مع خصخصة الاديان - انه ليس حق الاختيار



هوزان محمود
2006 / 10 / 16

اكثر مما سبق، تدعي النساء انهن يرتدين الحجاب، والبرقع والنقاب بناء على قرارهن انفسهن. انا ارفض تماما وجهة النظر هذه.

فالحجاب ليس مجرد قطعة "قماش" وحسب، ولكنه علامة على اضطهاد المرأة، والتحكم في حياتها الجنسية، وخضوعها المهين لارادة الرب او الرجل. الحجاب هو راية الاسلام السياسي المستخدمة، لعزل المرأة - التي ولدت نتيجة لحادثة تاريخية كما هو شائع في "العالم الاسلامي" - عن النساء الاخريات في باقي العالم.

لم استطع ان اتخيل ابدا ان شيئا ما مشتركا يجمعني بجاك سترو، ولكني اجد نفسي متفقة معه حول كيف يشعر المرء حين يتحدث مع امرأة ملفوفة بالكامل في حجاب او "نقاب".

ومع ذلك، اعتقد انه اكتشف ذلك مؤخرا؛ في الحقيقة، الحكومة البريطانية بكاملها كانت متأخرة في توجيه الانتباه الى هذه الظاهرة المتنامية. النساء اللائي يغطين بالكامل اجسادهن، الاولاد الصغار الذين يتحولون الى تفجيريين انتحاريين والمطالب المتنامية ابدا للمنظمات الدينية في المملكة المتحدة لتنفيذ احكام الشريعة الاسلامية عندما يتعلق الامر "بشئون الاسرة المسلمة".

كانت حكومة جاك سترو فخورة دائما "بمجتمعها متعدد الثقافات"، كل انواع الثقافات والخلفيات الرجعية محترمة ومسموح لها بمساحة في الدولة. سوف تصبح النساء ذات الخلفية الاسلامية من بين اكثر الفئات المضطهدة.

الاحتفال "بالثقافات المختلفة" عن طريق انشاء المساجد والمدارس الدينية التي تصبح مكانا لغسيل عقول الشباب بقيم اسلامية؛ لا يمكن لهذا الاحتفال ان ينتج سوى اسلاميين سياسيين.

طراز حياة الجيتو، المجتمعات السكانية المعزولة، نقص التكامل والاندماج، والعنصرية المؤسسية كلها اجزاء وحزم تشكل هذا العدد المتنامي لاجيال من الفتيات والاولاد المغسولة عقولهم من الذين يحددون انفسهم من خلال هوياتهم الدينية.

الاسلاميون السياسيون يسعون الى توحيد الشباب من خلفيات متنوعة حول مشروع "جهاد" يخضع له العالم بكامله وحكمه "ببروتوكولات" الشريعة الاسلامية.

اكثر من أي وقت سبق اسمع عديد من النساء اللائي يدعين ان ارتداء الحجاب والبرقع والنقاب هو اختيارهن الخاص. انا ارفض تماما هذا الرأي. ارتداء الحجاب لا يمكنه ان يخلق مشاكل عنيفة بالنسبة للمرأة – اذا لم يكن يكلفهن الحجاب حياتهن، كما في العراق، فالحجاب يمكنه ان يكلفهن عزل طويل المدى عن مجتمعهن، وهؤلاء اللائي يعتبرن "نساء منفلتات" لديهن فرص اقل في الحصول على "زواج ميسور"، وفرص اقل في الخروج الى الحياة والدخول في حقل التعليم. عندها ترى الاسرة ذلك خطرا على "شرفها"، وفي الامكان التعرض لعواقب وخيمة. سياسات النسبية الثقافية تهدد حياة العديد من النساء في المملكة المتحدة، والجناة القتلة بعيدا عن متناول العدالة والقضاء لان "الثقافة" و"الدين" تضعهما المحكمة في حسبانها. حقوق المرأة حقوقا شاملة وعامة. يجب ان يصدر الحكم على الجاني طبقا للقانون، وليس طبقا للدين والخلفيات الثقافية.

تخيل لو ان فتاة طلب منها ارتداء الحجاب وعمرها اربع او خمس سنوات، اين الاختيار في هذا؟ لو ولدت وفتحت اعينك في مناخ وبيئة تفرض القيم والاعراف واسلوب الحياة الاسلامية، بيئة مغتربة عن باقي المجتمع، هل يكون لديك أي خيار ساعتها؟ انا افهم لماذا قد ترتدي الفتاة حجابا، ولكني لا استطيع ان ارى ذلك سوى شكل اخر من اشكال الحبس الانفرادي.

التمويل الحكومي الذي لا ينتهي لترويج النشاطات الدينية وادارة المدارس الدينية يجب ان يتوقف. نحن نريد نظاما علمانيا للتعليم: معايير قياسية شاملة عامة تطبق في كل المدارس والمؤسسات التعليمية. اريد لابنتي ان تتعلم كنوز الفنون الانسانية، والادب، والموسيقى والعلوم، وليس الدين ومباهج "الثقافات الدينية المختلفة". لا يعرف الاطفال العزل بناء على اللون او العرق او الدين؛ الاطفال كلهم اصدقاء وجزء من نفس المجتمع – حتى يفرض الاباء معتقداتهم عليهم.

يجب حظر ارتداء الحجاب للفتيات دون السن ويجب حماية الاطفال من الاباء – الذين ينتهكون ويسيئون التعامل، نعم يسيئون التعامل مع اطفالهم – الذين يسعون الى فرض دينهم على اطفالهم.

وجود مجتمع خالي من الدين المسيس هي شرط مسبق لحرية المرأة والتقدم. في الغرب حيث دفع الدين دفعا للبعد والانفصال عن الدولة، نرى النساء اكثر حرية واكثر مساواة بالرجل مقارنة بالبلاد التي يسودها الاسلام.

في العراق نشاهد عيانا ارهاب وعنف واسع ضد المرأة التي ترفض ارتداء الحجاب. في العراق يفرض الحجاب بحد السيف – الاختيار الوحيد امام المرأة هو الطاعة.

في ايران تجلد المرأة واحيانا ترجم حتى الموت بسبب التعبير عن حقها البسيط في ممارسة الرغبة البشرية. تقمع الجمهورية الاسلامية النساء هناك لمدة ثلاث عقود تقريبا حتى الان. افغانستان، السودان، الصومال، الباكستان، العربية السعودية: نشهد كيف ان اضطهاد المرأة والارهاب ضد المرأة هو اولوية فائقة عند كل نظام اسلامي، مهما كانت رايته.

لذلك: الحجاب ليس فقط قطعة من القماش، ولكنه خطاب سياسي، راية لحركة سياسية، الاسلام السياسي، في الشرق الاوسط واوروبا وفي انحاء العالم. يجب ان نتخذ موقفا حازما ضد ذلك بالمطالبة بالقوانين العلمانية، والتعليم العلماني، والمساواة للجميع.

يجب خصخصة الدين! الدين هو امر شخصي ويجب الا يدخل في امور الحياة اليومية. نقد كل الاديان هو حقنا؛ حرية التعبير يجب الا تقبل أي مساومة.