المرأة اليمنية بوصفها لاعباً إحتياطياً !!



هشام السامعي
2006 / 11 / 2

يخيل لي أحياناً أن حالة المرأة اليمنية في مجتمع مثل هذا مثل لاعب في فريق أو منتخب تقبع دوماً في دكة الفريق الإحتياطي فلا هي قادرة على فرض نفسها كلاعب أساسي في التشكيلة للفريق (المجتمع ) بتطوير مهاراتها وقدراتها ولا هي قدرت على إقناع المدرب بضرورة إعطائها فرصة للمشاركة في اللعبة ( الحياة ) كونها أحد أفراد هذا الفريق بين قوسين المجتمع , لذلك تظل دوماً في دكة الإحتياط تنتظر الدور حتى يأتي ويظل العمر يمضي حتى تصل إلى مرحلة اليأس و يحين موعد الإعتزال فتكون المفاجأة عند الجماهير حين يعلمون أن لاعب ظل طوال سنوات يقبع في دكة الإحتياط والآن ينوي الإعتزال والجميع لايدري هل يعتزل من دكة الإحتياط أم الحياة أم من ماذا بالضبط ؟
وعلى الرغم أن لدي رأي في المرأة مخالف لنظرة المجتمع تماماً فقد نويت فعلاً أن أكتب عنها وربنا يسامح اللي أجبرنا أكتب هذا الكلام إذا حصل لي شي مش تمام من أم العيال ( الغير موجودة أصلاً ) ولكن الإحتياط واجب طبعاً , ربما يكون من الإجحاف تحميل المرأة مسئولية الحالة التي تعانيها في مجتمع لازال ينظر إليها على أنها مجرد كائن درجة ثانية أو حتى درجة ونص , لأن المرأة بدورها تأتي إلى هذه الدنيا وفق عادات وتقاليد قد وجدت من قبل أن يوجد أبوها وجدها حتى , وبدورها تنشأ وفق توليفة من الواجب والممنوع والمحال والعيب والعار , فتظل النظرة دوماً إليها على أنها عورة ويجب أن نسترها حتى بعفش البيت كله المهم سُترة وخلاص وتخيلوا معي هذا المنظر , فتاة خريجة جامعة أو موظفة في مدرسة أطفال أو حتى حضانة وتخاطب الطلاب والأطفال من خلف حاجز قماش يبلغ أحياناً عشرة وار بالصلاة على النبي ( سُترة ياناس ) لأن كشف وجهها عورة والنظر إلى يديها عورة وحتى صوتها عورة ويستحضرني هنا موقف طريف لأحد أصدقائي حدث له مع والده ذات الميول الإشتراكية , فيقول لي ذات يوم جاءت أمه إلى أبيه لتستأذنه بالذهاب لزيارة إحدى قريباتها فوافق على خروجها لكنه أشترط عليها أن تغطي وجهها بالبرقع واللثام فسأله صديقي لماذا ؟ قال له عيب تخرج كاشفة وجهها فسأله مرة أخرى أنا أموت وأعرف أنت إشتراكي على كيف , فرد عليه أبوه مباشرة أنا إشتراكي صح بس على مكالف الناس مش على مكالفنا !! وعندما تعود لتسأل إحدى النساء المثقفات عن واقع المرأة في هذا المجتمع لاتتردد من إطلاق نهدة عميقة تشعرك بالوجع فتقول لك نحن مضطهدات في المجتمع ونعيش نصف حياة مؤقتاً , وتقول بكل غضب نحن نعيش في مجتمع رجولي يفرض علينا البقاء في الإحتياط لفترة زمنية معينة .
