دعم قانون الأحوال الشخصية مسئولية مجتمعية - البحرين



فوزية مطر
2003 / 6 / 1


من المظاهر الإيجابية مدعاة التفاؤل حرص بعض قطاعات المجتمع المدني البحريني من مؤسسات وأفراد علي المساهمة في مناقشة مشاريع القوانين المطروحة أو المزمع طرحها علي السلطة التشريعية. فإلي جانب ما يهيئه ذلك من مساعدة للسلطة التشريعية علي ملامسة نبض الشارع والوقوف علي رأيه واحتياجاته الفعلية، فهو دليل علي وعي الشعب البحريني وحيويته المتوقدة تجاه قضاياه المصيرية ورغبته المؤكدة في المضي قدما لترسيخ دعائم دولة المؤسسات والقانون. وتدور اليوم علي غير صعيد مناقشات وجدل حول إصدار قانون الأحوال الشخصية يشارك فيه نواب وقانونيون ورجال دين ونساء وأصحاب رأي وغيرهم من المعنيين بالشأن العام.
وينطوي الجدل الدائر علي وجود أكثر من وجهة نظر يجري تسويقها والدفاع عنها. فهناك اتجاه رافض رفضا مطلقا تقنين الأحوال الشخصية وبالتالي رافض لمناقشة القانون وإقراره من قبل السلطة التشريعية. وهناك اتجاه معارض لإصدار قانون موحد ويدفع باتجاه إصدار قانونين ممثلين للمذهبين السني والجعفري بالرغم من تضمن المشروع الموحد المطروح قسما روعيت فيه خصوصيات كل من المذهبين في بعض مسائل الأحوال الشخصية المختلف عليها بينهما. وهناك اتجاه يري في إصدار القانون ضرورة وحاجة مجتمعية وأسرية ملحة طال انتظار المجتمع وسعيه لها سنوات طويلة. وهناك اتجاه بين بين من حيث المفاضلة بين الإيجابيات والسلبيات ودواعي الاحتياج للقانون.
ومن منطلق دعمنا للاتجاه الذي يري في القانون حاجة مجتمعية وأسرية ملحة لتقنين الأحوال والعلاقات الشخصية بين أفراد الأسرة، نطرح بعض الملاحظات التي نحسبها مكملة للرؤي المساندة لإصدار القانون والتي تم تداولها عبر وسائل الإعلام مع محاولة عدم تكرار ما أشبع من نقاط جدلا وتفنيدا.
غ لقد كان إصدار قانون للأحوال الشخصية مطلبا مجتمعيا عاما ونسائيا علي وجه الخصوص طرح علي الساحة البحرينية منذ أكثر من عقدين من الزمن. وقد بذلت حيال إصداره جهود مخلصة كثيرة طوال العقدين الفائتين لعل أبرزها جهود الحركة النسائية التي دفعت باتجاه تأسيس لجنة الأحوال الشخصية التي تكونت علي الصعيد الأهلي منذ الثمانينيات وأنفقت الكثير من الوقت والجهد في المناقشات واللقاءات العامة والمقابلات مع الجهات الرسمية سعيا من أجل إصدار القانون. وقد حان اليوم تكليل تلك الجهود بإصداره.
غ إصدار القانون فيه إرساء لدولة المؤسسات والقانون التي نحلم بأن نعيش أحلي الأيام في ظلها. فكيف نطالب بإرساء حقيقي لهذه الدولة ونكافح من أجل أن يتطور مجتمعنا ويصل إلي ركب الأمم الصاعدة في التطور بمعطيات القرن الحادي والعشرين، إذا كنا نرفض تقنين أهم علاقات إنسانية تحكم الأفراد في نواة المجتمع الأساس وتحفظ لكل فرد بالعائلة حقوقه وكرامته الإنسانية؟؟.
غ أمام هذا الاندفاع غير المبرر إنسانيا ودينيا وحضاريا نحو مواجهة إصدار القانون بالرفض تبرز مسئولية كل جهة أهلية أو رسمية معنية بالمرأة وشئون الأسرة في تحمل مسئولياتها بدعم إصدار القانون بالصيغة الأكثر تطورا وعدلا وواقعية. والمواقف يفترض أن تكون واضحة ومعلنة تتبعها الحملات اللازمة في هـــذا السبـــيل.
غ إصدار القانون موحدا بين المذهبين السني والجعفري مع مراعاة خصوصيات كل منهما في جوانب الاختلاف تأصيل للوحدة الوطنية التي يحتاجها مجتمعنا اليوم أكثر من أي وقت مضي. فان دور المؤسسات الأهلية والمثقفين والإسلاميين المتنورين هو السعي لترسيخ الوحدة الوطنية علي كافة الصعد. ونحن في هذا الأمر أمام محك من محكات تقوية الوحدة الوطنية لا تقويضها.
غ الجهة الرسمية باشرت مسئوليتها في هذا الاتجاه بتشكيل لجنة لصياغة مشروع قانون أحكام الأسرة. وقد أنجزت اللجنة مهمتها. ومن الطبيعي الآن مناقشة بنود مشروع القانون من قبل الجهات المعنية والدفع باتجاه إقراره وإصداره.
غ ليس من المقبول المناداة بمنع السلطة التشريعية من مناقشة القانون أو ممارسة أي ضغوط في هذا الاتجاه. ففي ذلك تقليل من شأن أهم السلطات ومن شأن ممثلي الشعب. كما أن المنع إن تحقق -لا سمح الله- فسيكون سابقة خطيرة قد يتم السعي لسحبها علي صلاحيات السلطة التشريعية في مناقشة و إقرار قوانين أخري. المناداة بحاكمية الدستور وبتفعيل السلطة التشريعية واحترام صلاحياتها من أهم الشعارات التي رفعتها وترفعها كافة الأطياف ولا يفترض أن يستثني هنا قانون من آخر.