارات بين القبائل قبل الاسلام وبعده .. فالمرأة تزف لزوجها بغياب الروح وحضور الجسد وهذا فعل شائن ويعد زنا بكل المقاييس .. من هنا ثارت المرأة بعد حدوث النكسة وحدث ما حدث في مجتمعاتنا من مأسي الطلاق . وعلينا ان نحاسب المجتمع قبل محاسبة المرأة المطلقة .. وهذا بأعتقادي جوهر القضية .