لكن المشكلة الأساسية برأيي معادلة مشتركة بين الجنسين بحاجة إلى حلول تكون توافقية وتناسب الطرفين , فمن غير المعقول أن يقوم الرجل يصرخ في الناس وينظر لضرورة تحرر المرأة فيكتشف بعد شهر أن زوجته قد ذهبت بأطفاله إلى الحضانة بحجة أنها منشغلة هذه الأيام وبحاجة للتفرغ التام لكي تحقق النجاح في وظيفتها ولأن عملها يضطرها لذلك , وربما بعد ذلك يتم تبادل الدور بينهم فيجلس الرجل في البيت لتربية الأطفال والإهتمام بهم بينما تذهب الأم إلى العمل , وهات يامشاكل بينهم . ولكم أن تتخيلوا معي هذه الحالة فتاة تكمل تعليمها الثانوي وتتخرج بمعدل يمكنها من دخول أفضل الكليات ودراسة أندر التخصصات لكنها بطبيعة الحال تكتفي بأداء خدمة سنتين بعد الثانوية في مطبخ البيت وبعد أن تنهي الخدمة تحصل على منحة لإكمال بقية عمرها في بيت زوجها الذي لايقبل أن تكون زوجته خريجة جامعة ( عيب قلك خريجة جامعة ) لأن أول كلمة سمعها من عمه أثناء الخطوبة كانت " إحنا مافيش معانا بنات من حق الجامعة يخارجك ثانوية عامة ولا روح شوف لك عند واحد ثاني " وطبعاً يضطر المسكين يقوله هات الحاصل .
لا أدري ما الذي يجبرني على قول كل هذا خصوصاً أن معظم من سيقرأون هذا الكلام سينط إلى ذهنهم إنما يراد بهذا الكلام زرع فتنة بين الناس والفتنة نائمة ولعن الله من أوقدها , وربما أضطر لشحن كل طاقتي لكي أقنع أحدهم عندما يسألني بالله عليك هل هذا كلام عاقل ( أو حتى مدير قسم ) بينما سأضطر أنا لإبراز نماذج من التاريخ لطبيعة دور المرأة في الإسلام بدءاً من السيدة خديجة رضي الله عنها ودورها في التجارة قبل البعثة أو بعدها مروراً برتل طويل من النساء اللاتي سطرن تاريخ مشرف لازال يذكر حتى الآن , وربما لن أصل إلى مرحلة إقناعه بهذا لأنه بطبيعة الحال قد ترسخ في عقله أن دور المرأة إنما هو الغسل والشطف والتنظيف والخبز وعمل بنت الصحن والمكرونة .
ولكي أكون منصفاً كما يُخيل لي الآن أقول أن المرأة تشارك الرجل في عملية التهميش التي تعاني منه لأنها تقبل أن تلعب دور الكومبارس في كل الأدوار , وتنسى دورها أو تتنازل عنه بحجة الخوف من الخروج عن عادات المجتمع أو لأنها مضطهدة , فالدور هنا يستوجب على الجميع العمل من أجله وفق الثوابت الدينية والتي نص عليها الشرع وليست الثوابت التي نص عليها الشيخ الفلاني أو العالم الفلاني , لأن الثابت الديني أو النص الديني لم يكن في فترة من الفترات دليل إثبات وإدانة ضد المرأة وربما حجة لتجاهل دورها , فمن أين نأتِ بنص شرعي يجيز تهميش وإقصاء نصف المجتمع , أيضاً المرأة تهمش دورها عندما تظل طول عمرها تستجدي من الرجل حقها في المشاركة في الحياة وإعطائها حقها وفرصتها في إثبات وجودها فهذا أيضاً حق لايمكن إستجدائه أو منحه بتفضل , واللي يفطر القلب تماماً حينما تتحول المرأة من دورها الأساسي في بناء المجتمع إلى آلة لهدم المجتمع من خلال إهتمامها الأساسي بأحمر الشفاه والمكياج وأحدث الأزياء فتصبح مجرد عرض إغرائي يفقدها دورها الرئيسي في الحياة وهذا ليس بطبيعة الحال هجوم ضد أحمر الشفاه أو ادوات التجميل فيظن البعض أن هذا قطع أرزاق أصحاب محلات الإكسسوارات .
أخر شي يمكن أن أقوله الآن قبل أن أدخل في عملية شطب وإلغاء وتعميم ونسف هو أن دور المرأة لايقل عن الدور الرجل في شيء إلا في العمل الثقيل في مجال سفلتة الطرقات وبناء الجسور وتشييد المباني وأعمال الحدادة والنجارة وأشياءٌ اُخر فقط أما الباقي كله سهل والطارف من الخلق يستطيع القيام به رجل كان أم امرأة ويكفي مغالطة ياخلق .