شكرا لحادثة السعار الجنسي في وسط البلد



أمنية طلعت
2006 / 11 / 8

أحيانا أشعر باليأس... لا .. ليس أحيانا، ربما كان في الماضي أحيانا ولكن الآن أعترف بأنه أصابني اليأس..ربما مازلت أكتب لأعبر عن ما أشعر به وأنشره للآخرين كي يقرأوه، نوعا من أنواع حلاوة الروح، التشبس بالحياة رغم ثقل وطأ الموت، لكن بالتأكيد أنا لا أكتب اعتقادا بأنه هناك شئ ما سوف يتغير أو أنه هناك من سيتأثر بما أكتبه ويتحرك لفعل شئ، لأنه ولكي أكون واقعية على الأقل مع نفسي، لو أن هناك شيئا يفعل لفعلته أنا من باب أولى.
لماذا نبرة اليأس الشديدة هذه؟ هكذا أنا الآن ومنذ وقت طويل ...ربما أحاول الهروب من فترة لأخرى لكنني في النهاية أقع فريسة لليأس .... السبب في جرعة الاحباط التي أصدرها لكم الآن؟ بالتأكيد هناك سبب.. السبب هو ما حدث في المحروسة أيام العيد وهو ما أسموه حالة السعار أو الهياج الجنسي في وسط البلد .
تابعت الأمر منذ البداية في الجرائد ومواقع الإنترنت وعلى ما هو معروف باسم المدونات أو البلوجرز وقرأت كافة التعليقات التي أتت من قراء أغلبها كان مؤلما بالفعل، فمعظم التعليقات جاءت وكأنها تتشفى في الفتيات والسيدات اللائي وقع عليهن هذا البلاء...في الحقيقة لم أشعر بالصدمة ولكن صعد مؤشر اليأس داخلي إلى معدل مرتفع جدا وشعرت فعلا بأنني مهيضة الجناح.
لن أرفع صوتي بالدفاع عن حق المرأة في الشارع وحقها بأن تلقى فيه كل حماية مثلها مثل الرجل أو على الأقل مثل البشر الطبيعيين، لن أتحدث عن حق المرأة في أن ترتدي حجاب أو لا ترتدي ولن أتحدث عن تابو جسد المرأة وشرفها الذي علق العرب جميعا عليه سر نهضتهم المأمولة في المستقبل( فعندما تتغطى النساء سوف تنهض الأمة) ... لن أتحدث عن أي شئ من كل هذا فقط أعلن أنني أصبحت متأكدة مائة في المائة أننا لن تقوم لنا قائمة ولا بعد مليون سنة .
لذلك وبعد أن تأكدت من هذا الأمر أعلن أنني سوف ألعب بالقليل من الأموال التي لدي في البورصة (رغم أنها خربانة) وسوف أذهب لأبحث عن أحد الأثرياء ليتزوجنى حتى لو كان عرفي أو مسيار أو غيره، ليس مهما، المهم أن يغدق بالأموال جيدا وأتمكن من أن ألحق ما تبقى من شبابي وأرتدي أفخر الثياب وأستخدم أرقى العطور وأعرف طريق الذهب الذي لم أتعرف عليه من قبل غير في دبلة الزواج (الذي فشل هو الآخر) .
أعلن بأنني سأتوقف عن القراءة والكتابة والإخلاص في العمل من التاسعة صباحا وحتى الثامنة مساء، وسأرتدي النقاب ومن أسفله أفخر أنواع اللانجري النسائي، تلك الحريرية الملساء ذات الدانتيل الساحر على الأطراف، وٍاذهب إلى الصالون النسائي كل يومين على الأكثر لألمع جسدي وأدهنه من أجل الرجل الذي سيدفع مقابل ما سيأخذ وبصك شرعي رسمي أفتى به رجال الدين الذين يدلوننا نحو طريق الجنة.
أعلن بأنني سأحجز مقعدي في صفوف الحور العين منتظرة الفحل الذي سأكون ضمن المائة ألف حورية، نصيبه نظير إخلاصه في أداء الحج والعمرة كل عام، والصلاة على وقتها وتربية اللحية وقص الشارب وعدم مصافحة النساء (فقط افتراسهم بورقة) وعدم لمس الخمر أو حتى معرفة من يلمسها.
أعلن أنني سأكون مواطنة عربية مسلمة عن جدارة، فما الذي فعلته طوال سنين عمري السابقة سوى تعب القلب في مناقشة حرية المرأة وحرية البشر بشكل عام، ما الذي كسبته من تعب القلب من أجل الديمقراطية ورفع قيمة العلم على الدجل وثقافة الجهلاء ...لا شئ ...فقط أتمنى عليكم أن تدعوا لي بأن ألحق بقطار الحريم قبل أن يفوتني فلا أخفيكم سرا أنني اقتربت من المنطقة الحمراء.
في الحقيقة أنا بالفعل ممتنة لهؤلاء الشباب الذين هجموا على الفتيات في وسط البلد، ممتنة لكل أصحاب التعليقات التي كنت أشمئز منها أيام غشاوتي وغباوتي ...شكرا لكم جميعا فلقد أفقت على الحقيقة وهي أنني طالما لم أجد وسيلة للخروج من المنطقة العربية إلى البلاد المحترمة فعلي أن أقبل بقانونها وأستفيد منه ... ونصيحة لكل من تنتمي لنون النسوة ...انسي حقوق المرأة فقط فكري فيما سوف تحصلين عليه من الرجل وجيبه ...هكذا هم يريدون فامنحوهم إياه.
التوقيع :
من كانت في يوم من الأيام أمنية