عمل النساء في مكبات النفايات



صوت الانتفاضة
2023 / 6 / 9

حسب بعض التقارير الصادرة عن وزارة البيئة تقول ان العراق ينتج 20 مليون طن يوميا من النفايات، وحسب الوزارة ايضا فأن “أكثر من 2 كيلوغرام من النفايات هو المعدل اليومي لكل فرد"، وهذه نسبة كبيرة جدا، فمدينة بغداد مثلا يسكنها ما يقارب العشرة ملايين انسان، وهي تنتج يوميا أكثر من عشرة الاف طن من النفايات، تحتوي على ما نسبته 43% من هذه النفايات على بقايا المواد الغذائية.

لا توجد سيارات تابعة للدولة تجمع وتنقل النفايات، اغلب سكان المناطق متعاقدة مع سيارات "لوريات وستوتات" أهلية بمبالغ مالية معينة، تتفاوت من منطقة الى أخرى، فقد تخلت الدولة ممثلة بأمانة بغداد عن تقديم مثل هذه الخدمات، الخصخصة صارت هي الشعار الذي ترفعه الدولة "تملك تعيش، لا تملك تموت"، وباتت أمانة بغداد مكانا متميزا لعمليات النهب والفساد، وهي احدى اهم بوابات قوى الإسلام السياسي للنهب.

تجمع هذه "اللوريات والستوتات" النفايات من المناطق، لتنقل الى مكان تجميع اولي، ثم تأتي "اللوريات" الكبيرة، والتي تعاقدت معها امانة بغداد، لتنقل هذه النفايات الى المكبات الرئيسية، وهي أماكن تقع في الغالب بأطراف المدن، هناك تبدأ معاناة شريحة من الناس تعيش داخل هذه المكبات والمقالع.

قد يكون مكب نفايات التاجي هو الأكبر في بغداد، وهو يقع على ارض متنازع عليها بين الوزارات، تنقل له النفايات من اغلب مناطق بغداد، هناك ترى النسوة والأطفال وبعض الشباب يستقبلون ب "فرح" سيارات نقل النفايات "اللوريات"، فهي مصدر رزقهم الوحيد، ويقال انهم يدفعون مبلغا معينا لصاحب "اللوري"، فهم يتنافسون على من يسبق لشراء هذا "اللوري" او ذاك، فهم مقسمون الى مجموعات.

لا توجد ساعات عمل محددة، ولا توجد فترات استراحة، فأنت-ي حر بالعمل متى شئت-ي والتوقف متى شئت-ي، بسبب ان سيارات نقل النفايات لا تتوقف على مدار اليوم؛ النساء هن الأكثر عددا بالعمل في هذه المكبات، فعند وصولك لأي مكب ترى النساء المتشحات بالسواد، وهن يمسكن بأكياس كبيرة " گواني" وعصي لنبش اكداس القمامة، لا تهم كم تبلغ درجة الحرارة 40 او 50، تحت الصفر او فوق الخمسين، فيجب العمل لسد رمق العيش.

في بعض الليالي، وعندما يتأكدون من فراغ القمامة من قناني البلاستك والزجاج والحديد وغيرها من المخلفات عند ذاك يتم حرق القمامة، فتنبعث روائح ودخان وسموم لا تخطر بالبال ابدا، سماء بغداد في بعض الأيام تمتلئ بتلك السحب؛ اما من يعملون هناك فهم مشبعين تماما بتلك الروائح والدخان، ان معيشة تلك النسوة لهي الأبأس والاتعس.

امانة بغداد ووزارة البيئة لا تفعلان أي شيء، حتى انهم لا يفكرون ابدا باستيراد معامل حديثة لتدوير النفايات، انهم كحال بقية السلطة مشغولة بالنهب والسلب والسرقة.

ان سلطة الإسلام السياسي هي سلطة نفايات، بل هي من أقذر النفايات الموجودة على الأرض، وهذه السلطة لا تحتاج الى معامل تدوير النفايات، بقدر ما هي بحاجة دائمة الى تدوير ذاتها.
#طارق_فتحي