حول انتاج المعرفة النقدية في العلوم الاجتماعية والدراسات النسوية في العراق



نساء الانتفاضة
2023 / 6 / 20

ان الحديث عن انتاج معرفة نقدية في العلوم الاجتماعية والدراسات النسوية التي تدخل ضمن هذه العلوم؛ سواء اكانت علم النفس ام الاجتماع ام الفلسفة ام الانثروبولوجيا ترتبط بالدرجة الأولى بالجامعات والاقسام العلمية والاكاديميات بشكل عام، ومعضلة هذا الامر ترتبط بشكل جوهري بطبيعة الأنظمة السياسية والاجتماعية في أي بلد من البلدان، ونستطيع القول ان تأثير الدراسات والمعرفة النقدية على مستوى العالم ضعيف بشكل عام، اذ يعاني من انفصال وضعف التواصل مع الشرائح الاجتماعية المعنية بالدراسة، فالجامعة والكلية في أفضل الاحوال مكان تتواجد فيه نخب اكاديمية وباحثين ومفكرين، دائما ما يعكسون مصالح القوى السياسية والاقتصادية المسيطرة في بلد من البلدان، وحتى وان مارسو النقد بالضد من الأنظمة فأن هذا النقد يبقى حبيسا لجدران الاكاديميات، ولا يذهب الى تغيير القناعات والمفاهيم السائدة داخل المجتمع.

اما إذا تحدثنا عن الوضع في العراق فأزمة العلوم الاجتماعية والبحوث والدراسات النسوية تتعقد وتتشعب بفعل عوامل موضوعية تعاني منها الجامعات، فإضافة الى انفصال الجامعة والدرس الأكاديمي عن المجتمع فأن هذا الدرس والبحث داخل الجامعات يكاد يخلو من الابداع والتجديد والقدرة على نقد الظواهر الإنسانية والاجتماعية، كما ان المجاملات والفساد المالي والإداري وغيرها من المشكلات الأخرى أنتج لنا اجيالا من المسؤولين والأكاديميين داخل هذه الجامعات غير مؤهلين ولا قادرين على إدارة ملف البحث العلمي وبالتالي فان المعرفة النقدية داخل الأوساط الجامعية والباحثين لا تتواجد الا بنسب ضئيلة للغاية تكاد تكون غير فاعلة ولا مؤثرة .

ان قضية الأبحاث والدراسات النسوية هي الأخرى جزء من هذه المنظومة الاجتماعية السياسية والأكاديمية وما تعانيه هذه الدراسات بشكل عام تعانيه الدراسات النسوية بشكل مضاعف. فالإرادة السياسية والاجتماعية التي ترى المرأة دائما كونها على الهامش وانسان من الدرجة الثانية، انعكست هي الأخرى على وضع الدراسات النسوية، فأقسام الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة وغيرها من الأقسام دائما ما تعكس في مناهجها وابحاثها ودراستها الهيمنة الذكورية على انها شيء طبيعي وليس منتج اجتماعي سياسي اقتصادي.

إذا أردنا تشكيل فكر وعقلية نقدية علينا أولا التحرر من هيمنة كل القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل الجامعات ومراكز الأبحاث.
كما ان ترك أساليب الحفظ والتلقين التي تصر عليها الجامعات والدروس الاكاديمية وكذلك ترك الأساليب الإملائية التلقينية والسماح بالسؤال بعيدا عن القمع والكبت امر أساسي بالنسبة لتكوين فكر نقدي.

يشكل ارتباط الجامعة وخصوصا اقسام العلوم الإنسانية بالمجتمع، وتشخيصها للعلل والامراض بعيدا عن هيمنة المؤسسة الدينية والعشائرية والسياسية امر لا بد منه؛ إذا أردنا ان تكون المعرفة نقدية لان لهذه المؤسسات مصالح تدفعها لإلغاء أي فكر نقدي تنويري.

ان نجاح الفكر النقدي في الدول الغربية بشكل عام جاء نتيجة المساحة الكبيرة المتوفة من حرية نقد مختلف المؤسسات الاجتماعية المختلفة دون خوف من مس المقدس.
بدورنا كناشطات نسويات نعتقد ان قضية الدراسات النسوية الفوقية التي تأتي من الجامعات دون عيش معاناة النساء والانخراط في صفوفهن لا يمكن ان تنتج معرفة حقيقية، كما ان تبني المساواة التامة بن الرجل والمرأة هو جوهر التحدي الذي يواجه جميع الدراسات لان الاكتفاء بالتشخيص لا يغير من الواقع شيئا وانما النضال من اجل تحقيق هذا الحلم هو الأساس.

كما نؤمن ان تحرر المرأة مرتبط أولا بتحرر المجتمع باسره من اغلال هيمنة قوى الإسلام السياسي والقوى القومية المتحكمة بالمجتمع والتي ضاعفت من معاناة ومأساة النساء بدرجات مضاعفة.

كما ان تحرر المجتمع هو بالنتيجة الحتمية تحرر من كل ظروف الاستغلال التي تمارسها طبقة على أخرى.

اسيل رماح